السويداء تحترق… فمتى تُطفأ البنادق ويُفتح باب الحوار؟!
هل يعقل أن تكون لغة السلاح هي ما تبقى لنا لنُعبّر بها عن مطالبنا؟

سامي زرقة- العربي القديم
بين تلال السويداء الوادعة، حيث طالما عاشت الجبال على أصوات الحكمة لا الرصاص، تشتعل اليوم نيران الاشتباكات، ويتطاير الشرر بين إخوة في الوطن، شركاء في الألم، وأبناء ذاكرة واحدة.. ليست هذه الحرب حرب حدود، ولا مواجهة بين حق وباطل.. إنها مرآة مكسورة تعكس هشاشة الواقع السوري برمّته.
ما يجري في السويداء هو نُذُر انفجار داخلي لا رابح فيه بل الكل خاسرون.. بنادق تُرفع باسم الأمن، وخنادق تُحفر باسم الحماية، وأبرياء يُقتَلون باسم “الكرامة” و”السيادة”.. وكل ذلك في بلد أنهكته سنوات من الحرب، ولم يبقَ فيه للرصاصة مكان إلا في كتب التاريخ.
لكن، هل يعقل أن تكون لغة السلاح هي ما تبقى لنا لنُعبّر بها عن مطالبنا؟
وهل يجوز، بعد كل ما خسرناه، أن نعيد اجترار وهم “الانتصار” على حساب شعبٍ متعب؟
سوريا، كل سوريا، تحتاج اليوم إلى وقفة ضمير لا وقفة سلاح.
ما من مستقبل يُبنى على الدم، ولا عدالة تُولد من فوهة بندقية.
إن ما يحتاجه السوريون – في السويداء كما في سائر المحافظات– هو دولة قانون، لا دولة تسويات مسلّحة.. هو قضاء نزيه، لا قناص ماهر.. هو وطن يجمع، لا سلاح يفرّق.
وما من طريق إلى ذلك إلا بالحوار الوطني الجامع، الذي لا يُقصي أحداً ولا يستثني أحداً، على قاعدة المواطنة والعدالة والتشاركية.
المعادلة واضحة: إما أن نغلق حلقة العنف، ونفتح باب المصارحة والمصالحة، وإما أن نُعيد تدوير الخراب تحت شعارات مختلفة.
وللسويداء –أرض الكرامة والحكمة– نقول: أنتم أهل العقل، فلا تُغلبوا السلاح على الصوت، ولا تسمحوا أن يُسرق صوتكم باسمكم.
فليكن هذا الجمر المتطاير دعوة عاجلة لعودة العقلاء، ولتكن دماء الأبرياء آخر ما يُسفك على مذبح الانقسامات الداخلية.
فلا فجر حقيقي في سوريا… إلا حين تُطفأ البنادق، وتُفتح القلوب.