فنون وآداب

التلفزيون العربي: حين تنقلب الكاميرا إلى خنجر مسموم

أي صحافة، حين تتاجر بالدم الفلسطيني وتربط بين سفكه على يد العدو الإسرائيلي وبين من يحاول وقف العدوان عن بلده المنهك التي تسعى إسرائيل لمحاولة تفتيت وحدته؟

رأي: بلال الخلف – العربي القديم

لا شيء يدهشنا حين تصدر الخيانة بلبوس الإعلام، وتُمرَّر عبر شاشات محسوبة على “العروبة” زورًا. هكذا فعل “التلفزيون العربي” — ذراع عزمي بشارة الإعلامي، عضو الكنيست الصهيوني سابقًا، و”القومي العربي” حسب الطلب لاحقًا — حين تعمّد تشويه زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى فرنسا، فحوّل حدثًا دبلوماسيًا وطنيًا إلى مادة للتشكيك والتفخيخ المعنوي.

في لحظة يشيع فيها الدم الفلسطيني في شوارع غزة، وفيما تعصف الغارات الإسرائيلية بالمواقع السورية كل أسبوع، يخرج الرئيس الشرع من عزل الحصار ليؤكد: نحن نفاوض عبر وسطاء دوليين، لتجنيب أهلنا في سوريا نيران الاحتلال. لم يقل إننا نُطبّع، لم يساوِ بين القاتل والضحية، بل أعلن ما يجب أن تعلنه أي دولة مسؤولة: نحن نتحرك لوقف شلال الدم. لكن القناة لم تنقل ذلك، بل اقتطعت العبارة، نزعت معناها، وصاغت عنوانًا كاذبًا يقول: “الرئيس السوري يؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل”، وكأننا في لحظة خيانة لا مسؤولية.

والأدهى أن مراسلتهم، دلال معوض، جلست في قصر الإليزيه لا لتسأل عن العلاقات السورية الفرنسية، أو الانتهاكات الإسرائيلية بحق سوريا، أو عن العقوبات الغربية وسبل رفعها، بل لتعيد إنتاج رواية “المرصد السوري” عن “مجازر الساحل” كما سمّتها، متجاهلة أن تلك الأحداث بدأت بمحاولة انقلابية دموية، وأن الدولة السورية لم تُنكر ما وقع من أخطاء، بل تعاملت معها بتشكيل لجان لتقصي الحقائق. لكن السؤال لم يكن بحثًا عن حقيقة، بل طلقة طائفية باردة خرجت من فم مراسلة متموضعة سياسيًا وطائفيًا في الطرف الآخر.

أي مهنية هذه، حين تتحول الكاميرا إلى بندقية؟ أي صحافة، حين تتاجر بالدم الفلسطيني وتربط بين سفكه على يد العدو الإسرائيلي وبين من يحاول وقف العدوان عن بلده المنهك التي تسعى إسرائيل لمحاولة تفتيت وحدته؟ أي نذالة إعلامية تتيح لقناة أن توظف كل فرصة، وكل منصة، للنيل من موقف سوري واضح وثابت؟

“التلفزيون العربي” اليوم ليس أكثر من بوق مأجور، مخصص للكذب، وتخديم الأجندات العزمية — إن صح التعبير — بلغة ناعمة وخطاب مزدوج. لا يعنيه القصف على غزة، ولا تعنيه السيادة السورية، كل ما يعنيه أن يطعن فيمن يقف في الضفة الأخرى.

وفي المحصلة، نحن أمام حالة إعلامية ساقطة أخلاقيًا، محشوّة بالأكاذيب، تحترف التشويه والتدليس، وتعمل تحت لافتة العروبة بينما تخدم أجندة العدو. إنها ليست قناة، بل خندق متقدم في حرب ناعمة على الشعوب الحرة وعلى سوريا المنهكة التي يأتي التلفزيون العربي ليستعرض شهامته على أزماتها… فهل يجرؤ أن يفعل ذلك إزاء دول أخرى؟!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى