سجل الزيف والأكاذيب: علمانية بأمر الولي الفقيه
نظام “علماني” يستقدم ميليشيات طائفية من عدة دول لذبح "شعبه"،

كاظم آل طوقان – العربي القديم
مازلنا لليوم نعثر على مقابر جماعية ارتكبها تنظيم بشار الأسد وميليشيات المجوس في سوريا، ورغم ذلك ثمة من يقفز من فوق هذه المقابر، وبدل أن يعتذر أخلاقيا عن وقوفه مع النظام، تجده يضع مساحيق التجميل له وأصباغ الشيطنة لغيره، وكثيراً ما يردد: إن نظام الأسد كان علمانياً للقول “ضمناً”، إن سوريا يحكمها “ظلاميون متشددون”. وهنا نسأل: هل نظام الأسد كان فعلاً علمانياً؟!
يردّد البعض – سذاجةً أو تضليلاً – أن نظام الأسد، نظام علماني، مدني، لأن بشار يضع ربطة عنق، وزوجته أسماء كانت تلبس الماركات العالمية، ولأن بعض المناصب في عهدهما البائد كان يشغلها “سنة”. لكن الحقيقة أن هذا النظام لم يكن علمانيًا في يوم من الأيام، بل نظام طائفي، متطرف، استئصالي، لبس قناع “العلمانية” ليخدع العالم ويضرب السوريين بلا رحمة.
وهذه أبرز الحقائق التي تفضح زيف تلك الأكذوبة:
🔹 التحالف مع إيران ليس سياسيًا.. بل مذهبي عقائدي
منذ الثمانينات، تخندق نظام الأسد الأب مع إيران في كل مواقفها ، ومنها ضد العراق، رغم ادّعائه القومية ورفعه شعارات العروبة والعلمانية . الموقف لم يكن سياسيًا، بل تعبير عن ولاء مذهبي عابر للحدود، والصدفة ذكرني الفيسبوك بمنشور كتبته العام الماضي في مثل هذا اليوم، سخرت فيه من لقاء بشار بخامنئي، حين قال “المخلوع”، لمرشده وقتذاك: “العلاقات مستمرة بتوجيهاتكم”، دققوا في كلمة بتوجيهاتكم! أتفهم موضوع اللقاءات الرسمية وما يرافقها من عبارات الثناء وتأكيد عمق العلاقات ولكن استخدام بشار لكلمة “بتوجيهاتكم” تعكس عمق الارتهان لولاية الفقيه والتحالف معها، تحالف كما أسلفنا ليس سياسياً بل عقدي أولاً وأخيراً وكثيراً ما رفض بشار عروض التخلي عن إيران مقابل تعويمه وترك “الحضن الإيراني” لكنه رفض ذلك من منطلق عقدي مذهبي لا يخفى على أحد.
