بصمات | انظروا إليهم.. إنهم يرتدون فيلدات الموت الأسدي
د. علي حافظ
في السابق، قبل أن يتغير اللباس العسكري في سورية ويصبح جله مموهاً، تم الترويج للنظام الأسدي من خلال ارتداء أغلب قطعانه الفيلد الخاكي، الذي يعود أصله إلى كوريا الشمالية التي حاولت يوماً تقديم نسختها الدعائية من الجينز الأمريكي!
ظهر نوعان من الفيلدات: المموه الذي ميز فئات النخبة من “الحرس الجمهوري” و”الوحدات الخاصة” و”سرايا الدفاع”، و”الفرقة الرابعة” التي ظهرت نتيجة دمج بعض سرايا رفعت الأسد المنحلة؛ أما الخاكي (الفضي والزيتي) فكان عاماً ويخص بقية وحدات وتشكيلات تلك العصابة، التي عرفت لدى الناس بـ “جيش أبو شحاطة”، أو “جيش أبو الزلف”، أو “جيش التعفيش”.
كان هناك استثناء وحيد فقط خص ضباط وعناصر المخابرات الذين ارتدوا الملابس المدنية للتمويه وخداع الناس، لكنهم وضعوا مسدساتهم على خصورهم، لاسيما من نوع “ماكاروف عيار 9 مم”، لتظهر فوهاتهم أو أجزاء من سبطاناتهم الطويلة متدلية على خلفياتهم تحت الفيلدات…
لقد ميز أتباع الأسد أنفسهم عن السكان المدنيين الآخرين بهذا الفيلد، بحيث عد استعراضاً للقوة وإحساساً بالاعتزاز والفخر للانتماء إلى ذلك النظام الأمني العسكري الدموي القذر، الذي طالما قتلنا وشردنا ودمر بيوتنا، ولم يرحم شيوخنا ونسائنا وأطفالنا.
لكن، ما إن بدأت الثورة وشاهدت أغلبية الناس كيف انقلب الفيلد من الداخل إلى الخارج، ليكشف عن كل ما احتواه من خبث وسرقة ورشوة وتشليح وقسوة وعنف وقتل وسلب ونهب وتهجير وإجرام ومجازر وازدراء للكرامة الشخصية والحياة الإنسانية للمواطنين السوريين أجمع… ورغم أن الأكثرية عرفت تلك السمات الرخيصة التي شكلت العلامة التجارية الخاصة لنظام الأسد طوال فترة حكمه، لاسيما أولئك الذين خدموا في جيشه واعتادوا على رؤيتها وملامستها عن كثب داخل تشكيلاته، إلا أنها أصبحت مرئية بشكل واضح!
وهكذا، راح الناس العاديون يصطدمون مباشرة بنفوس هؤلاء الدنيئة وأرواحهم القذرة التي اختبأت داخل بطانة الفيلد العفنة ودرزات خيوطه الملتوية والمشبعة بالدم البريء…
لقد توافق الشكل الخارجي للأسد في هذه الحرب الوقحة ضدنا مع محتواه الداخلي، مدمراً قوة المحاكاة الوطنية الكاذبة التي وقف عليها خلال كل سنوات حكمه الماضية. واستمراراً لهذه المحاكاة، يُخيط النظام دائماً مثل هذه الفيلدات؛ التي فقدت وظيفتها في حماية الجندي البسيط العادي من البرد، ولكن لتكون نماذجاً أساسية لطائفة متعسكرة أبداً، والتي لها وجه واحد مدبوغ بجميع وشوم الاستبداد والعنف والقسوة والصلافة التي لا مفر منها لحياة أي جبلي من أتباع آل الأسد… فما إن يخلعوا تلك الفيلدات البائسة حتى نراهم بشكلهم العاري المحرج للغاية، بحيث لا يمكن ستر هذا العري الحيواني المقرف؛ حتى ولو خرجوا علينا بأزياء البروليتاريا الرثة؛ ليعطونا دروساً بالوطنية والممانعة الزائفتين.. يكفي أن نتذكر المجازر التي ارتكبتها قواتهم وشبيحتهم في كل شبر داسته بساطيرهم، لتعود صور هذه الفيلدات المخزية، ولسان حالها يقول: انظروا إلنا، انظروا إلينا فقط.. إننا لسنا عراة.. إننا نرتدي فيلدات الأسد.