الصحافة العالمية

اللوموند تكشف الأسرار والأرقام: اقتصاد إسرائيل يواجه ضربات غير مسبوقة!

ترجمة وإعداد: وسنان الأعسر

قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن اقتصاد إسرائيل يستعد لمواجهة اضطرابات غير مسبوقة، تحت ضربات الحرب التي أعقبت عملية “طوفان الأقصى” لمقاتلي “حماس” في السابع من تشرين الأول الجاري .

كيف لا يعاني الاقتصاد؟

أفردت الصحيفة تقرير موسعا لشرح الكوارث التي يقبل الاقتصاد الاسرائيلي على مواجهتها، مشيرة إلى أنه منذ هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تأثرت جميع القطاعات في إسرائيل، بما في ذلك البناء والزراعة والنسيج، جراء نقص العمالة. كما تأثر كل شيء على الواجهة البحرية لتل أبيب، وتوقف موقع البناء الرئيس لفندق ماندارين أورينتال الفاخر، وباتت الرافعات مهجورة، حيث أن ما يقرب من 80 % من المشاريع قيد الإنشاء باتت مشلولة

اللوموند كشفت أن نحو 140 ألف فلسطيني من الضفة الغربية يحملون تصاريح عمل، ويعملون بشكل رئيس في البناء، قد منعوا من دخول إسرائيل منذ بداية الهجوم على غزة، وفي المدن الكبرى لم تتم إعادة فتح ثلث المطاعم بسبب نقص العمالة، بل وحتى الزبائن، في حين أن الهجمات التي تنفذها “حماس” تلقي بظلالها على استهلاك المجتمع الإسرائيلي الذي يواجه الصدمة. وتم تهجير 160 ألف شخص، لتخلص الصحيفة إلى التساؤل: فكيف لا يعاني الاقتصاد؟

تأثر شركات التكنولوجيا الذكية

وفيما يتعلق بشركات التنكولوجيا الذكية التي تفتخر بها إسرائيل، تقول الصحيفة أن هذه الشركات، شهدت هي الأخرى انخفاض قوتها العاملة بنسبة 10 إلى %15 في حين تمت تعبئة نحو 360 ألف جندي احتياط من قبل الجيش، أي ما يعادل %10 من السكان النشطين. فكم من هذه الشركات الناشئة، في قطاع يساهم بنحو %18 من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سيتمكن من البقاء؟!

وتنقل الصحيفة عن (فريديريك سمامة)، وهو مستثمر فرنسي مقيم في تل أبيب، قوله: “تم تجميد جميع عمليات جمع الأموال، ومن الواضح أن القطاع الاقتصادي برمته في أزمة. ورأت الصحيفة أن الصعوبات الاقتصادية في إسرائيل بدأت قبل وقت طويل من “طوفان الأقصى”، حيث شهدت شركات التكنولوجيا العالية انخفاضاً في جمع الأرباح بمقدار ثلاثة أرباع على مدار عام، إلى 873 مليون دولار فقط في الربع الثاني من العام الجاري.  لكن، وفقاً للصحيفة، تعبئة العديد من الموظفين في هذا القطاع بالجيش، وغالباً ما يكون أصغرهم سناً، وخبراء في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، يقوض هذا النشاط، حيث يجد ما بين 20 إلى %30 من الإسرائيليين أنفسهم على الجبهة، بحسب السيد سمامة.

 وقال ت “لومون د”: إن تداعيات تعبئة الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش، حيث لا يتم تجنيد عرب إسرائيليين ولا يهود أرثوذكس، تؤثر على الاقتصاد برمته . وتنقل الصحيفة عن (نادين بودو تراغتنبرغ)، النائب السابق لمحافظ البنك المركزي الإسرائيلي، وأستاذة الاقتصاد في جامعة (رايخمان) في تل أبيب، قولها: “النشاط المهني لأزواج جنود الاحتياط يتعطل لأنه يتعين عليهم رعاية الأطفال، خاصة في بلد يرتفع فيه معدل المواليد، بمتوسط ثلاثة أطفال لكل امرأة”. وقالت الصحيفة: مع اتساع العجز في الميزانية لمواجهة الإنفاق العسكري، يستعد الاقتصاد الأكثر تطوراً في الشرق الأوسط للمرور بفترة من الاضطراب لم يسبق لها مثيل.

