ظاهرة المخدرات في الرقة تفتك بالمجتمع: تعددت خطوط التهريب ومخدرات الأسد هي الأخطر!
فرضت الجغرافية الحالية على محافظة الرقة، والتي حددت ثلاث خرائط لتوزع السيطرة بين فصائل عسكرية تتبع لتركيا بريفها الشمالي، وميليشيات إيرانية وألوية لبنانية وعراقية بالإضافة للدفاع الوطني التابع للنظام في ريفها الجنوبي الغربي والشرقي، فيما تسيطر قسد على مركز مدينة الرقة وأرياف المركز الأربعة ومخيمات المهجرين الـ53 المنتشرة بمحيطها.
الحشيش والكريستال والحبوب المخدرة بالرقة، والتي أضحت أمراً معروفاً عند السكان المحليين ومعاناة بما تلقيه من ظلالها كانتشار جرائم القتل والتشليح والسرقات و ضياع الفئة الشبابية من المجتمع.
حشاشون من الطبقة المخملية!
وفي الوقت الراهن بعد أن تحولت سوريا إلى بلد مصدر للمخدرات “دولة الكبتاغون والكريستال” يتم تهريب تلك المواد عبر الريف الشمالي قادمة من تركيا، والريف الجنوبي الشرقي والغربي الواقع عبر ضفتي نهر الفرات. وتعود ظاهرة تعاطي الحشيش المخدر سابقاً إلى سبعينيات القرن الماضي في مركز مدينة الرقة عبر عدة مقاهٍ “كان ياما كان – حانة أبوالنواس – الكهف ” وكان الحشاشون فقط من الطبقة المخملية وبشكل مخفي من فوبيا “العيب والحرام” آنذاك. ويقول الناشط الذي تحفظ على ذكر اسمه ” أ ع ” بناءً على شهادات عدة من مدينة الرقة:
لم تعرف الرقة سابقاً ظاهرة “تعاطي المخدرات” إلا فئة قليلة من المجتمع، وكان أغلب الحشاشون من رواد بعض المقاهي والخمارات المعدودة بالرقة، كون المجتمع ذو طابع عشائري قبلي تطفو عليه أحكام “العيب والحرام” وهو أمر يجعل العديد من المتعاطين ينظمون جلسات سرية خوفاً من الفضيحة والصيت غير المحمود ونظرة السكان، لكن مع تقادم السنين وغياب الرادع القانوني والأحكام المشددة بالتجارة والتعاطي، منذ بداية الحراك السلمي بسوريا وسيطرة وتعاقب الفصائل العسكرية للجيش الحر وغيره من السلطات 2013، بدأت الظاهرة بالنمو شيئاً فشيئاً.
ويتابع ” أ ع” سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الرقة منذ العام “2014-2017” وأصدر عدة أحكام بحق المدخنين ومتعاطي المخدرات والحشيش كانت تقتصر على “25 جلدة ودورة شرعية” أي أن حكم المدخن وحكم متعاطي الحشيش والحبوب المخدرة كان ضمن تبويب واحد “25 جلدة للدخان والحشيش ” و “80 جلدة للخمور والمشروبات الروحية”.
ثلاث مناطق نفوذ
الرقة اليوم مقسمة لثلاث مناطق نفوذ “النظام وقسد وفصائل عسكرية موالية لتركيا”، والأخطر منها في الريف الجنوبي الغربي”دبسي عفنان” والشرقي “السبخة –الشريدة –غانم العلي –المغلة” تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية والعراقية التي يفصلها عن قرى ومركز المدينة “نهر الفرات” مما جعلها خصبة لعمليات التهريب والترويج “الحشيش والكريستال والحبوب المخدرة” مما جعلها متداولة بشكل كبير ورائجة لقلة ثمنها وتوفرها المستمر في الأحياء والقرى بل وحتى المخيمات العشوائية.
تفتقر الرقة الحالية لمراكز مجانية لمعالجة ضحايا الإدمان، سوى مركزين أحدهما مستوصف النور بريف الرقة الجنوبي، أما الآخر ففي مركز المدينة وحمل اسم “مركز الأمل لمعالجة الإدمان”.
د. فراس ممدوح الفهد: لم أتلق تمويلاً لمبادرتي!
يقول د. فراس ممدوح الفهد رئيس مركز الأمل لمعالجة الإدمان:
منذ ما يقارب الشهر استطعت وبجهود شخصية ترخيص عمل “المركز” بدعم من الأمن الداخلي والمؤسسات الرسمية، كونه الأول في مركز المدينة، بطاقة استيعابية تصل ل25 مريضا ومريضة وكادر طبي مختص من دمشق والقامشلي والرقة، واستطعت بعد ما يقارب ال30 يوما من استشفاء 11 مريضا ومريضة من مدمني المخدرات ومتعاطيها.
