العربي الآن

جنوب إفريقيا تفضح عار التخاذل العربي وتواجه إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية

العربي القديم – بي. بي. سي- وكالات:

وسط غياب عربي وإسلامي، وسعي حثيث من دول عربية عديدة لاسترضاء إسرائيل، بل وإمدادها بجسر غذائي جوي، تصدرت جنوب أفريقيا المشهد المناهض لإسرائيل والمناصر لغزة، من خلال القضية التي رفعتها أمام “محكمة العدل الدولية” في لاهاي في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023. حيث بدأت المحكمة جلسات الاستماع المرتبطة بالدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” في غزة. وقد قررت إسرائيل المثول أمام المحكمة لأنها من الأطراف الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948، وبالتالي لا يمكنها تجاهل الدعوى، أو المخاطرة بصدور حكم غيابي بحقها.

شكرا جنوب إفريقيا

منظمة التعاون الإسلامي وتضم 57 دولة أعلنت دعم ملف جنوب أفريقيا، كما صدرت مواقف داعمة من وزارات خارجية ماليزيا، وتركيا، والأردن، وبوليفيا… فيما عارضت الولايات المتحدة بقوة قضية جنوب أفريقيا، إذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إنها “بلا قيمة” و”لا أساس لها على الإطلاق في الواقع”.

ووجه كتاب وأدباء وناشطون عرب وفلسطينيون وسوريون على وسائل التواصل الاجتماعي التحية للدولة التي عرف تاريخها مرارة الظلم والتمييز العنصري، حين كانت إسرائيل من الدول القليلة في العالم التي تدعم نظام الفصل العنصري في بريتوريا قبل سقوطه عام 1990، وتم تداول عبارة “شكرا جنوب إفريقيا” على نطاق واسع، فيما اعيد نشر صور نيلسون مانديلا الزعيم الإفريقي الذي حرر بلاده من التمييز ومن استبداد الأقلية البيضاء بعد أن قبع في السجن نحو ثلاثين عاما، ثم خرج ليقود بلاده نحو نظام تعددي ديمقراطي، كنوع من التحية للجهود التي تبذلها جنوب إفريقيا في تعرية إسرائيل ومواجههتا بجرائمها.  

قضية القرن

وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة  لحين البتّ في القضية، إصدار “أمر مؤقت عاجل” لإسرائيل بـ”تعليق فوري لعملياتها العسكرية” في غزة. إنها قضية القرن أمام “محكمة العدل الدولية”. في 11 و12 يناير/ كانون الثاني (الخميس والجمعة)، سيدخل محامون يمثلون جنوب أفريقيا، وآخرون يمثلون إسرائيل، إلى قاعة المحكمة، حيث تقول جنوب أفريقيا إن ما يحصل في القطاع هو إبادة بالفعل،  لكن رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتنياهو)  يزعم أن بلاده تتصرف بـ”أخلاقية لا مثيل لها” في حملتها العسكرية داخل غزة، وهي مزاعم تكذبها أرقام التقلى من المدنيين التي جاوزت الـ24 ألفا، والدمار الهائل الذي خلفته العملية العسكرية في المنشآت المدنية والبيوت والمدارس والحرب على المستشفيات.

ماذا يتضمّن ملفّ جنوب أفريقيا؟

قدمت جنوب أفريقيا ملفاً قانونياً يتألف من 84 صفحة، يقول إن أفعال إسرائيل “تحمل طابع الإبادة لأنها تهدف إلى الدمار بجزء كبير” من الفلسطينيين في غزة.

بحسب الحجج المُقدّمة في الملف، فإن أعمال الإبادة المذكورة تشمل قتل الفلسطينيين، والتسبُّب بضرر جسدي ونفسي خطير، وتعمُّد خلق ظروف تهدف إلى “تحقيق تدميرهم الجسدي كمجموعة”. كذلك يرد في الملف أن هناك تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين تعّبر عن نية بالإبادة.

تقول المُحاضِرة في القانون في جامعة جنوب أستراليا جولييت ماكنتاير إن ملفّ جنوب أفريقيا “شامل للغاية” وقد تمّت “صياغته بعناية مطلقة”.

