الرأي العام

إعلان أوجلان: العمال الكردستاني.. بين تركة الأسد وتركيا ونفوذ إيران

الدور الأخطر الذي يلعبه الحزب الآن هو في سوريا من خلال قوات قسد التي تسيطر على قرارها قيادة جبال قنديل التي باتت حليفا للنظام الإيراني

أسامة المصري – العربي القديم

 47 عاما مضت على تأسيس مجموعة من الشباب الأكراد في تركيا لحزب العمال الكردستاني كأحد آخر التنظيمات اليسارية على المستوى الدولي والإقليمي فخلال عقد السبعينيات من القرن الماضي تشكلت عدة تنظيمات يسارية سواء كانت عسكرية أو سياسية كالجيش الأحمر الياباني والألوية الحمراء في إيطاليا وصولا إلى جماعة بدر ماينهوف في ألمانيا، كما تأسست في سوريا رابطة العمل الشيوعي بنفس الفترة، وهذه التنظيمات تبنت خطابا سياسيا ونهجا ماركسيا راديكاليا، بالطبع انتهت هذه التنظيمات العسكرية والسياسية منذ زمن، فهي أتت في مرحلة كان العالم منقسما إلى معسكرين ولم يتبناها المعسكر الشرقي ولم يقدم لها الدعم بينما كان المعسكر الغربي قادرا تقنيا ومخابراتها القضاء على هذه الجماعات.

 حزب العمال الكردستاني الذي تأسس ضمن بمناخ سياسي على المستوى العالمي مع نهاية مرحلة حركات التحرر الوطني التي تبنت الماركسية في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية مع ملاحظة أن القضية الكردية لم ينظر لها المجتمع الدولي عبر تاريخها الطويل كقضية حق وتجاهل مطالب الأكراد في إقامة دولة تضم هذا الشعب الموزع على أربعة دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا ورغم كل المحاولات الكردية في ايجاد تحالفات لنصرة قضيتهم إن كان في المعسكر الشرقي وما يسمى بالعالم الحر، وباءت كل المحاولات بالفشل، وتعتبر  والقضية الكردية من أخطر القضايا التي لم يعرها المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة أي اهتمام رغم أن الأكراد كبقية شعوب العالم لهم الحق في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة، على أراضيهم.

إعلان أوجلان

في مناخ سياسي يمهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحلفاؤه لرسم وبناء تحالفات سياسية في محاولة لإعادة انتخابه في صورة جديدة لتركيا، الانتخابات الرئاسية المقبلة، أعلن زعيم الحزب التاريخي عبدالله أوجلان من داخل سجنه عن حل الحزب والتخلي عن حمل السلاح، وأوجلان سبق أن أعلن عن وقف العمليات العسكرية بعد اعتقاله وانسحب مقاتلوه إلى شمال العراق والتزم الحزب بوقف اطلاق النار حتى عام 2004.

حكمت السلطات التركية على أوجلان بالإعدام عام 1999 قبل ان يتحول إلى المؤبد. لكن مع ذلك فقد استمر كوادر الحزب في مناطق تواجدهم بنشاطات الحزب السياسية. لكن مأساة هذا الحزب كانت ومازالت بسبب التأثيرات الإقليمية فهو متواجد بين أربعة دول ثلاثة منها تتحكم بمصيره بينما الرابعة تخوض المعارك ضده وتحاول القضاء عليه على مدى هذه السنوات الطويلة من وجود مقاتليه شمالي العراق.

