العربي الآن

هجوم مصياف: كيف غدت الفرقة الرابعة أداة في يد الجيش الإسرائيلي؟

رودي حسو– العربي القديم

الفرقة الرابعة في الجيش السوري، بقيادة اللواء ماهر الأسد، تُعتبر واحدة من أكثر الوحدات العسكرية نفوذًا وإثارة للرعب والجدل في سوريا. نشأت الفرقة في سبعينيات القرن العشرين تحت اسم “سرايا الدفاع” بقيادة رفعت علي الأسد، شقيق حافظ الأسد… قبل أن تتم إعادة هيكلتها بعد محاولة رفعت الانقلابية إثر مرض أخيه عام 1984 وتحويلها إلى “الفرقة الرابعة” لتصبح بعد عقود تحت سيطرة ماهر الأسد، شقيق رأس النظام السوري بشار الأسد.

نشأة وتحوّل الفرقة

تأسست سرايا الدفاع في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد كقوة حماية خاصة مكلفة بحماية النظام والدفاع عنه ضد التهديدات الداخلية والخارجية… ثم توسع نفوذها شيئا فشيئا لتغدو قوة ضاربة ذات هوية طائفية ونفوذ إجرامي مطلق… وقد اتخذت مقرات ومعسكرات تدريب وكانت لها مهام خاصة لا علاقة لها بمهام الجيش ولا بالتبعية له, ومن أبرز المهام التي نفذتها في ذروة نفوذها مجزرة سجن تدمر في حزيران من عام 1980 التي راح ضحيتها أكثر من 900 سجين أعزل. وبعد تورط رفعت الأسد في محاولة انقلاب ضد حكم أخيه كاد يهدد بتدمير العاصمة كما يذكر مصطفى طلاس في مذكراته، قام نظام حافظ الأسد بتفكيك سرايا الدفاع وإعادة تشكيلها كجزء من عملية مركزية السيطرة على القوات المسلحة. ومع صعود بشار الأسد إلى السلطة، استلم ماهر الأسد قيادة الفرقة الرابعة، والتي أصبحت تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على أمن النظام.

دور الفرقة الرابعة في الصراع السوري

منذ اندلاع النزاع والحراك الشعبي في سوريا، كانت الفرقة الرابعة في طليعة العمليات العسكرية ضد المظاهرات الاحتجاجية والمجموعات المسلحة المعارضة للنظام. يُنظر إليها كإحدى الأدوات الرئيسية التي يعتمد عليها النظام في تنفيذ العمليات الهجومية وفرض السيطرة في مختلف المناطق السورية كونها تمتلك معدات ثقيلة وتتمتع بتدريب عالي المستوى. تورطت في العديد من الصراعات الحضرية الكبرى، وارتكبت جرائم بحق المدنيين، ولعبت دوراً في استعادة السيطرة على العديد من المدن الاستراتيجية.

الهيمنة العلوية وقادة الفرقة

تتميز الفرقة بالهيمنة العلوية في هيكلها القيادي، حيث أن كبار الضباط عادة ما يكونون من الطائفة العلوية مما يعكس سيطرة النظام على النواحي الأيديولوجية والسياسية والعسكرية. هذا التشكيل يعزز من قدراتهم في الحفاظ على ولاء الجنود والثبات على حماية النظام في أوقات الأزمات.

قضايا الفساد والاتجار بالمخدرات

اتهمت الفرقة من قبل الصحافة الأجنبية وجهات قانونية دولية بالضلوع في أنشطة تتعلق بالفساد، بما في ذلك التعاون مع شبكات دولية لتهريب المخدرات مثل الكبتاجون. وأكدت مصادر عديدة أن هذه الأنشطة تشكل مصادر دخل كبيرة لدعم النظام مالياً، وأن هناك تواطؤاً أو تعاوناً ضمنياً من القوى الإقليمية والدولية لتسهيل هذه العمليات عبر الحدود والطرق الدولية، على الرغم من انتشار وجود التحالفات الدولية في المنطقة.

الدعم الإقليمي والدولي للفرقة يأتي ضمن إطار التحالفات السياسية والعسكرية خاصة من الحلفاء الاستراتيجيين للنظام، مثل إيران وروسيا، الذين يوفرون الدعم اللوجستي والعتاد العسكري والتدريب المكثف لتعزيز قدرات الفرقة في العمليات العسكرية .

تزويد الجانب الإسرائيلي بمعلومات حساسة

الهجمات الإسرائيلية على مواقع في سوريا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالفرقة الرابعة في مناطق مثل اللاذقية وطرطوس ومصياف، تختلط فيها الاعتبارات العسكرية مع الأبعاد السياسية والاستراتيجية. من زاوية معينة، يُنظر إلى هذه الضربات على أنها جزء من سياسة إسرائيلية تهدف إلى منع التوسع الإيراني في سوريا وتقليص تهديد حزب الله، الذي يُعتبر حليفاً قريباً للحكومة السورية والفرقة الرابعة.

لكن في سياقات أخرى، تشير بعض التحليلات إلى أن تلك الهجمات قد تُستغل لإظهار نوع من العداء “الوهمي” بين إسرائيل والنظام السوري أمام الرأي العام. قد يؤدي هذا إلى تثبيت صورة الصراع الكلاسيكي بين البلدين، بينما يتم في الواقع ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود بشكل يمنح الجانبين فوائد معينة بعيداً عن الانجراف نحو صراع مفتوح.