وتضيف في حديثها مع بي بي سي، أن الملف “يسعى للرد على كل حجة محتملة من إسرائيل… ومعالجة أي ادعاء قد يشكك في اختصاص المحكمة. وتقول جنوب أفريقيا إنها طرحت الموضوع مع إسرائيل في منتديات مختلفة قبل رفع القضية”.

وأعلنت جنوب أفريقيا عن الفريق القانوني الذي سيمثلها، ويضمّ عدداً من المحامين والخبراء القانونيين، في مقدمتهم جون دوغار، وهو محام وأحد أبرز خبراء القانون الدولي في البلاد، وكان مقرِّراً خاصاً للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، وعمل قاضياً في محكمة العدل الدولية سابقاً.

“فرية الدم” في حارة اليهود بدمشق!

قارن متحدّث باسم الحكومة الإسرائيلية القضية الجنوب أفريقية المرفوعة ضد إسرائيل بـ”فرية الدم”، ويقصد بذلك الروايات المتداولة بأن اليهود قتلوا مسيحيين لاستخدام دمهم في طقوس قديمة.. وهي القصة المعروفة ب، “دم لفطير صهيون” والتي تقول الروايات أن أحداثها دارت في حارة اليهود بدمشق عام 1840 بحق رجل دين مسيحي وخادمه… فيما صرّح المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي بأن إسرائيل “ستدافع عن نفسها في هذه القضية وأن حركة حماس تتحمل كامل المسؤولية الأخلاقية عن الحرب التي بدأتها”.

وقد اختارت إسرائيل تعيين أهارون باراك الرئيس السابق للمحكمة العليا في إسرائيل قاض خاص أو مؤقت لهذه القضية ، واختارت جنوب أفريقيا ديكغانغ موسينيكي نائب رئيس المحكمة العليا السابق في البلاد. وقد عرف من فريق الدفاع عن إسرائيل مالكولم شو، وهو محام وأكاديمي بريطاني، وعمل مستشاراً قانونياً لإسرائيل في السابق، ومثل عدداً من الدول في ملفات قضائية.

ما هو تعريف الإبادة الجماعية؟

بحسب اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948، تعني الإبادة ارتكاب أعمال بقصد التدمير الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية. وتشمل تلك الأعمال:

– قتل أعضاء من الجماعة.

– إلحاق أذى بدني أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة.

– إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.

– فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.

– نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

وتعدّ الإبادة الجماعية من أكثر الجرائم الدولية صعوبة في الإثبات.

من استحدث مصطلح “الابادة الجماعية” ومتى؟

“مذبحة الأرمن” التي تحييها فرنسا وتنكرها تركيا

تقول ديالا شحادة إنّ “الأهم من إثبات الإبادة، ثبوت نية الإبادة، وذلك ما يتضمنه ملف جنوب أفريقيا، إذ يوثق خطابات علنية لمسؤولين إسرائيليين دعت لمسح غزة وقتل الفلسطينيين. وبحسب الاتفاقية الدولية، فإن الإبادة الجماعية لا تعني أفعال القتل فحسب، بل اضطهاد جماعة وتجويعها وحرمانها من الخدمات الأساسية”.

هل توجّه تهمة الإبادة الجماعية لدول أم لأفراد؟

بحسب اتفاقية عام 1948، “يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية سواء كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين أو أفراداً”.

ويمكن توجيه تهمة ارتكاب الإبادة الجماعية لدول أو لأفراد.

ويقول أستاذ القانون المساعد في كلية ترينيتي في دبلن مايكل بيكر، “إن هناك فرقاً بين إدانة دولة بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية، مقارنة بإدانة فرد بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية”.

ويقول: “تحديد ذلك الفرق معقد ويمكن أن يسبب الارتباك”.

ما هو دور محكمة العدل الدولية؟

محكمة العدل الدولية هي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، ومهمتها البتّ في النزاعات بين الدول. وكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتمتّع تلقائياً بعضوية محكمة العدل الدولية.

ويمكن لأي دولة أن ترفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، التي تتألف من 15 قاضياً ينتخبون من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعان للأمم المتحدة لمدة تسع سنوات.

من ضمن اختصاصات المحكمة، النظر في النزاعات المتعلقة باتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.