الحزب والأسد

استثمار حافظ الأسد في حزب العمال الكردستاني جاء ضمن إطار سياسة الأسد التي بدأها منذ توليه السلطة عام 1970 حيث فتح أبواب دمشق لكل أنواع المعارضات من قوى وشخصيات سياسية عربية من العراق وفلسطين والأردن وتونس وصولا إلى المغرب ودول الخليج العربي في محاولته لابتزاز أي من هذه الدول عند الحاجة، وأتى فتح الباب أمام حزب العمال الكردستاني ليتواجد في سوريا ضمن هذا السياق لابتزاز جارته تركيا الدولة الأقوى في المنطقة وعضو حلف الأطلسي لكنه وقع في شر أعماله هذه المرة وبدأ بالبحث عن طوق نجاة بعد تهديد تركيا باجتياح عسكري لسوريا بسبب عمليات حزب العمال الكردستاني التي اوجعت وقتلت عشرات الآلاف على مدى سنوات، وقبل ان يتحرك المارد التركي لتقويض حكم الأسد عام 1998 تحرك الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك ونزع فتيل الأزمة وأنقذ الأسد بعد أن اتخذ قراره بطرد عبدالله أوجلان من سوريا والذي فر إلى قبرص في 9 أكتوبر(تشرين الأول) 1998 ومن ثم توجه إلى اليونان وروسيا وإيطاليا وكانت محطه الأخيرة كينيا قبل أن تقبض عليه تركيا بعملية استخبارية في فبراير (شباط )1999 وتعيده إلى تركيا وتحكم عليه بالإعدام ومن ثم المؤبد ويقبع بالسجن إلى الآن.

حافظ الاسد سمح لحزب العمال الكردستاني بعقد مؤتمر في سوريا عام 1981 حضره ستون عضوا من الحزب وبعد المؤتمر طلب الأسد خروج كوادر الحزب إلى شمال العراق، وفي عام 1984 عقد الحزب مؤتمر ثاني في سوريا أيضا وبعدها انطلق لشن عملياته العسكرية في تركيا وفي تلك الفترة وبعد اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 أحكم الأسد سيطرته على البقاع والشمال اللبناني وسمح لحزب العمال الكردستاني بإقامة قواعد عسكرية في البقاع كما سمح للحرس الثوري الايراني قبل ذلك، ونشط حزب أوجلان طيلة هذه السنوات عسكريا وسياسيا تحت جناح الأسد الذي قدم له كافة التسهيلات والدعم العسكري واللوجستي وعندما أصبح عبئا عليه قرر طرده. وألقت المخابرات التركية القبض عليه في مطار العاصمة الكينية نيروبي في فبراير (شباط) 1999 أي بعد أربعة أشهر من بحث أوجلان عن دولة تمنحه حق اللجوء لكن دون جدوى، (وهو أمر مخزي بأن يرفض الجميع منحه اللجوء) وبالطبع أغلقت معسكراته في لبنان وأسدل الأسد الأب الستار عن جريمة أخرى من جرائمه التي لا تحصى، ونام قرير العين سنة وأربعة أشهر أخرى قبل أن ينام نومته الأبدية في 10 يونيو (حزيران)عام 2000.

(GERMANY OUT) Oecalan, Abdullah *04.04.1949-Politiker, TuerkeiVorsitzender der PKK 1978-2002- der Generalsekretär der Kurdischen Arbeiterpartei (PKK) inspiziert seine bewaffneten Guerillas- September 1991 (Photo by Bonn-Sequenz/ullstein bild via Getty Images)

الحزب والثورة

مع اندلاع الثورة السورية عاد حزب العمال الكردستاني إلى الواجهة من جديد عبر الأسد الابن هذه المرة فقد سلم نظام الأسد الابن مناطق التواجد الكردي إلى الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المعروف باسم حزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة صالح مسلم والذي لعب عدة أدوار في الحراك السوري من انضمامه إلى هيئة التنسيق الوطنية ومن ثم تحالفاته مع أحزاب كردية إلى تحالف مع نظام الأسد وإيران وروسيا لكن الثابت أن هذا الحزب كان أحد أذرع النظام البائد في قمع السوريين في الشمال في مدن الحسكة والقامشلي وعامودا، وعام 2013 ارتكب مجزره في عامودا وقتل مواطنين أكراد كانوا يطالبون الحزب بإطلاق معتقلين، كما وجهت له الاتهامات في اغتيال المناضل مشعل التمو زعيم تيار المستقبل الكردي الذي كان معتقلا لدى نظام الأسد وبعد اطلاق سراحه اغتيل في اكتوبر (تشرين الأول) 2011، والشهيد مشعل كان يقود حراكا ضد النظام الأسد تأييدا للثورة السورية.