يتابع د.الفهد: لي تجارب خاصة مع المبادرات الخيرية، عبر عيادات الخير المجانية بمشاركة 150طبيب وطبيبة، للفقراء والأيتام والأرامل، بالإضافة لمعاهد التدريس المجانية أيضا لذات الفئة، لكن لم أتلقّ دعماً أو تمويلاً أو تبنياً لجعل مركز “الأمل لمعالجة الإدمان” مجانيا، لكن بالرغم من ذلك فإن الأجور مخفضة جدا مقارنة بباقي المشافي في المحافظات السورية الأخرى.
بيانات ومناسبات!!!
وأصدرت قوى الأمن الداخلي بشمال شرق سوريا الأربعاء بيانا بمناسبة “اليوم العالمي لمكافحة المخدرات” جاء فيه:
إن قواتنا في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وظفت كل طاقاتها للحد من انتشار المخدرات وبمساندة العديد من الأقسام ضمن قوى الأمن الداخلي وبالتنسيق مع الجهات المعنية فقد تمكنت من توقيف عدد كبير من المتورطين في الاتجار والترويج لهذه الآفة، وضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة حيث بلغ عدد الملفات التي تم العمل عليها من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات خلال عام كامل 2387 ملف تم توقيف كامل المتورطين في هذه الملفات وبلغ عددهم 3485 موقوف كان منها:
305 ملفات بيع وإتجار للمخدرات بلغ عدد الموقفين ضمن هذه الملفات 623
542 ملف لترويج المخدرات وعدد الموقوفين ضمنها 1002
أما ملفات التعاطي فكانت 1540 ملف تعاطي وقد بلغ عدد الموقوفين 1851 وقد تم تسليم كافة الموقوفين للنيابة العامة.
أما بالنسبة للمواد المخدرة المضبوطة فقد بلغت 41,622 واحد وأربعون كيلو وستمائة واثنان وعشرون غرام من الكريستال الميث.
272,575 مئتان واثنان وسبعون كيلو وخمسمائة وخمس وسبعون غرام من الحشيش.
275 مئتان وخمس وسبعون سجائر حشيش.
16,241 ستة عشر ألف ومئتان وواحد وأربعون من الإبر المخدرة.
3,092,742 ثلاثة ملايين واثنان وتسعون ألف وسبعمائة واثنان وأربعون حبة كبتاجون.
70,700 سبعون ألف وسبعمائة حبة من أنواع مختلفة.
570 خمسمائة وسبعون غرام من مادة الهيروين.
35،5 خمس وثلاثون غرام و نصف من الكوكائين.
541 خمسمائة وواحد وأربعون شتلة من نبتة الحشيش.
1,745 واحد كيلو وسبعمائة وخمس وأربعون غرام من بذور الحشيش.
117 مئة وسبعة عشر غرام من مادة غبار الحشيش.
1,849 كيلو وثمان مائة وتسع وأربعون غرامً من زيت الكبتاجون.
بالإضافة لمجموعات كبيرة من أدوات التعاطي.
حيث قامت قواتنا وبالتنسيق مع النيابة العامة وهيئة الصحة بإتلاف كميات كبيرة من هذه المواد المخدرة بتاريخ 17/4/2024
وباللغة التقليدية للبيانات يشيد البيان بما أسماه “تضافر جهود أبناء شعبنا” قائلا:
“إن العمل الذي تحقق ما كان ليُنجز لولا تضافر الجهود من أبناء شعبنا والأقسام والهيئات والمؤسسات، لتحقيق نتائج فعالة وملموسة في مكافحة المخدرات، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل ويجب علينا الاستمرار في العمل سويةً مع كافة الأقسام والجهات المعنية بمكافحة هذه الآفة. إننا نؤكد التزامنا بالتعاون والمشاركة مع الجهود المبذولة على المستوى الإقليمي والدولي لمكافحة المخدرات، وبأننا على استعداد كامل للتعاون مع أي جهة تَعمل بِهذا الصدد، فالحرب ضد المخدرات هي حرب عالمية، تهدد دول العالم أجمع”.
المصدر مناطق سيطرة النظام
ونفذت وحدات “مكافحة المخدرات” التابعة لقوى الأمن الداخلي “الأسايش” عملية أمنية في مدينة الرقة، في 13 حزيران الجاري، استهدفت تجار ومروجي المخدرات.
ووفقاً للمعلومات، فإن العملية جاءت بعد إدخال كميات كبيرة من المواد المخدرة وحبوب “الكبتاغون” و”الحشيش” عبر تجار ومروجي المخدرات من مناطق سيطرة قوات النظام إلى مدينة الرقة ليتم نقلها فيما بعد إلى مناطق “الإدارة الذاتية” الأخرى، وأسفرت العملية عن اعتقال شخصين من المهربين خلال نقل المواد عبر سيارة، كما ضبطت كميات كبيرة من المواد المخدرة.
ويشار إلى أنه في الوقت الذي يحاول النظام فيه توجيه الرأي العالمي إلى مكافحته للمواد المخدرة ومروجيها، يعمل على ضخها ضمن مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” لإغراق المنطقة بالمواد المخدرة وبث الفوضى فيها.