🔹 نشر التشيّع عبر جمعية “المرتضى“
منذ الثمانيات أنشأ تنظيم الأسد جمعية “المرتضى” وتسلم قيادتها جميل الأسد بهدف نشر التشيّع الفارسي في سوريا، وهو مشروع تغيير مذهبي مدروس، لا علاقة له بالدولة أو الوطنية أو حتى “التعددية”.وهنا أذكر كيف كان تنظيم الأسد ، “العلماني”، يستغل ظروف المنطقة الشرقية لنشر التشيع فيها ترغيباً وترهيباً ، علماً أنها منطقة غنية بالخيرات والثروات والكفاءات ، لكنه تعمد تفقيرها ، واشترى ذمم متنفذين فيها لنشر مشروعه الطائفي ، الذي زاد في عهد “الطبيب الآتي من بريطانيا العظمى والمتقدمة”، فشهدنا وخاصة في سنوات حكمه الأخيرة كيف أطلق العنان لمشروع تغيير الهوية السورية ، شراء عقارات في دمشق بأرقام فلكية ، أدلجة الأطفال في ما تسمى “كشافة المهدي” ، عمليات غزو فكري عبر إنشاء مراكز “ثقافية” التي توزع رغيف الخبز بيد وباليد الأخرى كتب السم ، وهذا ما يحتم على الدولة والوليدة معالجة التداعيات الفكرية لما خلفه الاحتلال الإيراني القرداحي لسوريا
🔹 إنشاء كانتونات طائفية في قلب الحواضر السنّية
منذ الثمانينات، بدأ حافظ، بزرع جيوب طائفية في المدن السنّية الكبرى، وخاصة دمشق، عرفنا البعد من إنشائها عندما ترسخ حكم العصابة، وعندما اندلعت الثورة، تحوّلت تلك الكانتونات إلى نقاط انطلاق للقمع والقتل والتجسس وتدنيس المساجد وأذكر مرة عندما تظاهرنا في المدينة الجامعية بدمشق، بعد اعتقال الأمن الجامعي طالبات محجبات من درعا ، كيف تسابق زملاء الدراسة والسكن بموجب انتمائهم الطائفي مع سكان مستوطنات الإجرام لقمعنا، مع ترديد عبارات ، شتم الذات الإلهية والطعن بالأعراض
🔹 تغيير ديموغرافي ممنهج ونهب ممتلكات المدنيين
أتفهم موضوع المواجهة العسكرية ، عندما تقابل بندقية بندقية أخرى، طبيعي أن يحاول كل طرف تصفية الآخر ، لكن مالم أستوعبه حتى الآن كمية الحقد الطائفي لعصابة، ما إن تدخل منطقة سورية ما، حتى تحولها قاعاً صفصفا، تدمر الحجر ، تقتلع الشجر، الإجهاز على جريح، ورأينا مرة استنطاق إعلامية أسدية لامرأة مسنة في داريا عقب مجزرة مروعة ارتكبوها في المدينة، فقالت لها في جريمة بحق الإعلام والإنسان في آن، “خالة مين ضربك” تريد منها ترديد عبارات “المجموعات المسلحة “، وهي تحتضر
إضافة لذلك ، شهدت سوريا أكبر عملية تهجير ديموغرافي في تاريخها ، عملية هدفت لاجتثاث السنة من مناطقهم، أُسكنت فيها ميليشيات طائفية، وتم بيع ممتلكات المدنيين في ما أسموها هم “أسواق غنائم السنة”
أهذه علمانية؟ أم عقلية استعمار طائفي ظلامي؟
🔹 تدمير الحواضر السنية والتركيز على المساجد
المعروف طبعاً بأن البرميل سلاح ليس ذكياً ولم يستخدم في العمليات العسكرية لأنه لا يحسم مواجهة، لكنه كان يتقصد تدمير الحواضر السنية وكانت عصابة الأسد تتعمد إسقاطها في وقت الذروة وخاصة أوقات صلاة الجمعة لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين، ومازلنا نذكر كيف كان شريك الوطن يبارك تلك البراميل ويقول هل من مزيد؟
ولا ننسى تدنيسهم للمساجد والسخرية من المصلين وكتابة عبارات طائفية عليها ووصلت الحال بهم لنبش قبور الصحابة وتدنيسها كقبري معاوية وعمر بن عبد العزيز.
