أحمد النداف والنحت على الخشب: أنامل الصبر والإبداع تبحث عن الفن وعن الذات
كان يعتمد على أخشاب الأشجار المتضررة أو التي كانت متاحة بعد الحروب أو العواصف

خالد زنكلو – العربي القديم
بمزيج من المهارة والدأب والإبداع، تمكن الشاب السوري “أحمد النداف” من تحويل قطع الخشب البسيطة إلى أعمال فنية تلامس الجمال والروح، في شمال غرب سوريا، حيث برع في فن النحت على جذوع الأشجار المختلفة، أصبح أحمد واحداً من أبرز الفنانين الذين استطاعوا التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم من خلال هذه الحرفة التقليدية التي مزجت بين أصالة الفن وابتكار الأفكار الجديدة، باستخدام قطع خشبية ومواد أولية بسيطة، استطاع أحمد أن يبدع أشكالاً وتحفاً لاقت إعجاب الجميع.
هواية بدأت في الطفولة
في حديثه لنا، يروي أحمد (26 عاماً) كيف كانت البداية مع فن النحت والرسم على الخشب منذ صغره، يقول أحمد: “منذ الطفولة، كنت أميل إلى الفن بكل أشكاله، وكنت أخصص أوقات فراغي للعمل على خامات مختلفة، ووجدت في النحت على الخشب وسيلة للتعبير عن مشاعري وأفكاري”. كان أحمد يستخدم الأدوات البسيطة المتاحة له ليخلق لوحات فنية وتجسيمات رائعة على جذوع الأشجار، مشيراً إلى أن إتقانه لهذه الحرفة كان نابعًا من حبه الدائم لاكتشاف ما يمكن صنعه من مواد خام بسيطة.

أحمد النداف الشاب العشريني الذي غدا من أشهر الفنانين المحليين في الشمال السوري (العربي القديم)
إبداعات متعددة يبتكرها
أصبح أحمد من أشهر الفنانين المحليين في شمال غرب سوريا في مجال النحت على الخشب، تنوعت أعماله لتشمل رسم الشخصيات المختلفة، إضافة إلى نحت وتصميم قطع فنية لزينة المنازل، لا تقتصر إبداعاته على التشكيلات التقليدية فحسب، بل تشمل أيضًا قطعًا فنية مبتكرة، مثل الأغطية الخشبية لهواتف المحمول، والقطع الفنية التي يتم تزيينها بالإطارات، مما يعطي لهذه القطع رونقاً خاصاً وجمالاً فريداً.
إضافات جديدة لتطوير المهنة
لم يقتصر أحمد على الأعمال الخشبية التقليدية، بل طوّر مهنته بشكل مستمر ليقدم إضافات جديدة ومميزة. من بين هذه التطويرات، قدم قطعاً كهربائية مضيئة مثل الإضاءة المصنوعة من الخشب، بالإضافة إلى نحت الورود الخشبية وكتابة عبارات محفورة على القطع. هذه الإضافات ساعدت أحمد في جذب المزيد من الزبائن الذين يبحثون عن قطع فنية فريدة تتناسب مع ذوقهم الخاص وتضفي جمالًا على منازلهم.
روى لنا أحمد هناك عدة صعوبات للحرفة
يواجه أحمد صعوبة كبيرة في العثور على الخشب المناسب لصناعة أعماله، في بيئة مثل شمال غرب سوريا، تماد تكون الموارد شحيحة هنا، وقد تكون الأسعار مرتفعة بالنسبة للأفراد الذين يعملون في الحرف اليدوية، اضطر أحمد في العديد من الأحيان إلى استخدام الأخشاب المتوفرة محلياً، ما كان يحد من تنوع أشكاله الفنية، في بعض الأحيان، كان يعتمد على أخشاب الأشجار المتضررة أو التي كانت متاحة بعد الحروب أو العواصف، ما جعل اختياراته محدوداً للغاية.

محاكاة واقعية رائعة للألفة الشرقية والتفاصيل المحلية تنتج تحفا فنية أخاذة (العربي القديم)
اهتمام متزايد من المجتمع المحلي
تحدث أحمد عن تزايد الاهتمام بالقطع الخشبية التي يصنعها في شمال غرب سوريا، حيث قال: الناس في منطقتنا يفضلون القطع الخشبية التي أبتكرها، ويرجع ذلك إلى أنني أعمل دائمًا على تحسين الجودة والإتقان في كل قطعة، لدي اهتمام خاص بتقديم أعمال فنية ترضي ذوق الناس وتناسب متطلباتهم، وهذا ما يجعلهم يعودون إليّ باستمرار ويعكس هذا التصريح مدى اهتمام المجتمع المحلي بالتحف الفنية التي تُصنع يدويًا، والتي تحمل طابعًا شخصيًا وفنيًا مميزًا.
روي لنا أحمد في النهاية خلال هذه الحرفة التي بدأها كمجرد هواية، أنه تمكن من خلق عالم من الجمال والإبداع يبحث فيه عن ذاته، عالم أنيق ومعبر وخلاق يلمس فيه معنى الإنجاز الفني بعد الصبر والدأب ويستخدم فيه أبسط المواد، ليحول الخشب إلى تحف فنية تزين المنازل وتضفي لمسة جمالية خاصة، ومع تطويره المستمر لمهاراته وإبداعاته، أصبح أحمد نموذجاً يحتذى به في العمل اليدوي والفن السوري التقليدي.