تداعات إقليمية تطال اقتصادات مجاورة

واعتبرت تراعتنبرغ أن هذا التباطؤ قد تكون له تداعيات إقليمية، مشيرة إلى أنه خلال منتدى الرياض، الأربعاء الماضي، أشارت مديرة صندوق النقد الدولي، كريس تالينا جورجييفا، إلى أن الحرب بين إسرائيل و”حماس” تؤثر بالفعل على الاقتصادات المجاورة، مثل مصر ولبنان والأردن.

الصحيفة تطرقت إلى التوقف التام للنشاط أيضاً في جنوب إسرائيل، بالقرب من قطاع غزة، في هذه المنطقة الزراعية التي تنتج %15 من إنتاج الحليب في البلاد، تماماً كما هو الحال في المناطق الواقعة إلى الشمال، بالقرب من الحدود مع لبنان، حيث يتم حشد قوات “حزب الله” الموالية لإيران.  وقد طالب العديد من الموظفين الأجانب، من التايالنديين بشكل خاص، الذين عملوا في قطاع الزراعة أو النسيج، العودة إلى وطنهم خوفاً من الحرب.  وأشارت الصحيفة إلى تساؤلات بدأت تراود المشغلين الإسرائيليين حول العمالة العربية “الفلسطينية” ونقلت الصحيفة عن (آلان براس كييه) وهو رجل أعمال فرنسي إسرائيلي، قوله: “لقد بدأ الشك في الظهور”.

صدمة الحرب

(لوموند) أوضحت أنه مع التأكيد على سياق “عدم اليقين الكبير” والاحتفاظ بفرضية حرب محدودة بالقرب من غزة، عدلت “بي سي آي” توقعاتها للنمو في ً إلى %2.3 لعام 2023 متوقعة تفاقم عجز الميزانية في إسرائيل نزولا عند .%2.3 ونقلت عن الخبير الاقتصادي في الجامعة العبرية بالقدس (ميشيل ستافزينسكي) قوله: إن “حجم الأزمة الاقتصادية سيعتمد على مدة الصراع”. واعتباراً من 9 تشرين الأول أكتوبر الجاري، اشترى البنك المركزي الإسرائيلي ما قيمته 30 مليار دولار من عملته (الشيكل) من أجل وقف الانخفاض في سعر صرف العملة الإسرائيلية، كما طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس تمديد الميزانية التي تتضمن حزمة مساعدات لإسرائيل بقيمة 14.3 مليار دولار ، بما في ذلك 10.6 مليار مخصصة للتسليح.

واعتبرت (لوموند) أن دور الحكومة الإسرائيلية في حماية الاقتصاد من صدمة الحرب أمر بالغ األهمية، إذ تم الكشف عن خطة دعم ضخمة بأكثر من مليار يورو، “أكبر وأوسع مما كانت عليه خلال كوفيد”، ستشمل لأول مرة كافة القطاعات وجميع مناطق البلاد. غير أن الوضع السياسي الهش سيشكل عائقاً خطيراً أمام هذه الخطة؛ وتكشف أنه تم تقليص الوزارات حتى يتمكن شركاء التحالف الحاكم من الحصول على وزارة واحدة، الأمر الذي يبطئ التنسيق الضروري لإعادة الإعمار.

وخلصت اللومود أخيرا  إلى أن الأزمة ستكون مكلفة، فيما تراقب وكالات التصنيف الدين العام في إسرائيل، خصوصاً في ظل المخاوف من توسع الصراع.

زر الذهاب إلى الأعلى