الصحافة العالمية

هآرتس تسخر من حسن نصرالله وتفضح انخفاض سقف قمة الرياض

سخرت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية من خطابيْ حسن نصرالله، زعيم ميليشيا (حزب الله) الممولة إيرانيا، ووصفته بأنه تحدث من موقعه “كمحلل” مخترعا مفهوما جديدا هو “الجبهة الضاغطة” بدلا من التورط في الاشتراك بالحرب، وقالت إنه ظهر وكأنه يجب عليه تقديم تقرير سليم للجنة رقابة، كما كشفت انخفاض سقف القمة الأخيرة التي عقدت في الرياض، وكشفت أن: “محمد بن سلمان ورئيس مصر وملك الأردن وحاكم قطر نجحوا في منع إصدار قرارات عملية مهمة”. وفيما يلي ترجمة النص الكامل للمقال الذي كتبه تسفي برئيل، وحمل عنوان: “حسن نصر الله: تكييف ميزان الردع”. (العربي القديم)

***

“انتبهوا لما يقوله الميدان وليس ما نقوله نحن”،

هكذا اقترح زعيم “حزب الله” حسن نصر الله، على سامعيه في إسرائيل وفي الشرق الأوسط وفي واشنطن، في إجمال خطابه المطول والمليء بالبلاغة الفائقة كالعادة، والذي شمل عدة لدغات موجهة لإسرائيل.

بعد أسبوع على الخطاب السابق، الأول منذ اندلاع الحرب، يظهر أن نصر الله قد استوعب الانتقاد الذي وجه إليه بشأن النطاق المحدود لعمليات “حزب الله” ضد إسرائيل والالتزام الضئيل بـ”وحدة الساحات” وحول توقعات “حماس” التي تم تخييبها.

في هذه المرة من موقعه كمحلل كرس فصلا طويلا للمفهوم الجديد الذي اعتبره “جبهة ضاغطة”. بكلمات دافئة أثنى على قرار الحوثيين إطلاق الصواريخ والمسيرات على إسرائيل، في حين أن الإنجاز السياسي الأكثر أهمية بالنسبة له هو أنه للمرة الأولى تقوم “دولة وليس حركة مقاومة” بالمشاركة فعليا في المعركة ضد إسرائيل. سورية “رغم وضعها الصعب” شريكة في أنها تسمح لقوات حزبه بالعمل من أراضيها ضد إسرائيل، الميليشيات الشيعية في العراق، التي تهاجم الأهداف الأميركية، توضح من هو العدو الحقيقي. وبالطبع ايران “التي بدونها المقاومة لم تكن لتعيش”، التي تسلح وتمول وتزود المقاومة. “ذات يوم، كنا نخفي ذلك، الآن، نحن نتحدث عن ذلك بوضوح”، قال وكأنه حطم طابو خطيرا. لكنه على الفور شرح بأن “ايران لا تقرر بالطبع بدلا من حركات المقاومة”.

كل هؤلاء معا يخلقون حسب قوله “الجبهة الضاغطة” هذه. وهو مفهوم أكثر قليلا من مفهوم “تضامن”، وهو المفهوم الذي استخدمه في الخطاب السابق. ولكن حتى الآن ليس هناك تدخل عسكري كامل. أيضا لم يستطع الفلسطينيون في غزة أمس، الحصول على التزام، أو حتى أن يتولد لديهم الانطباع بأن حسن نصر الله ينوي تغيير المعادلة التي وضعها حتى الآن والتي تقول، إن حزبه سيعمل وسيرد فقط على أي مس بالمدنيين في لبنان.

حسن نصر الله، الذي ظهر وكأنه يجب عليه تقديم تقرير سليم للجنة رقابة، دخل إلى تفصيل شديد عندما قال للمرة الأولى، إنه أدخل إلى الساحة صاروخ البركان؛ “نحن عدنا إلى استخدام قذائف الكاتيوشا والحوامات والمسيرات التابعة لـ(حزب الله) تدخل مرة أو مرتين في اليوم إلى داخل أراضي إسرائيل وتنهك منظومة الدفاع الإسرائيلية”؛ أيضا اقتبس مدير مستشفى في شمال إسرائيل، الذي قال، إنه وصل إليه نحو 350 مصابا “هذا فقط في مستشفى واحد”. ولكن في نهاية صفحة الإكسل التي استهدفت صياغة معنى مصطلح “الميدان سيتكلم” أوضح نصر الله أن الانتصار في هذه المعركة سيتم تحقيقه بشكل متراكم، بالنقاط، وليس في هجوم واحد كبير – لأن أنظمة الظلام تتحطم مع مرور الوقت.

في يوم الخميس في محادثة هاتفية مع نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن، حذر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، من أنه “على خلفية كثافة هجمات إسرائيل على غزة وتوسيع نطاقها فإن الحرب لا مناص منها”. أقواله تم تفسيرها كتهديد بأن ايران يمكن أن تنضم للمعركة بشكل مباشر. بعد فترة قصيرة جاء التعديل من قبل السفير الإيراني في الأمم المتحدة، الذي أوضح في مقابلة مع “سي.ان.ان” أن ايران لن تكون هي التي ستوسع الحرب. “التوسيع سيكون ببساطة أمرا لا يمكن تجنبه”.