نشرت جريدة زمان الوصل تقريرا بتاريخ 5 ابريل (نيسان) 2015 ونقلت عن لسان سعيد عمر مسؤول مكتب العلاقات الوطنية بالحزب الديموقراطي الكردستاني في سوريا تأكيده أن حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديموقراطي في حلف مع نظام الأسد وروسيا وإيران.

وأكد عمر لـ “زمان الوصل” وجود اتفاقية أمنية مؤقتة بين النظام لحماية الأخير وقمع مناهضوه، وبالفعل قمع المظاهرات في عفرين والقامشلي والمالكية واعتقل خيرة الشباب وخطف الناشطين ونفى بعض القياديين إلى إقليم كردستان العراق.

وقال عمر ان موظفو ما يسمى بـ “كانتونات الإدارة الذاتية” يتقاضون رواتبهم من نظام الأسد الذي سلمهم أسلحة ثقيلة بينها دبابات.

المشهد السياسي

يأتي قرار زعيم حزب العمال الكردستاني بحل الحزب وإلقاء السلاح مع دخول المنطقة في مرحلة أفول مشروع الولي الفقيه ونظام الأسد الأب والابن كأحد حلفاء إيران في مشروع ما أطلق عليه بالهلال الشيعي. لنحاول إلقاء نظره على المشهد الذي قد يسدل الستار عن الحزب بعد 47 من نشاط هذا الحزب متحولا في سياقه إلى ورقة لعب بها حافظ الأسد وأداة بيد ابنه ومن ثم إيران، بالرغم أن الحزب انطلق بأهداف قومية وقضية عادلة مع بدايته، إلا أنه تحول إلى أداة في أيدي أنظمة دموية واستخدمته في قمع الثورة السورية ومحاربة (داعش نوري المالكي وايران) كما انتفاضة الشعب الإيراني، ولا ندري إلى الآن ما سيكون موقفه من مستقبل سوريا.

عبد الله أوجلان وقيادات حزب العمال الكردستاني مع جميل الأسد

فرع إيران

الجناح الأهم لحزب العمال الكردستاني حاليا هو الجناح الإيراني الذي أطلق على نفسه حزب الحياة الحرة الكردي (بيجاك) تأسس كقوة عسكرية عام 2004 بقيادة عبد الرحمن حاجي ‌أحمدي في مناطق نفوذ حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في أقصى شمال العراق بمحاذاة المحافظات الإيرانية الغربية ذات الغالبية الكردية بعد عام من الاحتلال الأمريكي للعراق.

لدى هذا الحزب جناح سياسي وآخر عسكري يطلق عليه اسم “قوات شرق كردستان”. وتقدر أعداد مقاتليه حوالي ثلاثة آلاف مقاتل إضافة إلى أكثر من 25 ألف عضو ينتظمون ضمن خلايا العمل السري داخل إيران بحسب تقارير صحفية.

ويرأس الحزب سيامند معيني الذي وضع نفسه تحت تصرف نظام الملالي عام 2022 في مواجهة انتفاضة الشعب الإيراني وذكرت تقارير اخبارية في ذلك التاريخ عن سيامند معيني رئيس الحزب القول “أنه مستعد

للتنسيق مع الحكومة الإيرانية إذا ساءت الأوضاع في إيران واستعادة الاستقرار والدفاع عن المدن الكردستانية وعدم السماح لأي قوى أخرى بالسيطرة عليها.

وكشف الكاتب والمراقب السياسي حامد كوهري لموقع (نيرنا آزاد) أن قوة من حزب العمال الكردستاني يقودها اثنان من كوادر الحزب دخلت كردستان إيران لمساعدة القوات الإيرانية في قمع الاحتجاجات.

وقال كوهري لوكالة باسنيوز الكردستانية أنه تم نقل قوة من الحزب بقياد هفال عكيد ومتين ديرسمي إلى إيران لمساعدة قوات الأمن الإيرانية لقمع المحتجين.

مؤكدا أنه منخرطون في قمع المتظاهرين كما أنهم يقومون بنفس المهام التي تقوم بها الجماعات الآتية من خارج إيران مثل عناصر حزب الله اللبناني والحشد الشعبي.