كما يُثار في بعض الأحيان بأن هذه الضربات تُستَخدم كوسيلة لتصفية حسابات داخلية أو لتوجيه رسائل ضمنية، ربما تتعلق بتصفية بعض العناصر المتورطة في عمليات تهريب أو صفقات غير مشروعة. هذا قد يكون له هدف مزدوج: الأول هو تجنب الكشف عن تفاصيل حساسة بشأن الشبكات والمعاملات التي قد تنطوي على مصالح أطراف مختلفة، والثاني هو الاستمرار في المحافظة على التوازنات الإقليمية دون الانخراط في تصعيد يؤثر على جميع الأطراف.

هذا الوضع يعكس تعقيدات المشهد السوري حيث تتقاطع مصالح مختلفة ويترتب عليها تحركات ظاهرها عداء وصراعات، لكن خلفيتها تحمل أبعاداً أعمق من خطوط المواجهة المباشرة.

هجوم مصياف ودور الفرقة الرابعة

وشهدت مدينة مصياف، التي تقع في محافظة حماة، إنزالًا جويًا مثيراً للجدل ولأول مرة من قبل القوات الإسرائيلية، يُضاف إلى سلسلة من الضربات التي تستهدف التواجد الإيراني ومجموعات حزب الله في البلاد. هذه العمليات تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف الإسرائيلية من وجود قواعد عسكرية إيرانية متقدمة وقدرات ميدانية لأعدائها في الجوار.

الإنزال الجوي، الذي تم تنفيذه بتكتيك عسكري دقيق، يُرجح أنه استهدف مواقع تُعتقد أنها ذخيرة أو نقاط تجمع قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقد رافق العملية غطاء جوي لضمان تنفيذها بأقل قدر من التعرض للهجمات المضادة. المصادر في طرطوس أكدت إلى أن العملية تمت تحت ستار من السرية، حيث يبدو أن الهدف هو تحقيق تفوق استخباراتي وعسكري دون التصعيد المباشر مع القوات السورية أو الإيرانية.

مصياف تعتبر مركزاً استراتيجياً مهماً بفضل وجود عدد من المنشآت العسكرية والمعامل التي يزعم أنها تُستخدم لتطوير الأسلحة. تتسارع الأحداث في هذه المنطقة، مما يجعلها نقطة جذب لاهتمام القوى الإقليمية والدولية بما في ذلك القوات الروسية والإيرانية التي تسعى لتأمين نفوذها.

إن تنفيذ إنزال جوي في مدينة مثل مصياف يحمل دلالات كبيرة من الناحية العسكرية والسياسية، ويعكس تزايد الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة في سياق الصراع الأوسع في الشرق الأوسط. كما يطرح تساؤلات حول كيفية رد فعل القوات الحكومية السورية والضغوط المتزايدة التي قد تواجهها على الأرض من جراء هذا النوع من العمليات.

وبحسب الضباط أن الفرقة الرابعة في الجيش السوري، التي يقودها اللواء ماهر الأسد، تلعب دوراً خاصاً يتمثل في تزويد الجانب الإسرائيلي بمعلومات حساسة حول التواجد الإيراني وجماعة حزب الله في المنطقة. يُعتبر هذا التعاون، الذي يتم عادةً عبر ضباط الارتباط الروس المتواجدين في قاعدة حميميم العسكرية قرب اللاذقية، جزءًا من استراتيجية أكثر تعقيدًا تهدف للحد من النفوذ الإيراني في سوريا.

المصادر تحدثت أن فئة من الضباط المقربين من ماهر الأسد في صفوق الرابعة يتبادلون المعلومات الاستخباراتية مع نظرائهم الروس، مما يمكّن الروس من نقل هذه البيانات إلى الجانب الإسرائيلي. يُضاف إلى ذلك أن إسرائيل، التي تراقب عن كثب تحركات قوات الحرس الثوري الإيراني ووحدات حزب الله، تجد في هذه المعلومات وسيلة لتعزيز أمنها القومي من خلال اتخاذ تدابير وقائية تساهم في تقليص أي تهديد قد يُشكله المتطرفون على حدودها.

الإخوة الأعداء!

يمثل هذا التعاون حبلاً سرياً يربط بين الأطراف رغم العداء العلني الذي قد يظهر في بعض المناسبات. فبينما تتصاعد حدة التصريحات المتبادلة وتبقى الأجواء العامة مشحونة بالتوتر، يظل هذا التعاون الاستراتيجي حلاً عملياً يعمل على تقليل حدة الصراعات وخلق نوع من التوازن العسكري في المنطقة.

ومع ذلك، تبقى هذه المسائل محاطة بالغموض، وتمثل واحدة من العديد من وجوه اللعبة السياسية المعقدة في الشرق الأوسط، حيث تتداخل المصالح الوطنية والسياسية بين مختلف الأطراف، ما يسلط الضوء على أن الخطوط بين الحلفاء والأعداء قد تكون في بعض الأحيان غير واضحة.

تظل الفرقة الرابعة واحدة من أكثر الكيانات القوية والمُحكَمة في سوريا، تلعب دور الجندي الحامي للنظام السوري وعائلة الأسد وتشارك في تعزيز وترسيخ السلطة بوسائل ترتبط بالنزاعات الإقليمية والدولية، فضلاً عن تورطها في قضايا الفساد والاتجار التي تسهم في تمويل الحرب المستمرة في سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى