تظاهرات الفلول.. محاولة “قسد” واتباعها لإثارة الفوضى
الأوطان لا تبنيها الميليشيات ولا السلاح ولا الأحزاب المصنفة "إرهابية"، وأن السلاح لن يستمر بين أيديها إلى الأبد

أسامة المصري – العربي القديم
قبل عدة أيام صعد مظلوم عبدي قائد ما يسمى قوات سوريا الديموقراطية “قسد” تجاه الدولة السورية واضعا شروط جديدة للحوار مع دمشق وتطبيق اتفاق العاشر من آذار، محرضا على الفدرلة، ومنصبا نفسه مدافعا وناطقا باسم الأقليات، في محاولة جديدة لخلط الاوراق وإثارة الفوضى في سوريا الجديدة وإدخالها في أتون الحرب مرة أخرى، فالميليشيات وتجار المخدرات والعصابات لا تعيش مع الاستقرار ولا تسعى إليه، وهذا ما لاقاه غزال غزال مدعيا تمثيل الطائفة العلوية، وهو أحد رجالات الأسد بدعوة لأنصاره بالتظاهر للمطالبة بالمعتقلين من مجرمي الأسد، ملقيا ببيان يعتبر تهديدا بالحرب، غير آبه لا بأبناء الطائفة العلوية، ولا بالدماء التي يمكن أن تراق فيما لو اندلعت حرب جديدة، في الوقت نفسه أطلق حكمت الهجري عصاباته في تظاهرة بمدينة السويداء رافعين أعلام إسرائيل، وصور نتنياهو بجانب صورته، إنه تناغم لفلول النظام في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإثارة الفوضى.
هؤلاء يفكرون بعقلية نظام الأسد الذي أوجدهم ويسيرون على برامجه وخططه التي أسقطها واسقطه الشعب السوري وإلى الابد، ويبدو أنهم حتى الآن لم يدركوا أنهم باتوا في زمن جديد تجاوزهم، ولن يقبل السوريون العودة لنظام المخابرات والمخدرات مهما كانت التضحيات.

يجب أن تدرك “قسد” وقادتها من الوطنيين السوريين، أن الأوطان لا تبنيها الميليشيات ولا السلاح ولا الأحزاب المصنفة “إرهابية”، وأن السلاح لن يستمر بين أيديها إلى الأبد فمن وضع السلاح بين أيديها سقط وانتهى، وحزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح لأكثر من أربعين عاما القاه، وكان من الممكن لولا التغيرات الإقليمية مع سقوط نظام الأسد، أن يستمر حاملا سلاحه لأربعين سنة أخرى دون أن يحقق شيئا للشعب الكردي، لا في تركيا ولا في الأماكن الأخرى، خاصة أنه رهن نفسه منذ انطلاقته لقوى إقليمية، وبات على قادة “قسد” أن يدركوا ذلك، وأن السيد عبدالله أوجلان لن يكون سيدا أو قائدا في سوريا، فإذا كان عبدي أحد رجالات أوجلان ويعتبره قائده ومرشده، فهذا لا يعني السوريين ولن يرضخ السوريون لتعليمات السيد أوجلان..
اصرار “قسد” على تمثيل الأقليات هي محاولة بائسة ويائسة للاستقواء بأبناء الشعب السوري الذين اتعبتهم الحرب ويبحثون عن الاستقرار والمستقبل، وسقط رهانها مع التظاهرات التي خرجت في مدنية حمص واللاذقية وطرطوس وبعض التجمعات الأخرى، التي من الواضح أن من قام بها ليس أناس عاديون بل أشخاص معظمهم من فلول النظام الذين قالت لهم السلطة الجديدة (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، خرجوا ليهتفوا بشعارات طائفية مقيتة، مطالبين بالإفراج عن المجرمين من جيش الأسد وميليشياته، الذين أوغلوا في الدم السوري، وتم القبض عليهم من قبل السلطات الجديدة.
