نوافذ الاثنين: عن صالون عفراء جلبي الثقافي في مونتريال
تعرفت على الصديقة الدكتورة عفراء جلبي مع بداية الثورة السورية، في أول مظاهرة خرجت في مونتريال في آذار ٢٠١١، ومع مرور الأيام تعمقت معرفتي بها وبأخواتها حيث كنا نشارك في جميع النشاطات التي كانت تجري في مونتريال لدعم ثورة الشعب السوري، وكان من هذه النشاطات المحاضرات التي كانت تنظمها عفراء في بيتها، فقد كانت تستفيد من مرور بعض السياسيين أو الكتاب أو الصحفيين، الذين كانوا على تماس مباشر بالوضع السوري وتطوراته، فتستضيفهم وتوجه الدعوات للناشطين السوريين لحضور تلك الندوات، مما خلق، بشكل عفوي، صالوناً ثقافياً عربياً، تديره بمهارة، سيدة سورية تتمتع بثقافة واسعة وبجمال. استمر هذا الصالون في النشاط حتي يومنا هذا، مع فترات من التوقف بسبب ”كورونا“.
كان صالون عفراء جلبي يعمل، كأغلبية الصالونات الثقافية، فقد أصبح منبراً للنقاش والحوار وتبادل الأفكار والتعبير الثقافي، وعملت على جذب المهتمين بالثقافة والفن والأدب والفكر، ووفرت بيئة حرة للتعبير عن أراء المشاركين بكل ما يخص الثورة السورية وسبل دعمها، والمعوقات التي تواجهها أو قد تواجهها، ومخاطر استخدام السلاح، ونقد الأصوات التي تدعو إلى إضفاء طابع ديني على بعض الأنشطة. وكان عفراء تقول: أنا لا أنقد إضفاء طابع ديني على أي شيء ولكن اهتم باستعمال الادوات النقدية وأساليب الحوار لطرح كل الموضوعات. من أجل ذلك عمل صالون عفراء على مناقشة مجموعة متنوعة من المواضيع بما في ذلك الأدب، والثقافة، والتاريخ، والسياسة، وحقوق المرأة، والمشاكل الاجتماعية، وتمت، كما ذكرت، دعوة الضيوف المتحدثين المتخصصين في المواضيع المختلفة لإلقاء محاضرات أو تسهيل المناقشات، وتشجيع الحاضرين على المشاركة وطرح الأسئلة. وهكذا مثل هذا الصالون الثقافي فضاءً هاماً للتعلم والتواصل وتوسيع المعرفة. وشكل أيضا فرصة لتكوين شبكات اجتماعية ساهمت في دعم الثورة، والتعرف على أشخاص آخرين مهتمين بنفس المجالات.
مع بداية الخريف، بدأت الدكتورة عفراء نشاطها الثقافي، فنظمت جلسة في بيتها، ودائماً بالتعاون مع زوجها ياسر المالكي، بمناسبة مرور ثلاثين عاما على صدور كتاب والدها الدكتور خالص جلبي ”عندما بزغت الشمس مرتين: قصة اختراع القنبلة النووية“، تحدث فيها عن تاريخ السلاح النووي. مع نزول فيلم Oppenheimer هذا الصيف إلى دور السينما، وفي ظل الأحداث التي تعصف في أوكرانيا وصراع الولايات المتحدة وروسيا حالياً، عاد الحديث في الأوساط الغربية الفكرية والاعلامية إلى أهمية فهم تاريخ وطبيعة العصر النووي الذي نعيش فيه، حيث دخلت البشرية مرحلة جديدة مع انفجار القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي في شهر آب 1945. وفي تلك اللحظات انقلبت محاور العصر الذي نعيش فيه كلياً بشكل يستدعي اعادة التفكير في السياسة والحرب والمقاومة ومفاهيم السلاح.
أجاد الدكتور خالص، الرجل الموسوعي، في استعراض المخاطر التي تهدد البشرية في العصر النووي، وقد تميز بذاكرة مدهشة شابة رغم اقترابه من الثمانين، وبمعرفة شمولية من العلم والفلسفة والتاريخ والأديان، أعطت محاضرته نكهة خاصة تميز كل مقالات وكتب خالص جلبي،
شكراً عفراء وياسر، وشكر كبير للدكتور خالص، وعلى أمل آن نلتقي في محاضرة جديدة في صالون السورية عفراء جلبي.