أرشيف المجلة الشهرية

فيلم (السباحتان): دراما اللاجئين السوريين على نيتفليكس "الحسنة النية"

ما يقرب من ساعتين ونصف الساعة، دراما المهاجرين السوريين على Netflix (السباحتان). هي جلسة طويلة تتطلب جهداً غير عادي. إنه تذكير دائم بالصورة السورية وأبطالها المنقذون.

قصة حقيقة

يروي الفيلمُ الروائيُّ القصةَ الحقيقيةَ للشقيقتين (سارة) و(يسرى) مارديني، لمحاولة عبورهما نحو بر النجاة بعد أن تعطل بهما قارب اللجوء المزدحم في عرض البحر. الجمال يكمن في أن الجماهير تنجذب إلى الروح التي تسعى المخرجة سالي الحسيني لتحقيقها، وسط الاستخدام المحموم لأناشيد البوب، من كان يعلم أن الأغاني الإذاعية يمكن أن تكون بمثابة أغاني رئيسة قوية لدراما عن شقيقتين سوريتين تهربان من وطنهما الأم بعد اشتداد القصف.

فيلم (السباحتان) الذي كتبه الحسيني وجاك ثورن كاتب سيناريو مسلسل “إينولا هولمز”، أسماء كبيرة في السينما قررت تكييف قصة غير عادية ولكنها حقيقية، مبني على القصة الحقيقية للأخوات مارديني التي تم تأهيلهما للأولمبياد، الأخوات اللواتي غادرن دمشق التي مزقتها الحرب عام 2015 على متن قارب مزدحم، لكن البحر الأبيض المتوسط قاسي والزورق محمّل فوق طاقته، وسرعان ما تعطل المحرك، تغطس سارة ويسرى في الماء في بحر”إيجه” لمدة ثلاث ساعات ونصف حتى لا يغرق القارب، ويصل الجميع إلى جزيرة “ليسفوس” في اليونان في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى ألمانيا، حيث هناك الأمل في أن تتحسن الظروف.

الفيلم الذي يتمحور حول سارة ويسرى، اللواتي تتشاركان في روابط عميقة، كما ثبت في اللقطات الافتتاحية لهذا الثنائي وهما تغطسان وتحملان بعضهما البعض في حمام سباحة عام، هو فيلم حسن النية. لا يقوم السيناريو، للآسف، بالكثير لتوضيح من هم هؤلاء الأشخاص خارج حاجتهم لترك عالم محطم وراءهم. الممثلتان ناتالي عيسى (تلعب دور يسرى) ومنال عيسى (تلعب دور سارة) تبذلان قصارى جهدهما في الكوادر التي تفتقر للعاطفة، بقدر ما تكون قصتهم ملحة وضرورية، فإنها تشعر أيضاً أنها مألوفة جداً من الناحية السينمائية.

مواجهات مرعبة واعتداء جنسي

سارة ويسرى سباحتان استثنائيتان دربهما والداهما المنضبط (علي سليمان) الذي يدفعهما للتفوق على منافسيهم وأقرانهما من السباحين والسباحات، وفي كثير من الأحيان على بعضهما البعض، ولكن العالم من حولهما تمزقه الحرب الوحشية، حيث تحرض الاحتجاجات الشعبية على العنف ضد الحكومة غير الشرعية، لذلك قررت الأسرة أنه الأفضل للأختين المغادرة والبحث عن حياة أفضل في أوروبا. هذه العملية مرهقة، تبدأ برحلة إلى إسطنبول تؤدي بعد ذلك إلى عملية تهريب بشري بين البر والبحر، سارة ويسرى مع ابن عمها نزار (أحمد مالك) ومجموعة من اللاجئين الفارين من ويلات الحرب المشتعلة، يأخذون زورقاً عبر البحر الأبيض المتوسط. تنهار الأشياء على طول الطريق حيث تملأ المياه القارب وتتحدى أمواج البحر الغاضبة رحلتهم. تحس أن اتجاه الحسيني في هذه اللقطات متناقض، لا تشعر بالحيوية كما ينبغي.

