الرأي العام

التأرجح بين المركزية واللامركزية

كل بداية من دمشق وليس من القامشلي ولا السويداء أو اللاذقية لأنها المدينة السنية الكردية العلوية الدرزية الأكبر

مصعب الجندي- العربي القديم

مركزية هنا ولا مركزية هناك هل هو خلاف في الرؤية العامة للدولة كمؤسسات؟ أم هي مطب السياسة والعقائد والإيديولوجيا، تارة بحش وليس بحث في التاريخ وأخرى مظلوميات وبكائيات مع نكران لمظلوميات الآخرين وجميعها تدفع باتجاه هوية وطنية خاصة، لكل مساحة إبهام أو خنصر في الوطن، أم أن التأرجح بينهما مخاوف على وطن من التمزق تصح في نقطة وتخطئ في أخرى؟!

 الحديث يطول والخديعة أطول، وليس من أحد على أرض هذا الوطن يفكر لحظة بمصلحته ومصلحة البقية الباقية من أبنائه… الحجج الواهية حاضرة دائماً إحداها معاناة الناس من المركزية السابقة وتلك قراءة قاصرة لأن الأسد الأب المجرم كان لا مركزي الإدارة العامودية الحادّة باختياره وجوه وشخصيات هي الأقذر في كل بيئة، وفي كل تجمع سياسي أو اجتماعي ومنحها الكثير من صلاحيات القذارة في تلك البيئة ليكون الناتج تجمع بيئات القذارة والفساد…. ثم يقدم واحدة على أخرى، يُنهي دور ذاك ليطلق دور آخر، والمهم هو وحده حتى النواة الصلبة المساندة لحكمه والتي كانت أسّ ثقته وبالوقت نفسه ليست إلا أداة يلقي بها في أول مكب نفايات حين تقتضي حاجته لذلك كما فعل نجله الساقط حين فراره.

أما التاريخ صانع الحروب باجترار مظلومياته (لا أنفي الظلم) والحاضر دائماً بكل سجال هو الأصل … أصل السيرة وخاتمتها (مسلّات تنخز….) بغباء أو حقد أو لا انتماء إلا للعرق أو المذهب أو جذور تمتدّ إلى ما وراء الحدود لكل حاقد أو طامع مع المعرفة الكاملة أنها حدوداً صُنعت في مرحلة كانت فيها رخوة غير واضحة لتداخل عيش شعوبها وأقوامها، وأتحدى هنا أن يأتيني أحد من علماء التاريخ والجغرافيا ويرسم لي حدوداً واضحة لدولة في هذه المنطقة بأكملها وليس سوريا فقط، صافية العرق والدين قبل القرن السابع عشر ألهم إلا الشطحات والخيال مع كثير من النفاق السياسي. أما تلك المسلّات ليست إلا ثوب مهترأ لا يصلح لسترٍ أو عريّ.

وبعد التأرجح بين المركزية واللا مركزية من جميع الأطراف التي تتفاوض أمام الستار أو خلفه، وسلطة وغير سلطة، وبكل المستويات والمسميات في الطرح والمناداة والمخاوف التي لا أنفيها ولا أسعى حتى لضبطها، لأني الضعيف الأضعف من جميع تلك الأصوات بين حق وعدل بلا ضوابط وبين أصوات تثير الغرائز والقطعان، لا هدف لي في قلب الطاولة، بقدر ما أسعى  لتوضيح وتظهير الطاولة بذاتها، من خلال أسئلة باتت أجوبتها قريبة من البديهية مع عدم نفي أن جوانب من مآسي الحاضر صنيعة تراكم سياسات مورست على بنى الديموغرافيا السورية أغلبها بهدف تثبيت أركان حكم مهما كان الثمن الذي دفعه السوريون، وبعضها ضعف وخلل واضح بالمقدرة الاقتصادية في توزعها على الجغرافيا مترافقة مع خطط اقتصادية عقيمة. والنتائج هي أمر واقع من الجريمة تصحيحه بالوسائل السابقة وإلا سيبقى السوريون في الدوامة نفسها.

أولاً: هل يوجد مدينة سورية من المدن الكبرى ذات نقاء عرقي أو مذهبي؟ هو السؤال الأهم للإجابة على طرح السواد الأعظم من الأغبياء أو القطعان.

ثانياً: هل يوجد منطقة ذات أغلبية عرقية أو طائفية تحقق اكتفائها الذاتي الاقتصادي والمعيشي؟

ثالثاً: لا مقدسات: لكلٍ من نظامي المركزية أو اللا مركزية سلبياته، وفي كليهما يجب أن تكون الدولة واحدة مفصولة السلطات الثلاث (الدستورية_ القضائية_ التنفيذية).

 يبقى أن اللاّ مركزية تسمح أكثر بالتشاركية مع توسعة دائرة صنع القرار وتحميل المجتمعات المحلية جانب أكبر من المسؤوليات والحقوق، أي تخفف أعباء عن مركز الدولة المكاني الذي عانى لعقود من ضغط حتى كاد أن يختنق… كل بداية من دمشق وليس من القامشلي ولا السويداء أو اللاذقية لأنها المدينة الكردية العلوية الدرزية السنية الأكبر… دمشق وريفها لأنها الرهان الرابح لكل من راهن ولكل من اختلف.

زر الذهاب إلى الأعلى