التاريخ السوري

النكسة في ذكريات الرفاق!

الرفاق خربوا التعايش الذي كان قائما بين كل المكونات في المجتمع السوري

صبري عيسى – العربي القديم

في مثل هذا اليوم التاسع من حزيران عام 1967، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر استقالته من منصب رئاسة الجمهورية معترفاً بمسؤوليته عن هزيمة مصرفي الحرب، وفي سورية اعتبر حزب البعث نفسه منتصراً في هذه الحرب بحجة (أننا صحيح خسرنا الحرب لكننا ربحنا النظام)، ولم يعترف قادة البعث بمسؤوليتهم عن الخسارة، وبعد الحرب بأيام قيل ان هناك أصواتاً داخل القيادة دعت حينها الى (مؤتمر وطني عام يتم فيه الاعلان عن تخلي الحزب عن السلطة ، وإعادة الأمانة الى الشعب كي يدير أموره ويتولى شؤونه بنفسه ويحرر أرضه بالطريقة التي يراها مناسبة) يقول د .حبيب حداد عضو القيادة القطرية في ذلك الوقت ووزيرا للإعلام في مقال له نشره في 5/6/2008 على موقع (كلنا شركاء) الإخباري:

“بعد يومين من توقف الأعمال الحربية عقدت القيادة السياسية اجتماعا اقترح فيه الرفيق عبد الحميد مقداد عضو القيادة القطرية، وفي موقف وجداني لافت ومؤثر، أن تقوم القيادة بدعوة مؤتمر وطني عام في سورية تعلن فيه تخليها عن السلطة وإعادة الأمانة إلى الشعب كي يتدبر أمره ويتولى شؤونه بنفسه ويحرر أرضه بالطريقة التي يراها مناسبة، وأضاف حداد: لم يلق الاقتراح الاستجابة من معظم أعضاء القيادة الذين رأوا فيه تفريطا بقيادة الحزب للثورة كما رأى بعضهم في اقتراح الرفيق مقداد ظاهرة ضعف وتراجع ووجد تفسيراً لها بأنها قد تحدث أثناء الأزمات والظروف الصعبة”.

مشكلتنا مع القيادات البعثية والحكومات المتعاقبة أنها لا تعترف بالحقائق إلا بعد إبعادها عن مواقعها القيادية، وبعد فوات الأوان كما حصل في حزيران1967، ولم تكن هناك رؤية ولا استراتيجية لإدارة شؤون البلاد منذ 8 آذار 1963 بسبب احتكار البعث لكل السلطات مع غياب الرأي الآخر وممارسة سياسة الإقصاء على الجميع، والذي يقرأ مذكرات قيادات البعث السابقة، يكتشف آلية اتخاذ القرارات التي كان يتم بموجبها إدارة شؤون البلاد، ولن أستغرب قيام القيادات السابقة للبعث المنحل، بكتابة مذكراتهم بعد إبعادهم عن مواقعهم الحالية، لنكتشف أنهم كانوا أبرياء من الحال التي وصلت إليها البلاد الآن بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة الأزمة التي عاشتها سوريا في ظل النظام البائد، مع تجاهل معاناة الناس من غلاء وفساد وسيطرة مافيات وحيتان السوق على لقمة خبز المواطن العاجز الذي لم يبق له سوى التوجه الى الله بالدعاء ان يعيد الأمان والسلام لبلده!!!

 وتعود سورية وطناً حراً لكل السوريين، واقول أن الرفاق خربوا التعايش الذي كان قائما بين كل المكونات في المجتمع السوري، فتحول نصف الشعب السوري إلى كتبة تقارير كيدية بالنصف الآخر 

حاشية

في زاويته اليومية في (الشرق الوسط) بتاريخ 6/6/2013 كتب سمير عطالله عن زياراته لدمشق في بدايات 8 آذار 1963 ما يلي: كنت أذهب إلى دمشق في تلك الفترة فأجد الجنود في الساحات كأنما في حالة حرب. ولا أنسى مرة ألقى مراسل “النهار” المقيم التحية على دورية تشرب الشاي قائلا: “يعطيكم العافية شباب” فرد رئيسها “ع شو ولاه يعطينا العافية. شايفنا محتلين إسرائيل وراجعين”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى