الرأي العام

تفاصيل سورية | حافظ الأسد وبناء سلطة العائلة.. من سخرية رفعت إلى إجرام بشار

يكتبها: غسان المفلح


حافظ الأسد بوصفه سجانا عاما، لايزال يعيش حتى اللحظة في عقل بشار. بشار الأسد أخذ الموقع كما هو وزاد عليه فظاعحافظ ة وترهيبا وإجراما. بعد الثورة اتضحت قضايا كثيرة كانت مخفية عن عوالم بعض المعارضة التي لا تريد أن ترى أن هذا السجان العام، يشغل في دماغه المساحة الأوسع. إنه يحكم سورية بدون حد أدني من الشرعية من جهة، وإنه نزل على الشعب السوري بالمظلة العسكرية المتوافق عليها دوليا. هذا العقل الاجرامي الانتقامي افتتح عهده بسجن من كان يحكم معهم، ومن كان يدعي بأن منهم أصدقائه.

هل يفيد البحث السيكولوجي لشخصية الديكتاتور؟ يتداول مثقفونا عادة كتاب” سيكولوجية الانسان المقهور” للدكتور مصطفى حجازي. كتاب بات قديما نسبيا، لكنه لايزال يحتفظ ببريقه نسبيا. منهم من يرجع للكتاب لإثبات أن الخلل في الجماهير. تطبيقا لمقولة كما أنتم يولى عليكم. ومنهم وهم قلة يحاول أن يرى ماذا يفعل القمع المزمن وبالتالي القهر المزمن بالإنسان، ويحمل سلطاتنا في المنطقة نتائج هذه السياسة. مع ذلك ألم يكن بالإمكان إجراء بحث سيكولوجي عن الديكتاتور ويكون الأسد الأب أو الابن نموذجا؟ على غرار ما فعله الدكتور مصطفى حجازي.
كنت أتمنى لو أن هذا الامر اختصاصي. أقله كنت حاولت. أهمية هذا البحث تكمن في معرفة الدوافع النفسية لهذا الديكتاتور أو ذاك. علما أن الشرط السياسي والمصلحي وميزان القوى يلعب الدور الأساسي في سياسات الديكتاتور الداخلية والخارجية. فيخطر ببالي سؤال: لماذا لم يفعل حسني مبارك بالشعب المصري أو بن علي بالشعب التونسي، ما فعله حافظ الأسد ووريثه وحاول القذافي أن يفعله؟ هل للعوامل النفسية دور في ذلك؟ وما حجم هذا الدور؟ أسئلة كي نحاول معرفة تاريخ المجزرة الدائمة التي ترتكب بحق شعوبنا.
حقيقة لا شيء موثق في سورية على هذا الصعيد. لكن يمكن للمرء أن يقرأ بعض الظواهر علها تشي بآلية تفكير آل الأسد بالسلطة.

حافظ ورفعت مع مصطفى طلاس صورة تعود إلى نهاية الستينات

هذه الصورة يمكن أن نلمح فيها جانبا من تفكيرهم في السلطة، إنها سلطة العائلة بعد الأسد الأول.

هذه الصورة تعطي أيضا إشارة إلى كيف يفكر في سلطته لاحقا. في هذه الصورة نلاحظ أن رفعت الأسد برتبة مقدم في الجيش، حتى لو كان قائد سرايا الدفاع. الصورة زمنها كان لايزال حافظ الأسد مسمكا بقوة بالسلطة وكان رفعت الأسد مترفع حديثا لمقدم. لنلاحظ هذه الوقفة والطريقة التي يعلق يديه بنطاقه العسكري. هذه الوقفة أولا في القانون العسكري غير مسموح بها. هل رأيتم ضابطا عسكريا في أي جيش بالعالم برتبة صغيرة يقف هذه الوقفة أمام قائده من جهة، وديكتاتور عسكري من جهة أخرى. الطريف بالموضوع ان كل الرتب المتواجدة في مناسبة هذه الصورة اعلى من رتبة من رفعت الأسد. كلهم على هيئة الوقوف بما يشبه الاستعداد بما فيهم مصطفى طلاس وزير الدفاع في حقبة الأسد الاب. رفعت يتعامل مع الجميع باستصغار. وأخيه صاحب السلطة موافق على ذلك. هذه لا تحدث لا بالقانون العسكري ولا بالأعراف العسكرية.
لا تحتاج هذه الصورة لكثير عناء لفهم هذه الشخصية التي تحكم وعائلتها. كيف يتعاملون مع بقية السوريين.
من جهة أخرى رفعت الأسد رغم تدرجه السريع في الموقع الحزبي كما العسكري قبله، لكنه لم يحضر أي مناسبة رسمية، وكان يسخر من جميع قيادات الجيش والحكومة والحزب. يعتبر أن وقته أثمن من حضور أي مناسبة قومية او وطنية.

في زمن الوريث هل شاهدتم ماهر الأسد في أي مناسبة؟ رغم أنه يعتبر نسخة من رفعت لكن أكثر قوة وحصانة بتقديري.

من جهة أخرى يجب ان نبحث بكيفية تفكير ضباط الأسد خاصة ضباط المخابرات. روى الصديق والمعتقل السابق سراج كلش هذه الواقعة:

” زارنا في سجن صيدنايا ضباط من شعبة المخابرات من جملة الهراء الذي تحدث به أحدهم قال: أنتو هون في الحفظ والصون وعم نحافظ عليكن منشان برا ما تفعسكون  سيارة، وما تقعو من على سطح البيت، مباشرة رد عليه إذا ما خانتني الذاكرة الصديق المعتقل كاسر الصالح قائلا: كتر خيركن والله يعطيكن العافية كفيتو ووفيتو. طالعونا وتعو أنتو قعدو محلنا لتبقوا بأمان وما تفعسكن السيارات. ابتسم وطلب من مدير السجن يرجعنا لمهاجعنا”.
هذه السخرية من المعتقل ومن السوريين، كانت سائدة بين ضباط الأسد.
يقال وعلى ذمة الرواة: أنه عند سؤال الأسد الاب لماذا يعتقل حزب العمل الشيوعي؟ كان جوابه: احميهم من أنفسهم.
يتبع…

زر الذهاب إلى الأعلى