يروي فيلم (السباحتان) قصة بشرية ومؤثرة عن مهاجرين ولاجئين يحلمون وسط كل هذا الاضراب بحياة أفضل، تشعر أنك أمام حالة وقدوة مثالية لولادة جديدة من رحم الأحزان والموت، ولكن الإيقاعات أصبحت معروفة؛ فإنك تتمنى فقط إمكانية تقديم المؤشر بسرعة على إيقاعات الحبكة الموجودة لتحقيق ذاتهم وأنفسهم.

بعد مواجهات مرعبة، وكوارث طبيعية، واعتداء جنسي مفاجئ ينبثق من العدم ويذهب دون فحص، تصل سارة ويسرى أخيراً إلى برلين. هذا هو المكان الذي يتم فيه انضمامهما للمدرب السباحة سفين (ماتياس شفايغوفر) الذي يرى إمكانيات كبيرة في يسرى حتى عندما تتخلى سارة عن مسيرتها في السباحة. يسرى وسفين يستعدان للأولمبياد. ولكن هذا هو الوقت الذي ينزلق فيه الفيلم إلى القدرة على التنبؤ مرة أخرى، عندما قال سفين، الذي شجعه عزم يسرى المتجدد بعد الرحلة الطويلة: “لدينا الكثير من العمل الذي يجب القيام به” وأنت تعلم كل ما سيحصل عندما تبدأ التدريبات.

صور مدهشة وتساؤلات عير مسكتشفة

ثَمَّةَ صور مدهشة في الفيلم، لسارة ويسرى سيتلقيان تحت ضوء الشمس في خيمة في مكان ما أثناء رحلة النسيان، والوالد يصلح صاروخاً للنظام السوري يسقط في حوض السباحة خلال غارة جوية سورية، وعندما وصلت سارة ويسرى ورفاقهما إلى أرض اليابسة في صربيا، ظهرت أكوام من سترات النجاة المتناثرة على الشاطئ؛ إنها صورة قوية ولكن لا يبدو الفيلم يريد أن يتعامل مع الحقائق المروعة لأزمة اللاجئيين السوريين وراء هذه الاستعارات القوية والمرئية.

من الواضح بالفيلم أن علاقة سارة ويسرى معقدة، لكن الممثلتين على الرغم من قوتها وجاذبيتهما أمام الكاميرا، لكن لا يمكن تحديد من هم خارج طموحاتهم الرياضية،

مثلاً: ثمة تبادل فضولي ومؤثر حيث يتساءلان عن سبب متابعتهم للسباحة في المقام الأول بما يتجاوز أوامر الوالدين، أو حتى إذا كانا يستمتعان بها. لا يزال هذا التساؤل غير مستكشف. بحلول الوقت الذي تتوجه فيه سارة إلى دورة الألعاب الأولمبية عام 2016، بعد خلاف ثم مصالحة مع يسرى، المبنية على جبل من التفاهات البائسة من الصعب أن تهتم عندما تبدأ برؤية المستقبل الذي لا مفر منه. في المشهد الذروة؛ حيث تقوم يسرى بضربات فراشة أنيقة في سباق التتابع الأولمبي، هنا لا يوجد تسويق بقدر كافي، كمشاهد أنت واثق أنها ستفوز بالسباق، ونحن نتابع تحركات سرد القصص.

(السباحتان) قصص تبعث على الرضا عن قوتنا الداخلية، ولكن الجماهير في النهاية لا يمكنها مشاركة الإثارة، يبدو أن صانعي الفيلم يدعمان هاتين الفتاتين القويتين بالتأكيد، ولكن ماذا عن مشاعرنا نحن؟ في مشهد قررت فيه سارة أن تقص شعرها الطويل المجعد، لا يمكنك سوى سماع الفيلم يقول:”أذهب يا فتاة لأي غرض؟ “قصص في النهاية مقنعة عن مشاريع موتى يعبرون شرق المتوسط للبحث عن حياة أفضل وولادة من رحم الموت، وهي أجمل الولادات حينما نرى قوة سارة ويسرى.

زر الذهاب إلى الأعلى