إيران وإسرائيل: أين نحن من هذا النزاع؟
هزيمة إيران أياً كان مستواها تبقى ذات أثر إيجابي على كامل المحيط الإقليمي

مصعب الجندي – العربي القديم
كثيرة وشائكة الزوايا التي نقيم من خلالها الصدام بين الأصوليتين الأكثر داعشية في الشرق الأوسط وخصوصاً أنها ساحات مترابطة ومتبادلة التأثير، فشعوب المنطقة ذاقت الويلات من كلتيهما وكأنهما صيغة واحدة تؤديان الدور الوظيفي نفسه من خلال بنية ومنهج التفكير الواحد، والتماثل في الرغبة الجامحة في التوسع على حساب المحيط الجغرافي ضمن منطق تحطيمه وابتلاعه والهيمنة الكلية عليه في حالتين نادرتين من ثقافة اجترار المظلوميات. وخلال العقود الأربعة الماضية تبادل الطرفان العداء والصدام ضمن خطوط عدم الاحتكاك المباشر. الإسرائيلي سعيد بما يقوم به الإيراني بالنيابة عنه، بل وساهمت قوى حليفة له بالمساعدة المباشرة وتمهيد الساحات كاحتلال العراق وفتحه ساحة جاهزة للإيرانيين عبر وكلائهم، وإطالة أمد الصراع في سوريا حتى مرحلة إنهاك السوريين معنوياً ومادياً، إلى لبنان وجعله دولة فاشلة ومسيطر عليها من حزب الله، إلى تفتيت اليمن.
ما الذي استجد اليوم حتى يصلا مرحلة الصدام المباشر: صحيح أن إسرائيل في الظاهر المعلن اتخذت قرار الحرب بسبب البرنامج النووي واعتبرته مسألة وجود، وهو العقيدة التي سارت عليها بدعم غربي كامل وهو منع الدول العربية والإقليمية من امتلاك سلاح نووي باستثنائها (العراق نموذجاً)، وبالمقابل إيران أيضاً تعتبر وقف برنامجها النووي مسألة وجودية أيضاً ومن غير الواضح هنا إلى أي حدّ مستعدّة للتحمل في سبيل استمراره. والظاهر سبب مباشر لا يُستبعد مع شروط أخرى حيث اليوم تجد إسرائيل نفسها في موقع القوة المهيمنة والمفرطة بعد تهتك القوى المحيطة واختراق بنيتها أمنياً (إيران وحزب الله) وترى أن إيران الملالي قد بالغت في طموحاتها وباشرت بتجاوز دورها الوظيفي (المرحلي) الذي منحتها إياه الولايات المتحدة والقوى الغربية ومن ضمنها إسرائيل، وبالتالي أصبح من الضروري شن حرب واسعة لتدمير البرنامج النووي وإما إنهاء نظام الملالي بشكل كامل أو إعادته لقواعد الدور الوظيفي نفسه بعد التحكم الكامل فيه، وتلك (الإما) ما تزال مبهمة غير واضحة لأنها غير خاضعة للقوة الإسرائيلية وحدها، فعلى الرغم من امتلاك إسرائيل تفوق نوعي هائل بالسلاح (الدولة الأقوى في الشرق الأوسط)، إلا أنها ومن وجهة نظر (قوى الدولة الشاملة) حتى اللحظة غير قادرة على حسم النزاع في غزّة وفق أهدافها المُعلنة فكيف بحسمها مع باقي الجبهات وهنا هي محكومة بالدعم الأمريكي والغربي ومن لحظة بداية سلسلة جنونها العسكري في 7 أكتوبر والذي اعتبرته حينها (حياة أو موت).
أين نحن من هذا النزاع وانعكاس نتائجه المباشرة وغير المباشرة علينا؟
هزيمة إيران أياً كان مستواها ذات أثر إيجابي على كامل المحيط الإقليمي، بالمقابل من الصعب الحكم القطعي بانعكاس الجنون الإسرائيلي على هذا المحيط في حال تحقيقها نصراً كاملاً منجزاً حتى بعد انتقال الدعم الأمريكي من تحت الطاولة إلى سطحها إلا في عدّة حالات، أولها أن تكون هناك شروطاً أمريكية على الحكومة اليمينية بلجم أطماعها. وثانياً، أن تسقط الحكومة الإسرائيلية اليمينية في أول انتخابات قادمة وهو احتمال وارد لكنه ما يزال ضعيف رغم أن بنية الحكومة الحالية أصبحت مرفوضة على المستوى العالمي بما فيه الولايات المتحدة وإن لم تعلن ذلك صراحة بسبب حساباتها الداخلية، أي أن تلعب الضغوط الدولية دوراً في اسقاطها. أما نجاحها ضمن مستوى السيطرة الحالية (حكومة وكنيست) سيؤدي إلى خلط الأوراق وتعثر المشروع الغربي الذي يسعى لتأسيسه في المنطقة (وله حديث آخر).
أما نحن ماذا علينا أن نفعل (سورياً وعربياً)، ومع الحالة الراهنة ونتائجها، ورغم إمكانية فعل الكثير والتأثير أكتفي بالقول وبكل حزن (لا حول ولا قوة إلا بالله).