عائلة الأسد من القصور الى مزابل التاريخ
انهارت خطوطه الدفاعية الواهنة كبيت العنكبوت، وتخلى الحلفاء القتلة عن إسناد جيش منهار
فاضل المناصفة – العربي القديم
53 سنة كاملة من حكم آل الأسد انتهت اليوم و بدأ معها عهد جديد أشرق بنوره على سراديب معتقلات الظلام والعذاب بعد أن فتحت الأقفاص الموجودة فوق وتحت الأرض. كان صباح اليوم يوما استثنائيا في تاريخ سوريا والسوريين بكل ألوانهم وأطيافهم، ليعلن نهاية كابوس جثم على قلوب الأبرياء والوطنيين و سلبهم حريتهم من أجل أن تحيا ثلة من المجرمين واللصوص والقتلة اختزلت اسم سوريا في لقب عائلة عديمة الإنسانية .
استيقظ الدمشقيون باكرا على أصوات التهليل والتكبير من المساجد وتزمير السيارات في شوارع وسط دمشق وساحاتها، إيذانا بفرار طاغية وسقوط نظامه الدموي. فتحت السجون على مصراعيها لتلامس الحرية تلك الأجساد النحيلة المريضة بعد أن قضت سنين طويلة معزولة عن الحياة ومستنشقة ومقتربة من الموت في كل لحظة .
سقط الأسد بسيناريو لم يكن يتوقه أحد، بعد أن انهارت خطوطه الدفاعية الواهنة كبيت العنكبوت، وتخلى الحلفاء القتلة عن إسناد جيش منهار ينحسب بلا قتال، بعد أن انتهت لعبة التحالفات التي أبقته في الحكم 14 سنة اقترف فيها أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث، وفر هاربا على متن طائرته تاركا الجمل بما حمل وتنكر لجميع من هتفوا باسم نظامه من دون أن يترك لهم رسالة شكر على خدماتهم في تبيث حكم عائلته الدموية ليواجهوا مصيرهم بعد أن قضي الأمر وعادت سوريا الى السوريين الحقيقيين.
تحطم الأسد وحلق علم الثورة (لوحة مصطفى يعقوب)
الأسد الذي كان يخاطب السوريون من على منبر مصنوع من جماجم الأبرياء رحل بعد أن انتهت لعبة التحالفات التي مكنته من الحفاظ على حكمه المترهل معزولا منبوذا منعوتا ب ” المجرم الدموي “، وأكد برحيله الذي تم في جنح الظلام بأن الطغاة يفرون بجبن لينفذوا بجلذهم من ثأر ضحاياهم ليتركوا للتاريخ أن يسرد على الأجيال القادمة بان نهاية طغيانهم وجبروتهم إنتهى بطريقة مخزية.
بشار الأسد الذي عمر طويلا وعزز أركان وأسس جمهورية الطغيان والإستبداد التي ورثها عن والده حافظ الأسد، ربما قد يكون أفلت من محكمة الأرض بفراره من روسيا لابد أن يواجه محكمة السماء يوما ما ليدفع فاتورة ضخمة من الدماء التي أزهقت في سبيل أن يستمر الجلاد في حكم البلاد بسلطان الخوف، اليوم إنتهى كل شيئ وسقطت الأصنام في الميادين لتداس على الأقدام .
تعجز الألسنه عن وصف ما وثقته كاميرات الهواتف أمام السجون بعد أن كسرت الأقفال من القبور الإسمنتية التي قضى فيها أحياء أموات سنين طويلة، مشاهد النساء والأطفال في سجن صيدنايا وهم يغادرون الزنازين وعلامات الإستعجاب تتمزج بعلامات الفرحة هي أجمل اللحظات الإنسانية وأبهى صور الحرية والإنعتاق من نظام سلب البلاد والعباد .
على السوريين أن يأخدو وقتهم الكافي في هذه اللحظة التاريخية للتعبير عن مشاعر الفرحة بتحرير بلادهم من قبضة نظام الأسد، وأن يجعلوا من يوم تحرير دمشق وفرار بشار في الثامن ديسمبر كانون الأول 2024، عيد ميلاد سوريا الجديدة التي دفنت أسوأ حقبة في تاريخ بلد عظيم، لابد أن تكون المرحلة القادمة عنوانا لعهد جديد يضمد جراح الماضي وتضحيات جميع من هتف بحياة سوريا وسقوط نظام الطغيان. لابد أن تكون سوريا الجديد دولة ديمقراطية تحفظ الحقوق وتصون العهود وتعبد الطريق لمسار سياسي جديد بعيد عن الحسابات السياسية الضيقة ويحمل تطلعات الشعب السوري في بناء دولة الحق والقانون.