من هرب من مدينة حمص عشية سقوط النظام هم أنفسهم من يتظاهرون للمطالبة باللامركزية والفيدرالية ـ التي لقنتهم إياها “قسد”ـ ويطالبون بالإفراج عن المعتقلين من مجرمي النظام البائد استجابة لدعوة غزال غزال، وهم أنفسهم رجال المخابرات والفرقة الرابعة، وبقية الميليشيات الايرانية ومن يدور بفلكها، وهم أنفسهم من نهب بيوت أهالي حمص وأقاموا سوقا لها، وهم أنفسهم من أحال بيوت أحياء حمص المدمرة إلى ركام بعد أن سرقوا حديدها، وقبل ذلك هم أنفسهم من كانوا يطلقون النار على المتظاهرين بداية الثورة، وهم من داسوا بأقدامهم على رؤوس المتظاهرين، وهم أنفسهم والناطقين باسمهم خلف شاشات موبايلاتهم في دول الاغتراب من رفض اعتذار الأشخاص الوطنيين من أبناء طائفتهم عما ارتكبوه بحق أهالي حمص وأحيائها وبيوتها، فالعلويون في حمص لا يمثلهم هؤلاء الغوغاء الذين استجابوا لغزال رجل الأسد وحليف “قسد”، بل يمثلهم رمز الإخاء والسلم الاستاذ محمد الصالح وأمثاله الذين يعملون ليل نهار من أجل الاستقرار والسلم الأهلي، واعادة بناء سوريا الجديدة سوريا المستقبل دولة المواطنة، ومعظم أبناء الطائفة العلوية لا يمثلهم غزال وأزلامه، كما أن الدروز لا يمثلهم الهجري وعصاباته، ولا الأكراد تمثلهم ” قسد “.
أما في السويداء التي فرض حكمت الهجري عليها السيطرة المطلقة، بقوة السلاح والبطش والترهيب والتخوين أيضا خرج فلول النظام البائد وعصابات الاتجار بالمخدرات يوم الاثنين الماضي رافعين الأعلام الاسرائيلية وصور الهجري إلى جانب نتنياهو في محاولة للتأكيد على خروجهم عن الوطن السوري، وتحالفهم مع إسرائيل بل ربما أكثر من ذلك باعتبار أنفسهم تابعين لإسرائيل، وأخوة لمجرمي حرب الابادة في غزة، بطريقة رخيصة بالتملق لإسرائيل، في الوقت ذاته كان الهجري أمر بنزع كلمة “محافظة” عن بناء محافظة السويداء تمهيدا لتغيير الاسم وربما لاعتماد تسمية “جبل الباشان” وتحويل بناء المحافظة إلى مقر لحكومة العصابات والقتلة وتجار المخدرات.
وفيما تستعد سوريا الجديدة لإحياء الذكرى الأولى للتحرر من أقذر نظام عرفه التاريخ، بالتزامن مع نجاحات حققتها السلطة خلال هذا العام في تقديم نفسها للمجتمع العربي والدولي وحصلت على مشروعية قل نظيرها خلال زمن قياسي، بات واضحا أن تنسيقا برعاية إسرائيلية بين “قسد” والهجري وغزال واتباعه لإثارة الفوضى، ومحاولة لقلب الطاولة بوجه السلطة الجديدة وسوريا الجديدة، فإسرائيل التي تعتبر أقوى قوة عسكرية في الشرق الأوسط، تنتهك السيادة السورية باستمرار في الجنوب في محاولة لإضعاف السلطة السورية وفرض سلام بشروطها، بنفس الوقت تتحرك “قسد” في محاولات لتقويض السلطة عبر استفزازات عسكرية ومحاولات لتسجيل اختراق عسكري في نقاط التماس، فيما يمضي الهجري وعصاباته لتكريس واقع جديد، مع محاولات أيضا لإحداث اختراقات عسكرية بشكل مستمر وجر السلطة إلى معركة جديدة لاستدعاء إسرائيل مرة أخرى، وبموازاة ذلك فإن فلول النظام ينفذون عمليات في بعض مناطق الساحل والحدود اللبنانية، لكن بدا واضحا أن المظاهرات وبغض النظر عن دوافعها وشعاراتها ومن قام بها فقد كانت نتائجها وانعكاساتها لصالح السلطة إيجابيا، فقد نشرت السلطة الآلاف رمن رجال الأمن لحماية هذه التظاهرات، وبالفعل فقد وفرت للمتظاهرين الحماية الكاملة في التعبير عما يرغبون به، وبذلك تكون هذه المظاهرات قد أدت خدمة للسلطات الجديدة وأن رجالها يمثلون دولة وقانون، وليس عصابات كما يدعي معارضو “الفيسبوك” ومن على شاكلتهم الذين باتو اتباعا لشيوخهم وصامتين عن كل الممارسات التي تضر بالوحدة الوطنية ووحدة البلاد، ويبحثون عن الشائعات والأخبار المضللة لإعادة نشرها على صفحاتهم ليل نهار.