العربي الآن

هل تتعلم إسرائيل من أخطاء الماضي: قراءة في انتقادات (هآرتس) لسياسات نتنياهو

بلال الخلف- العربي القديم

نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية تقريراً لاذعاً تنتقد فيه سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متسائلة عن القرارات التي اتخذها خلال العام الماضي والتي كان من الممكن أن تغير مسار الأحداث في الصراع المستمر مع حركة حماس في غزة.

تبدأ “هآرتس” بتوجيه انتقاد مباشر لنتنياهو بشأن رفضه لصفقة في فبراير 2024، كان من الممكن أن تفضي إلى تحرير عشرات المخطوفين الأحياء، وتجنب موت العديد من الجنود، وإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم، مما كان سيساهم في إعادة دوران عجلة الاقتصاد الإسرائيلي المتأثر بالأحداث. كما أشارت الصحيفة إلى إمكانية تحقيق التطبيع مع السعودية وإيجاد بديل عن سلطة حماس في غزة، مثل محمد دحلان. هذه الفقرة تفتح المجال للتساؤل: هل كانت الفرصة بالفعل سانحة للتغيير، ولماذا رفض نتنياهو هذه الصفقة؟

من هنا تبرز الصحيفة مسألة خلط نتنياهو وأبواقه، بحسب تعبيرها، بين الغاية والوسيلة. فقد شددت “هآرتس” على أن الهدف من اغتيال القيادات الكبيرة، وإن كان يعزز الردع الإسرائيلي، يجب ألا يكون مجرد وضع علامة “X” على رؤوس المطلوبين، بل السعي لتحقيق واقع أمني أفضل. لكن، ورغم العديد من الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل، فإن حماس وحزب الله لم يضعفا، بل عززا من قوتهما، ما يدفعنا إلى التساؤل: هل تم فهم الدرس الحقيقي من هذه العمليات، أم أن السياسات الحالية تكرر أخطاء الماضي؟

تشير “هآرتس” إلى تجربتين مريرتين للولايات المتحدة، في العراق وأفغانستان، حيث نجحت في تحقيق أهداف قصيرة الأمد كاحتلال العراق واعتقال صدام حسين، واغتيال أسامة بن لادن، لكنها غرقت في مستنقعات سياسية وعسكرية أدت إلى نتائج عكسية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل تسير إسرائيل في نفس الطريق، متجاهلة العواقب البعيدة الأمد والتركيز فقط على الانتصارات اللحظية؟ الولايات المتحدة احتفلت بإسقاط صدام حسين، لكن بعد سنوات من الفوضى والدمار، أصبح العراق ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية. كما تخلت عن أفغانستان بعد عشرين عاماً دموية، تاركة طالبان تسيطر على البلاد.

المغزى من هذه الانتقادات يتجاوز مجرد توجيه اللوم إلى نتنياهو وسياساته الأمنية. فهي تطرح تساؤلات أعمق حول مفهوم الردع وتأثيره الطويل الأمد على أمن الدول. هل الردع يعني اغتيال القادة أم إيجاد حلول سياسية طويلة الأمد؟ وهل الانتصارات السريعة تغني عن بناء استراتيجية شاملة تضمن الاستقرار؟

تأتي هذه الانتقادات في وقت حرج، حيث تبحث إسرائيل عن تحقيق توازن بين الحفاظ على أمنها الداخلي والتحالفات الإقليمية، خصوصاً في ظل الحديث عن فرص تطبيع مع دول الخليج. وكما تشير “هآرتس”، فإن القيادة الإسرائيلية، إذا لم تستفد من أخطاء الماضي، قد تجد نفسها عالقة في دوامة من العنف وعدم الاستقرار، تماماً كما حدث مع الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.

في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن لإسرائيل أن تتعلم من هذه التجارب الدولية الفاشلة، وأن تدرك أن الاستمرار في النهج الحالي قد لا يقود إلا إلى المزيد من التوترات والفوضى؟

زر الذهاب إلى الأعلى