رجل أنهكه السجن

بعد إعلان أوجلان عن حل الحزب والقاء السلاح لابد من الإشارة إلى أن زعيم الحزب التاريخي والمؤسس والرمز لم يعد له أي دور في قرارات الحزب، وواضح أن قرار حل الحزب أتى من رجل أنهكه السجن ولم يأخذ أي شيء مقابل هذا الإعلان سوى وعد بالإقامة الجبرية وليس إطلاق السراح، فلا السيد أوجلان نيلسون مانديلا  مع كل الاحترام والتقدير لهذا الرجل الذي يجب أن يطلق سراحه دون شروط، ولا الرئيس أردوغان، فريدريك دوكليرك الذي أطلق مانديلا من سجنه والغى نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا وأجرى انتخابات فاز بها مانديلا وتسلم رئاسة البلاد، فأردوغان كما بقية حكام الاستبداد الشرقي، يلفق التهم لخصومه السياسيين ومنافسيه من الأتراك لإقصائهم وزجهم في السجون فكيف له أن يعفو عن أوجلان.

 مع إعلان أوجلان عبر الأكراد في قراهم ومدنهم وأماكن تواجدهم عن فرحهم بهذا القرار رغم أنه أتى بعد 47 من تأسيس الحزب الذي رفع شعارات وحدد أهداف لم يحقق منها شيء سوى خسارة الشعب الكردي لعشرات الآلاف من الضحايا الذين قتلوا، فيما لا يزال بعض الشباب الكردي ينساق وراء هذه الشعارات ويدفع حياته من أجلها نرى ان القادة الذين تربعوا على عروش جبال قنديل وأصبحت مئات الملايين من الدولارات وربما المليارات بين أيديهم لا يعنيهم لا إعلان أوجلان ولا معاناة الشعب الكردي إن كان في العراق حيث يرزح الأكراد تحت سلطة حزبين فاسدين مرتبطين بسلطة مركزية أكثر فسادا وعنصرية وطائفية، بينما الشعب الكردي في ايران يعيش ظروف الفقر والإذلال كبقية الشعوب الإيرانية بظل سلطة قمعية دينية قروسطية، وفي سوريا يعيش المواطنون الأكراد تحت حكم ميليشيات قسد  بتحالف مع مجالس عشائرية وشخصيات سياسية من المرتزقة العرب السوريين محرومة من أبسط وسائل العيش الكريم وأولويات الحياة، بينما نجد الأكراد في تركيا يعيشون كبقية الشعب التركي حياة يمكن القول عنها أنها حياة كريمة رغم كل الملاحظات التي يمكن تسجيلها على سلطات أردوغان القمعية إلا أنها لا تطال عامة الشعب.

الفرع السوري

لكن الدور الأخطر الذي يلعبه الحزب الآن هو في سوريا من خلال قوات قسد التي تسيطر على قرارها السياسي القيادة المتمركزة في جبال قنديل والتي باتت حليفا للنظام الإيراني كرأس حربة له في سوريا بعد انهيار نظام الأسد وخروج ميليشيات إيران من سوريا إلى العراق والتي تتمركز حاليا في معسكر أشرف شمال شرق بغداد فيما يتمركز ضباط الأسد وجنوده الذين فروا من سوريا في معسكر التاجي إلى الشمال من بغداد.

تأسس الجناح السوري للحزب بعد أكثر من خمس سنوات على اعتقال أوجلان بينما تأسس الجناح الايراني بعد حوالي خمسة عشر عاما ورغم ولاء كلا الحزبين لأوجلان إضافة الى الحزب الاساسي التركي الذي أسسه أوجلان لكن اعتقاله  27 عاما ترك فراغا وأصبح لقادة الحزب بأجنحته الثلاث مصالح وأجندات وارتباطات إقليمية ودولية وأهمها التحالف مع أمريكا يجعلها بعيدة كليا عن أهداف أوجلان وحزبه الذي تأسس قبل 47 عاما ومن غير المتوقع أن ترضخ معظم القيادات المتمركزة في جبال قنديل وهم مراد كارايلان، وجميل بايك، ودوران كالكان لنداء أو قرار أوجلان في ظل التقدم التركي على حساب التراجع الايراني فيما يبدو أن تحالفا جديدا بدأ يظهر قد يبدل قواعد اللعبة في الشرق الأوسط ورغم أن صالح مسلم أكد أنه سيلتزم بقرار أوجلان وقال مسلم في تصريحات لقناة العربية: هذه الدعوة لم تخرج عن الإطار المتوقع مسبوقاً، وهو أن الظروف التاريخية لبدء الكفاح المسلح وحمل السلاح كان في إطار الدفاع المشروع عن الذات، وإذا توفرت الحماية للمجتمع وأفسح المجال أمام الحزب لتنظيم نفسه فلن يبقى هناك حاجة للسلاح، مدعيا انه حمل حزبه السلاح للدفاع عن النفس، فيما أكد قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي “أن إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان يتعلق بحزب العمال الكردستاني فقط ولا علاقة له بنا في سوريا”.