بعد مقتل ستة ملايين يهودي على يد النازيين في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939 و1945، سعى زعماء العالم إلى تجنب تكرار ذلك من خلال تبني هذه الاتفاقية.

يذكر أن إسرائيل وجنوب أفريقيا وميانمار وروسيا والولايات المتحدة من بين 153 دولة صدقت عليها.

ماذا عن المحكمة الجنائية الدولية؟

تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، ويقع مقرها أيضاً في لاهاي. وتعدّ المرجع القضائي الأخير عندما تفشل محكمة محلية في حسم ملف ما. الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل ليست من الدول المشاركة في هذه المحكمة.

وتنظر المحكمة الجنائية الدولية في القضايا الجنائية، ويمكنها إدانة أي فرد بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية. ولكي تأخذ قضية مجراها أمام هذه المحكمة، يتعين على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يدّعي على جهة معينة.

من أدين بارتكاب إبادة جماعية في السابق؟

كان أول فرد يُدان بارتكاب جرائم إبادة جماعية هو رئيس البلدية السابق، جان بول أكايسو في عام 1998، أمام المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا التي رعتها الأمم المتحدة، لدوره في القتل الجماعي للتوتسي عام 1994، والذي خلف 800 ألف قتيل.

وفي عام 2017، أدانت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بجمهورية يوغوسلافيا السابقة، القائد السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش بتهمة الإبادة الجماعية في مذبحة سربرنيتسا عام 1995 التي قتل فيها جنوده 8 آلاف رجل وصبي مسلم.

لكن محكمة العدل الدولية رفضت الادعاء الذي تقدمت به البوسنة بأن صربيا، أو يوغوسلافيا السابقة، ارتكبت بشكل مباشر جريمة إبادة جماعية في سربرنيتسا.

بعد الإبادة الجماعية في رواندا “سامحت قاتل زوجي وباركت زواج ابني من ابنته”

بدلاً من ذلك، وجدت المحكمة أن صربيا فشلت في منع الإبادة الجماعية وتسليم أحد كبار الجنرالات.

ويقول مايكل بيكر، الذي عمل كاتباً قانونياً في محكمة العدل الدولية، إن المحكمة تضع معايير عالية لإثبات “نية الإبادة الجماعية” عند دولة ما.

ماذا عن قضايا الإبادة الجماعية الأخرى في محكمة العدل الدولية؟

تقول ماكنتاير إن القضية الأكثر قابلية للمقارنة هي قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها غامبيا ضد ميانمار.

يتمتع الفلسطينيون في غزة وشعب الروهينغا بوضعية قانونية مشابهة، إذ أن الطرفين لا يحملان صفة دولة معترف بها، وبالتالي لا يمكنهما التقدم بشكوى مباشرة إلى محكمة العدل الدولية، لذلك تتقدم بالشكوى دول أخرى نيابة عنهم.

واتهمت غامبيا، نيابة عن الدول الإسلامية، ميانمار، بارتكاب إبادة جماعية ضد شعب الروهينغا، بعدما أجبر نحو مليون شخص على الفرار إلى بنغلاديش في عام 2017.

وفي أواخر عام 2023، تقدمت المملكة المتحدة والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا، إلى جانب كندا، بطلب للانضمام إلى القضية، مما يعني أنه بإمكان هذه الدول تقديم حجج قانونية.

تقول ماكنتاير: “يعدّ ذلك إشارة إلى العالم والمحكمة بأنهم يدعمون الإجراء القانوني المتخذ”.واتخذت الدول الغربية خطوة مماثلة لدعم أوكرانيا في محكمة العدل الدولية. لكن ماكنتاير تشعر أن الغرب سيتجاهل هذه القضية في الغالب. وتقول: “لن نرى دولاً غربية تتدخل لدعم جنوب أفريقيا، والسؤال هو ما إذا كنا سنرى تدخلاً من الدول العربية.”

ماذا سيحدث يومي 11 و12 يناير 2024؟

إلى جانب دعوى اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، تطلب جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة، عبر الطلب من إسرائيل بوقف جميع العمليات العسكرية في غزة. هذا إجراء عاجل، لذلك ستنظر فيه المحكمة أولاً.

تقول ديالا شحادة: “سيكون على المحكمة في البداية تحديد مواعيد بدء المحاكمة وأيضاً مواعيد البت بطلب التدابير المؤقتة لحماية الحقوق التي تقدمت بها جنوب أفريقيا مثل وقف الأعمال العسكرية، والسماح بعودة النازحين قسرياً إلى بيوتهم في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً”.

وبحسب ماكنتاير، “في هذه المرحلة، لن يكون هناك قرار بشأن جريمة إبادة جماعية في هذه المرحلة. والسؤال المطروح هو ما إذا كان هناك احتمال لوقوع ضرر لا يمكن إصلاحه”.

وتقول جنوب أفريقيا إن هناك “خطراً معقولاً لحدوث إبادة جماعية”، لذلك يعتبر الوقت عنصراً أساسياً، بحسب ماكنتاير.

قدمت أوكرانيا طلباً مشابهاً بعد الغزو الروسي، في 24 فبراير/ شباط 2022، وأمرت محكمة العدل الدولية روسيا بوقف حملتها العسكرية بعد بضعة أسابيع، لكن موسكو تجاهلت الأمر. وتتوقع أن تُصدر محكمة العدل الدولية قراراً في القضية المتعلقة بإسرائيل بحلول نهاية يناير/كانون الثاني الحالي.

وتقول ماكنتاير: “مثل هذا القرار من شأنه أن يضغط على إسرائيل”، لكنها تضيف أنه لن يكون نهائياً، وليس لدى محكمة العدل الدولية أي وسيلة لتنفيذه ولكن “يمكن للمحكمة أن تجد لاحقاً أنه لم تكن هناك إبادة جماعية عندما تنظر في موضوع القضية أو جوهرها.”

ويقول بيكر إن الحكم المؤقت الذي أصدرته محكمة العدل الدولية ضد روسيا كان “ملفتا للنظر” لأنه ذهب إلى حد إصدار أمر لروسيا بوقف حملتها.

ويقول: “أميل للتشكيك بأن تطلب المحكمة من إسرائيل أن تتوقف”، مشيراً إلى أنها قد تطلب منها “تقييد” حملتها العسكرية. ويضيف: “كل ما يعنيه ذلك هو أنه سيتعيّن على إسرائيل أن تتقيّد بالالتزامات القانونية الدولية المتوجبة عليها في الأساس”.

متى يمكننا أن نتوقع الحكم النهائي؟

رفعت غامبيا قضيتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، لكن لم تعقد بعد جلسة استماع بشأنها بعد. قد يستغرق الأمر سنوات حتى يصدر الحكم النهائي.

تقول ديالا شحادة إنه “من المبكر جداً الحديث عن حكم، لأنه في أي إجراءات محاكمة عادلة سواء كانت وطنية أو دولية، تضمن حقوق الدفاع والتدقيق بالأدلة، وذلك ما يتطلب وقتاً، ربما نحو عام أو عامين، ولكن قد يفاجئنا القضاة بالإسراع باتخاذ قرار في هذه القضية تحديداً نظراً لطابعها الإنساني الملحّ”.

وبحسب المحامية اللبنانية ديالا شحادة إن وصلت القضية إلى مرحلة النظر في الجوهر، سيكون هناك احتمالان، “إما أن يصدر حكم يدين إسرائيل بأنها انتهكت الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وارتكبت جرائم إبادة جماعية أو سهلتها أو حرضت عليا، أو أن يصدر حكم بأنها لم تنتنهكها”.

وتضيف شحادة: “في حالة ثبوت الانتهاك، يتيح القانون إحالة القضية إلى محكمة محلية في الأراضي التي وقعت فيها جريمة الإبادة، والمقصود هنا الأراضي الفلسطينية المحتلة. علماً أن فلسطين أحالت الجرائم الواقعة فيها منذ تاريخ منتصف يونيو/ تموز 2014 إلى المحكمة الجنائية الدولية التي هي صاحبة الاختصاص في النظر بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تكون هي المرجع لمحاكمة الأفراد الإسرائيليين إن أدانت محكمة العدل الدولية حكومة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية”.

زر الذهاب إلى الأعلى