🔹استهداف معنوي
لم يقف إجرام عصابة الأسد ، عند القتل والتدمير والسرقة بحق السوريين ، بل شنوا حرباً أخطر مما سبق ، تمثلت بالطعن بالأعراض عبر ترويج أكذوبة “جهاد النكاح”، ووصلت بهم السفالة يوماً، لإجبار الطفلة روان قداح على التلفظ بما أرادوه من أفكار تستهدف الشريحة السنية، ليس فقط جسدياً بل فكريا ومعنوياً ، وهم الذين يعرفون قبل غيرهم ، مدى غيرة تلك الشريحة على عرضها وهو ما حملها على الهجرة والموت في المخيمات والشتات غرقا وقهراً ، في سبيل الحفاظ على الشرف الذي لايعرفه غيرهم
🔹 التمكين الطائفي في مفاصل الدولة الحساسة
الجيش، المخابرات، القضاء، الإعلام، الخارجية… كلها مؤسسات خاضعة لمنظومة ولاء طائفي، لا للكفاءة ولا للقانون، وإلا كيف يمكن لشخص مثل سهيل الحسن الذي لايعرف ترتيب جملتين ، قيادة عمليات عسكرية كبيرة سوى استناداً إلى انتماء طائفي محدد. إنه ذات الانتماء الذي جعل رامي مخلوف يتحكم برغيف خبز السوريين ويصبح حوت الفساد الأول، وهو ذاته الآن من يكتب الآن منشورات تروج لإقليم “الساحل العلوي” والتجهيز لعمليات قوامها مئات آلاف المسلحين من مكون معين، فانظروا إلى مدى طائفية شخص كان يسيطر على اقتصاد البلاد كاملة ويشترط حصة الأسد في كل مشروع يقوم به مستثمر سوري وهو ما أفشل عدة مبادرات لرجال أعمال سوريين اضطرّوا لفتح مشاريعهم في غير بلد، فهل يوجد “دولة” تطرد رأس المال ويقود الاقتصاد فيها طائفي موتور إلا إذا كانت عصابة مذهبية تمتهن السرقة وتتقن التجويع؟
🔹 تحالف مع ميليشيات دينية كهنوتية
نظام “علماني” يستقدم ميليشيات طائفية من عدة دول لذبح “شعبه”،، تحالفات عسكرية مع حزب الله والحرس الثوري والحشد الشعبي… فهل هذا سلوك نظام علماني؟ أم تصرف عصابة طائفية ترى في الشعب عدوا وفي “الولائي” الماضوي ، حليفاً ونصيرا ؟
🔹 الاستعلاء الطبقي للطائفة الحاكمة
أفراد مدنيون من طائفة النظام كانوا يرون أنفسهم “الدولة”. مئات منهم يتقاضون رواتب بلا دوام، ويملكون صلاحيات أمنية غير رسمية، بينما السوريون الآخرون يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أذكر بداية الثورة كيف اتصل أحد شبيحة الأسد بالفنان السوري مازن الناطور، وقال له مشنعاً لوقوفه مع الثورة؛ يا حفيد يزيد، فرد الناطور بالقول؛ والله يا دوب أعرف اسم جدي، طبعا ما بين كلام الشبيح ورد “الناطور” تعرف الفرق بين عقلية المواطن وبعبارة أخرى “الأكثرية المتسامحة” وبين عقلية مأزومة لا ترى الوطن إلا بالانتماء الطائفي الضيق، لا تراه إلا من نافذة مروحية البراميل، وحافة حفرة التضامن .
🔹 شهادة حليف الأمس: المجلس العلوي الأعلى هو الحاكم الحقيقي
ضابط روسي كشف في مقابلة أن حافظ الأسد كان يتلقى أوامره من “المجلس العلوي الأعلى السري”، أي أن القرار لم يكن بيد مؤسسات الدولة، بل بمرجعية طائفية خفية، وهذا الرابط حتى لا يقال إن الكلام اتهام وتجننٍ دون دليل
______________________________
تنويه لابد منه :
سرد هذه الحقائق وتسمية الأشياء بمسمياتها ليس طائفية ولا تحريض ولكنها ضرورة، وضرورة ملحة في معركة الوعي، حتى لا ينخدع أحد في القشور، فالعلمانية الحقيقية تحمي الحريات وتفصل بين الدين والدولة وتكفل العدالة والحقوق. أما نظام الأسد، فاستغل قناع “العلمانية” ليُخفي مشروعًا طائفيًا قمعيًا قائمًا على الإقصاء والتمييز والولاء المذهبي.؛ فالعلمانية الحقيقية تعني الحريات والمواطنة، لا الطائفية تحت قناع الماركة وربطة العنق كما علمانية الأسد التي كانت عبارة عن ربطة عنق على جثة وطن أسير ومنتهك.