فنون وآداب

خلي عينك ع سوريا: موسى العمر يفقأ عين الثورة السورية!

رزق العبي – العربي القديم

انشغلت إدارة قناة تلفزيون سوريا التابعة لمجموعة (فضاءات ميديا) الممولة قطرياً، والتي تتخذ من إسطنبول التركية مقرّاً لها، انشغلت قبل أيام بما قالت عنه إنه الانطلاقة الجديدة للقناة مع دخول التلفزيون المتعثر عامه السابع.  

ولعل أكثر ما استوقف الكثير من السوريين، من بين ركام الصور والمقاطع الترويجية، ظهور الإعلامي موسى العمر في لقاء يتزامن مع الإطلاق الجديد، الذي كان تحت شعار “خلي عينك ع سوريا” وحديثه عن الثورة السورية التي كان يسعى بشكل ملحوظ إلى تقزيمها مرة وشيطنتها مرة أخرى، مزايداً على السوريين الذين يقابلون تصريحاته بشكل دائماً بالنقد اللاذع الذي يتناسب – برأيي – مع تصريحاته غير المسؤولة.

قلة قليلة

اعتبر موسى العمر في ذلك اللقاء أن السوريين الذين شاركوا في الثورة السورية هم قلة قليلة، موجهاً إهانة علنية لأكثر من ثلاث أرباع الشعب السوري سواء في الداخل أو في الخارج. وقد بدا بطبيعة الحال وكأنه يفقأ عين الثورة السورية بهذا التصريح  الذي يذكرنا بتصريحات شبيحة النظام من المحللين الذين كانوا يظهرون على الشاشات في السنوات الأولى ليقولوا فكرة واحدة تشبه ما يقوله العمر الآن: ليس هناك ثورة لأن معظم السوريين لم يشاركوا بها، وهم مشغولون بالخروج إلى السيارين والذهاب إلى المسابح كما قال شريف شحادة ذات مرة على قناة العربية!

وإذ وقف مذيع القناة له موقف المدافع عن السوريين المتمسكين بثورتهم، أصرّ موسى العمر بأسلوبه الساذج على ما قاله، مدّعياً أن حوالي ٧٥ بالمئة من السوريين يقبل بأي جهة تسيطر على الأرض أن تحكمه.

وهنا أتذكر مواقف موسى العمر السابقة من الإسلاميين حين كانوا يسيطرون على مناطق في سوريا، وكان وقتها من أوائل الداعمين لهم بشكل واضح، وكأنه في المقابلة الأخيرة يصف نفسه ويتحدث عن حاله، مُسقطاً ذلك على عموم السوريين في حالة الاستكانة والرضوخ لأي أمر واقع.

تناسى موسى العمر في حسبته غير المسؤولة تلك، ملايين السوريين في شمال سوريا، وكذلك ملايين السوريين في تركيا وأوروبا. ولعل أكثر ما أعجبني في ردّ أحد المتابعين السوريين عليه حين قال له: إذا حسبنا السوريين الأحرار الذين نعوا وشاركوا في عزاء محمد فارس يكون عدد الثوار أكبر بكثير مما تحدثت به يا موسى العمر.

فتش عن السياق!

ما أخشاه أن حديث موسى العمر، قد يأتي ضمن سياق الترتيب لمرحلة جديدة يتم فيها إلزام السوريين بتقاسم السلطات المحلية (وهنا أقصد على نطاق ضيق) مع الطغمة المجرمة التي كانت تتغذى لسنوات على دماء السوريين، خصوصاً وأن الكثير من الأقاويل تتحدث عن سعي دول عربية كثيرة لجرّ بعض السوريين الباحثين عن ظهور أو نفوذ (أمثال موسى العمر) إلى القبول ببشار الأسد كحاكم فعلي لسوريا متجاهلين مليوناً من الشهداء ومثله من المعتقلين والمختفين قسراً وملايين من المهجرين والنازحين والكثير من المآسي التي تسبب بها أولا وأخيراً بشار الأسد ومن والاه.

بطبيعة الحال، هي مرحلة يجب أن يقف ملايين السوريين في وجه تنفيذها، وأن يُخرسوا أي صوت يدعو لها، مثلما أخرسوا موسى العمر في كل تصريح غير مسؤول يتحدث به، وهنا أتعجب كثيراً (أليس على الإعلامي احترام آراء الناس كقاعدة أسياسية في عمله؟) وأن ذلك من بديهيات المهنة، وأن يُدرك أن تحركاته كلها أصبحت محطّ سخرية وتهكّم من قبل أهله السوريين، وعليه أن يَصمت!.

إن من لا يحترم دماء أهله ومبادئ ما تبقى منهم في المخيمات وبلاد اللجوء لا يمكن أن يكون إنساناً، فكيف إذا كان يقدم نفسه على أنه العارف بكل شيء وأن البقية “عجيان الثورة” كما وصفهم، مدافعاً وقتها عن ظهوره مع فتاة تعتبر محطّ جدل بخصوص تأييدها لبشار الأسد وزوجته.

سوريا.. والتلفزيون الممول قطرياً

بالعودة إلى تلفزيون سوريا، فإن الكثير من الزملاء الأعزاء يعملون في هذا التلفزيون، وأنا أؤمن بمواقفهم من الثورة السورية، ولست أهلاً لتقييمهم، ولكن العتب الكبير عليهم بصمتهم المستمر عن أي موقف ينتقص من السوريين الأحرار الذين من المفترض أن يكون التلفزيون صوتهم وصورتهم ولسان حالهم الذي يقطر قهراً وظلماً… فإذا به يغدو شيئا آخر تماماً، تفوح رائحته في حفل الانطلاقة وفي نمط ضيوفه!

زر الذهاب إلى الأعلى