يبدو أنه في هذه الأثناء هذا هو التوجيه الذي يوجه “حزب الله”. المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” يجب أن تحافظ على “حدود قطاع آمنة” بحيث لا تجبر ايران على الدخول بنفسها إلى المعركة، ما يمكن أن يضعها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة. هذا خط حدود دقيق وهش، يلزم إسرائيل و”حزب الله” بإدارة منظومة ردود متبادلة، دقيقة ومحسوبة. لأنه ليس فقط ايران هي التي تقف متأهبة على رؤوس الأصابع من اجل أن تبقى في موقف علني وكأنها لا تملي خطوات “حزب الله” أو “حماس”، بل أيضا واشنطن تطمح إلى البقاء في حدود “جبهة الدعم”، وهي تمسك بقوة يد إسرائيل كي لا تجرها إلى مواجهة إقليمية.

تهديد ايران التقليدي الذي يمكن أن يشعل حربا إقليمية، السعودية تسعى إلى وقفه. المشهد الخطابي الذي جرى، أمس، في الرياض تحت عنوان “القمة العربية والإسلامية الطارئة”، التي شارك فيها معظم الدول العربية والإسلامية، يوجد له دور مهم للدفع قدما بتهديد ايران. بالنسبة للفلسطينيين هذا لقاء آخر عديم الفائدة، الذي عقد العشرات مثله في السابق وتعرضت للانتقاد الشديد بسبب “العجز العربي”. حقيقة أن هذه القمة تم عقدها بعد شهر على بداية الحرب يمكن أن تدل على الفجوة بين التضامن العلني وبين الاستعداد لاتخاذ خطوات عملية. لكن هذا لا يوجد فيه أي جديد. في البداية تم التخطيط لعقد قمتين منفصلتين، واحدة لدول الجامعة العربية وواحدة لدول منظمة التعاون الإسلامي. في خطوة حكيمة قرر ولي العهد السعودي دمج القمتين في قمة واحدة، التي شارك فيها منذ استئناف العلاقات بين ايران والسعودية رئيس ايران إبراهيم رئيسي. خطابه، كان كما هو متوقع، مليء بالإدانات لإسرائيل والولايات المتحدة، وشمل طلبات بعيدة المدى مثل فرض المقاطعة على إسرائيل وتسليح المقاومة، لكن الرعاية السعودية والموقف الذي طرحه ولي العهد محمد بن سلمان في خطابه القصير، من شأنها الآن أن تلزم ايران التي تبذل جهودا دبلوماسية كثيفة لترميم علاقاتها مع الدول العربية في المنطقة.

القرار الذي تم اتخاذه في القمة يشمل 31 بندا، من بينها المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف إرسال السلاح لإسرائيل، الطلب من مجلس الأمن إدانة تدمير المستشفيات في القطاع، رفع الحصار عن غزة، فتح قنوات للمساعدات الإنسانية، التوجه إلى المجتمع الدولي للعمل على وقف الحرب، إطلاق سراح السجناء والمعتقلين والمدنيين وبنود كثيرة تتعلق بمعالجة دولية قانونية “جرائم الحرب” التي تنفذها إسرائيل.

في ختام القرار، تم اتخاذ بندين مهمين عن الحل السياسي المستقبلي. البند 28 يؤكد على أن “م.ت.ف” هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأنه يجب على كل الفصائل الفلسطينية الأخرى الاتحاد في إطارها. في حين أن البند 30 يطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام في “أسرع وقت ممكن”.

الخلاصة هي أنه لا “حماس” ولا أي حركة مقاومة أخرى تمثل الفلسطينيين. صحيح أن هذا لا يعتبر بندا جديدا، فقد اتخذ وتمت المصادقة عليه قبل خمسين سنة. ولكن عندما تدير “حماس” حربا ضد إسرائيل فإن هذا البند يغير معناه عندما يتجاهل وجود “حماس”.

على أي حال، محمد بن سلمان ورئيس مصر وملك الأردن وحاكم قطر نجحوا في منع إصدار قرارات عملية مهمة. ليس مقاطعة إسرائيل أو عدم مرور الطائرات الإسرائيلية في سماء الدول العربية وليس دعوة الدول العربية ودول أخرى لقطع علاقاتها مع إسرائيل. وهي الطلبات التي تمت مناقشتها في لقاء وزراء الخارجية قبل عقد القمة. هذه الطلبات تحاول التوفيق ليس فقط بين الأقطاب العربية والإسلامية، بل أيضا بين ما يمكن للولايات المتحدة الموافقة عليه وبين المواقف الصقورية التي اسمعها بعض زعماء الدول العربية. ايران سيتعين عليها التقرير إذا كانت ستكتفي بما هو مشترك والذي تم إنجازه في القمة بروحية بن سلمان أو أن تعمل بشكل مستقل، بالتحديد بعد أن سجلت إنجازاً سياسياً عندما تمت استضافتها في هذه القمة العربية، وليس الإسلامية فقط.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية

زر الذهاب إلى الأعلى