المسجد الأسود يثير الجدل وابن الحاجة زهراء يتحدث للعربي القديم ووزارة الأوقاف في مرمى الهجوم
تحقيق كتبه من إدلب: خلف محمد – العربي القديم
شهد يوم أمس الأول، الجمعة، حالة من الجدل الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أقيمت أول صلاة جمعة خلال افتتاح “مسجد الزهراء” الذي شُيّد مؤخراً في منطقة الدانا بريف إدلب الجنوبي.
حالة الجدل التي اندلعت حول “مسجد الزهراء” بدت على صلة بالطابع المختلف عن المألوف في شمال غربي سوريا، الذي حمله الجامع، إذ حمل المسجد اسم “الزهراء” فيما كان اللون الأسود الذي صُمم المسجد بهِ محط الجدل الأكبر
حيث اعتبر البعض أن اللون الأسود واسم المسجد يدل على حُسينيات ” الشيعة “.
وبعد الإعلان عن إقامة صلاة الجمعة في مسجد الزهراء لأول مرة، بدأت بعض الأطراف على وسائل التواصل الاجتماعي بالتعبير عن استيائها من اختيار اللون والاسم، مشيرين إلى ما يرونه بحسب تعبيرهم “خروجاً عن الطابع المعماري السني التقليدي”.
وبحسب مصادر حصل عليها موقع (العربي القديم) فإن عائلة مهجرة من معرة النعمان وتقيم خارج سوريا قد تبرعت لبناء المسجد، إذ قامت “الحاجة زهراء” إحدى أفراد العائلة بالتبرع بنحو أربعة كيلوغرامات من الذهب، واستكمل أبناؤها البناء بأموالهم الخاصة كصدقة جارية، أما عن الاسم فقد أكد أحد أفراد العائلة “أن اسم المسجد جاء من أبناء الحاجة زهراء من باب التكريم لها”.
دوافع الانتقاد
رأت شريحة واسعة من المنتقدين أن اللون الأسود والاسم يحمل دلالات طائفية وهو يتشابه مع حُسينيات الشيعة، فيما رأى أخرون أن بناء المسجد بهذا الشكل يشعل حساسية طائفية في مجتمع يسوده المذهب السني… وفي هذا السياق قال حيان إبراهيم ذي (45 عاماً) في حديثه لموقع (العربي القديم) موضحاً سبب اعتراضه قائلاً: ” لا يمكن لأي ناظر أن ينظر للمسجد بهذا الشكل إلا ويتبادر لذهنه شكل الحُسينيات والمراقد الشيعية، فكيف يبنى مسجد بهذا الشكل وسط مجتمع سني بأكمله”. وتابع إبراهيم حديثه مطالباً بتغير لون واسم المسجد، “نُطالب من المعنيين بتغير اسم المسجد ولونه لإطفاء حالة الجدل الموجودة”.
ويشير بعض المنتقدين إلى أن اختيار هذا اللون والتسمية ربما غير مقصود، إلا أنهم يؤكدون أن هذه الاختيارات حتى وإن كانت حسنة النية فإنها تتعارض مع النمط المعماري السائد في المجتمع والمنطقة التي شُيّد بها المسجد.
وزارة الأوقاف في قلب الهجوم
ولم تقتصر الانتقادات على لون المسجد واسمه فحسب بل طالت وزارة الأوقاف في حكومة الإنقاذ السورية، عقب بيان لها أثار حفيظة البعض وزاد الجدل أكثر بعدما أعلنت وزارة الأوقاف عزمها مراجعة اسم ولون المسجد، إذ رأى بعضهم أن هذه الخطوة تعكس خضوع الوزارة لضغوط رواد وسائل التواصل الاجتماعي ومراعاة لرغبات المنتقدين.
على الضفة الأخرى، رأى كثير من السكان المحليين أن الانتقادات ليست بمحلها، إذ اعتبرا أن هذا عمل خيري بحت وكمية الانتقادات التي طالت المسجد قد تؤثر في الأعمال الخيرية مستقبلاً.
فيما ترى هذهِ الشريحة أن بعض الأصوات المنتقدة يستغلون الجدل حول المسجد لتسجيل نقاط ضد “هيئة تحرير الشام” لتحقيق أجندات سياسية وتأجيج الرأي العام ضدها، كونها المسيطر الفعليّ على المنطقة، علماً أن المسجد لا يرتبط بالهيئة ارتباطاً وثيقاً. مؤكدين أن المسجد شُيّد بجهود عائلة مهجرة من معرة النعمان وبتبرع من الحاجة زهراء وأبنائها.
ابن الحاجة زهراء لـ(العربي القديم): نحن لا نتبع لأحد
وللحديث أكثر حول الموضوع قام موقع (العربي القديم) بحوار خاص مع أحد أفراد العائلة وأكد السيد “إبراهيم ياسين” وهو ابن الحاجة زهراء قائلا: “لقد قمنا بوضع حجر أساس بناء المسجد منتصف العام 2023 بناءً على طلب الوالدة وبتبرعٍ شخصي منها وتم الأنتهاء من بناء المسجد منذ عدة أيام وأقيمت أول صلاة للجمعة يوم الجمعة الفائت”.
وتابع إبراهيم حديثه لـ (العربي القديم) مؤكداً: “قمنا ببناء المسجد بجهود فردية ونحن عائلة تمتهن التجارة ولا نتبع لأحد، بالنسبة لاسم المسجد نحن الأبناء من اختار اسم الزهراء والذي هو اسم والدتنا، أما عن اللون فلا يوجد ينص شرعي يحرم اختيار اللون والمساجد السوداء كثر كمسجد خالد بن الوليد بحمص وحتى الكعبة المشرفة سوداء، لذلك لا نرى أي مبرر لكل تلك الانتقادات التي طالتنا”.
من جهتهم، أصدر عدد من إعلاميي ومثقفي الشمال السوري بيان اعتراض على بيان وزارة الأوقاف في حكومة الإنقاذ حول “إعادة النظر” بلون واسم مسجد الزهراء الذي تم افتتاحه حديثاً. وقد جاء في بيان الاعتراض أن “الأصوات الشاذة التي تحمل في طياتها الغلو وانتهاج منهج الاعتراض على كل شيء، الأجدر هو تجاهل هذه الأصوات وليس إعطاؤها قيمة والتماشي معها”.
وأضاف البيان : “إن كان الاعتراض على لون المسجد الأسود، فإن أشهر مساجد سوريا التي انطلقت منها الثورة السورية هي باللون الأسود، كمسجد العمري بدرعا أو مسجد الصحابي خالد بن الوليد بحمص وغيرها الكثير”.
الجدير بالذكر أن كثيراً من المدافعين يرون أن النص الشرعي هو الحكم والفصيل في هذا الجدل الذي ساد مواقع التواصل حول مسجد الزهراء، معتبرين أن عدم وجود نص شرعي صريح يُحرم لون المسجد أو تسميته ينهي القضية مادامت المنشأة دينية الهوية والوظيفة.