القيادات الكردية

وقال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، إن السلام هو “السبيل الصحيح الوحيد لحل الخلافات”، وذلك تعليقا على دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان.

وأعرب بارزاني في بيان عن أمله بأن “تكون رسالة أوجلان بداية لوضع عملية السلام في مسارها والتوصل إلى نتيجة تصب في مصلحة جميع الأطراف”.

وقبل ذلك رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، برسالة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي دعا خلالها حزبه لنزع السلاح وحل نفسه، ووصف بارزاني في بيان الخطوة بأنها “مهمة نحو تحقيق السلام والحل السلمي في المنطقة”.

خلافات محتملة

أخيرا اعتقد أن إعلان اوجلان قد يفتح الباب أمام خلافات جديدة داخل الصف الكردي في الساحة السورية وداخل قسد كما قد يشكل بداية الخلاف بين قادة إقليم كردستان العراق مع قيادة قنديل التي تتحكم بقرار حزب العمال الكردستاني في جميع الساحات وباتت حليفة للنظام في طهران الذي يتعرض لضغوط دولية وهناك خشية حقيقة من انهيار النظام الذي في حال حصوله سنكون أمام مرحبة جديدة في الشرق الأوسط، لكن يبقى الباب مفتوحا على جميع الاحتمالات في هذه المنطقة التي باتت محط انظار المراقبين وخاصة ان المسألة جدا معقدة إن كان في سوريا أو العراق، خاصة أن حزب الاتحاد الوطني بقيادة الطالباني وهو أحد حلفاء إيران بات يلعب دورا بالوكالة عن نظام الملالي إن كان في ما يخص الأكراد أو ما يخص العراق الذي يتعرض لضغوط أمريكية للابتعاد عن إيران وحل الميليشيات الموالية لها.

لمحة تاريخية

بقي أن نقول أن الجبال والسهول في بلاد ما بين النهرين، التي تمتد عبر جنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا، وشمال العراق وشمال غرب إيران، وجنوب غرب أرمينيا كانت موطنا تاريخيا للشعب الكردي، منذ آلاف السنين، ويؤكد بعض المؤرخين أنهم امتداد للميديين الآريين، والمؤرخ الكوردي محمد أمين زكي يقول في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكوردستان) بأن الميديين وإن لم يكونوا النواة الأساسية للشعب الكردي فإنهم انضموا إلى الأكراد وشكلوا الأمة الكردية.

هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلاد من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقروا في الشمال الغربي من إيران وأسسوا مملكة ميديا.

والأكراد الذين لا يمتلكون دولة تجمعهم يقدر عددهم بأكثر من 45 مليون نسمة، يتوزعون على أربعة دول، وعاش الأكراد تحت حكم الإمبراطورية العثمانية مئات السنين، وعندما انهارت الإمبراطورية بعد الحرب العالمية الأولى، حاولت الزعامات الكردية تأسيس وطن قومي في أماكن تواجدهم ووعد الحلفاء المنتصرين بذلك من خلال معاهدة سيفر عام 1920، لكن تم تجاهل الوعود واستبدلت المعاهدة في عام 1923 بمعاهدة لوزان، التي حددت حدود تركيا الحديثة ولم تتضمن أي نص بشأن إنشاء دولة كردية.

ترك الأكراد أقلية في جميع البلدان التي يعيشون فيها على مدى أكثر من مائة عام مضت، وتم احباط محاولات الأكراد لتأسيس دولتهم القومية المستقلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى