الرأي العام

إسقاط النظام الإيراني بات وشيكا

نستطيع القول أن قرار إسقاط النظام قد اتخذ لكن لم يبدأ العمل به

أسامة المصري – العربي القديم

يبدو أن إسقاط نظام الإيراني بات قريبا بعد أن كان حلما بعيد المنال بالنسبة للشعب الإيراني ولشعوب المنطقة، فآثار السياسية الأوبامية أصبحت في نهاياتها وإسقاط نظام الملالي في إيران سيكون آخر حجر في سلسلة الدومينو للمرحلة الأوبامية التي أرادها للشرق الأوسط، والتي مزجت بين السياسة والمصالح الأمريكية والأحقاد الشخصية للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، مهندس تسييد إيران وجماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط.  

اليوم وبعد أن منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النظام الإيراني، مدة شهرين لعقد اتفاق جديد ينهي مشروعه النووي والصاروخي، وحتى ما تبقى من أذرعه وجد نفسه تحت المطرقة الاسرائيلية القاتلة، خاصة أن خامنئي شاهد أمام عينيه مقتل أزلامه الذين تكلف عليهم المليارات، ليكونوا جنودا وخدما أوفياء في غزة ولبنان وسقوطهم في سوريا،  صَمَتَ خامنئي وغاب عن الإعلام رغم كل ما جرى من ضربات نوعية، التي حصدت معظم قادته المقربين منه، وأكدت مصادر مطلعة من داخل إيران لموقع “ايران انترناشيونال” الإيراني المعارض أنه بعد ساعات من بدء الهجمات الإسرائيلية على طهران فجر الجمعة الماضي، تم نقل علي خامنئي وعائلته بما فيهم ابنه مجتبى الذي يحضره لخلافته إلى ملجأ تحت الأرض في منطقة لويزان شمال شرق العاصمة، فيما أكد الرئيس ترامب أنه يعرف المكان الذي يختبئ فيه الثلاثاء.

انقسامات خطيرة

وذكرت وكالة “رويترز” نقلا عن خمسة مصادر مطلعة على سير عملية صنع القرار لدى خامنئي، أن مقتل كبار القادة العسكريين والأمنيين لإيران أحدث انقسامات خطيرة في الدائرة المقربة منه، مما يزيد من خطر ارتكاب أخطاء استراتيجية، وأضف إلى ذلك أن الضغط العسكري الإسرائيلي والاختراقات الاستخباراتية تجعل حتى من التواصل بين القيادات العسكرية أمرا صعبا، خاصة مع استمرار ملاحقة القادة العسكريين من الصف الأول واغتيالهم وجاء اغتيال علي شدماني، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي والأقرب إلى خامنئي، والذي جاء خلفا لسلفه بعد مقتله منذ أربعة أيام مؤشر على قرب انهيار معنويات العسكريين ضباطا وجنودا، كما أن إنشاء “الموساد” لشبكات تجسس ومراكز عسكرية وقاعدة سرية للطائرات المسيّرة الانتحارية في ضواحي طهران، يؤشر على حجم الاختراق الإسرائيلي الهائل لهذا النظام.

إسقاط النظام

التطورات العسكرية والسياسية المتلاحقة والمتسارعة باتت تشير إلى أن هذه الحرب لن تنتهي دون إسقاط النظام في طهران، رغم عدم الحديث علانية أو بشكل مباشر، لكن الأحدث في هذا السياق تصريح الرئيس ترامب بالقول أن على إيران أن تستسلم بشكل كامل، فيما قال وزير الدفاع الاسرائيلي أن خامنئي سيلقى مصير صدام حسين، لكن مع ذلك نستطيع القول أن قرار إسقاط النظام قد اتخذ لكن لم يبدأ العمل به، وبحسب موقع “إيران إنترناشيونال” نقلا عن مصدر مطلع تأكيده أن استهداف إسرائيل لمدينة مشهد كان بمثابة تحذيرا واضحا للنظام الإيراني بأن حياة خامنئي لن تكون آمنة في أي مكان داخل إيران، فيما أشار المحلل السياسي الإيراني جابر رجبي إلى أن غياب خامنئي عن المشهد وتفويض صلاحياته لقادة الحرس الثوري محاولة منه لعدم تحمل المسؤولية عن نتائج الحرب وربما مقدمة لفراره على طريقة بشار الأسد.

انفصال عن الواقع

أعتقد أن قرار الحرب جاء بعد قناعة واشنطن وتل أبيب بأن خامنئي لا يمكن أن يوافق على التخلي عن برنامجه النووي، و يراهن على صمود قواته العسكرية ووهم قادته العسكريين باستنزاف إسرائيل، لكن دون إغفال أن العامل الشخصي لدى خامنئي أي إصراره على إنجاز مشروعه بالسيطرة والهيمنة على المنطقة كان لا يزال يسيطر عليه، رغم انهياره في غزة ولبنان وسوريا، طموح خامنئي مرتبط بطموح شخصي ممزوج بوهم عقيدي ولن يتراجع عنه خاصة أنه تجاوز الخامسة والثمانون عاما، وكان ولا يزال يريد توريث نجله ليكمل المشروع الجنوني، الذي يتقاسم أوهامه مع القادة المقربين، ما قالته صحيفة “كيهان”، الإثنين رابع أيام الحرب التي تصدر تحت إشراف ممثل علي خامنئي، يؤكد هذه الحقيقة  فالصحيفة اعتبرت أن “شرط إنهاء الحرب ليس التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولا الضغوط السياسية، ولا تراجع مؤقت، بل الشرط لإنهاء هذه الحرب هو التدمير الكامل لإسرائيل”، وأضافت الصحيفة إن “الحرب الحالية هي معركة شاملة في الذهن والتكنولوجيا، وإيران فيها تتفوق برأس وكتفين”، وهنا بالضبط يتأكد أن ها الرجل منفصل عن الواقع تماما. 

خلط أوراق

بالطبع ستسعى إيران وربما خلال الأيام القادمة إلى مزيد من خلط الأوراق ومحاولتها توسيع رقعة الصراع، فعضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، قال عبر قناة “شبكة خبر” التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية “سنستخدم العراق للدفاع عن أنفسنا في المستقبل، وهذا ما يشير إلى أن تطورات جديدة قد تحدث، وقبل ذلك عقد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني اجتماعا لقادة الميليشيات الإيرانية والأحزاب الموالية لطهران داعيا الشعب العراقي للتظاهر دفاعا عن إيران، لكن يبدو أن السوداني في موقف صعب خوفه من خامنئي وميليلشياته وبين خشيته وترامب الذي لن يتسامح معه في حال اتخذ الموقف الخطأ.

تجنب كارثة

من الصعب توقع قرارات الرئيس الأمريكي، ومتى يمكن أن يتخذ قراره بإسقاط نظام خامنئي، أو بدخوله الحرب الذي بات أمرا شبه مؤكدا، لكن المؤكد أن خامنئي لن يساوم على ثلاثة مواضيع وهي الملف النووي والبرنامج الصاروخي والأذرع العسكرية، ولعب خامنئي بالملف النووي طوال العقود الماضية على عامل الوقت للوصول إلى السلاح النووي وأمضى جميع سنوات التفاوض بالكذب والمرواغة، ومن الصعب الوثوق بأي التزام من قبله وقبل مرؤوسيه، فهذا النظام يعتمد مرجعية دينية أو يمكن أن نطلق عليها مرجعية الأوهام الدينية، وبالتالي إذا أرادت الولايات المتحدة عدم امتلاك إيران لسلاح نووي فالطريق الأقصر هو إسقاط النظام، فهو يحرر الشعب الإيراني ويجنبه كارثة نووية ربما ستمتد آثارها المدمرة لأجيال، وبإسقاط النظام فقط يتحقق الأمن للمنطقة والعالم، ويسترد الشعب الإيراني حريته ويستعيد كرامته، بعد أن اذله النظام طوال ما يقارب نصف قرن وجعل ملايين الإيرانيون يبحثون عن أماكن للعيش خارج بلادهم. 

بداية الهروب

الضربات التي تلاقها نظام خامنئي خلال الأيام الماضية، ان كان بمقتل قادته العسكريين أو علماءه النوويين، وقدراته العسكرية ومواقعه النووية، إضافة إلى حجم الاختراقات الهائلة لكل مفاصل هذه الدولة التي يقودها رجل واهم مصاب بجنون العظمة ربما سيكون لها تأثير كبير على رجالات هذا النظام ويبدو أن بعضهم بدأ يبحث عن ملجأ قبل فوات الأوان. 

وبحسب موقع “إيران إنترناشيونال” مرة أخرى يقول أنه حصل على معلومات تفيد بأن علي أصغر حجازي، نائب رئيس مكتب المرشد علي خامنئي، إلى جانب عدد من المسؤولين الكبار الآخرين، يتواصلون حاليا مع مسؤولين روس لتأمين خروجهم وعائلاتهم من البلاد، في حال تفاقم الوضع وأن مسؤولاً روسيا رفيع المستوى اتصل بحجازي، وأكد له أنه في حال تدهور الأوضاع، سيتم إخراجه وعائلته عبر ممر آمن من إيران.

ووفقا لنفس المصدر فقد تلقى مسؤولون كبار آخرون في النظام الإيراني اتصالات مماثلة، فيما يعمل بعضهم على تحديد مسارات خروجهم النهائي.

حزم أمتعة

وكان رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، قد صرح بأن بلاده تمتلك مؤشرات على أن “كبار قادة النظام الإيراني يحزمون أمتعتهم استعدادا للمغادرة، وطلب الرئيس الأمريكي مساء الاثنين من سكان طهران مغادرة المدينة قد يكون أولى الخطوات لدخول الحرب وإسقاط النظام الإرهابي المجرم، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يستبعد استهداف خامنئي، وفي رده على سؤال خلال مقابلة مع شبكة “إيه بي سي”، حول استهداف خامنئي، قال إن هذا الإجراء “لن يؤدي إلى تصعيد الصراع، بل على العكس، سيعمل على إنهائه”، وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل ستستهدف خامنئي بالفعل قال: “سنفعل كل ما هو ضروري”.

والأيام المقبلة يبدو أنها ستنهي نظام خامنئي وما سمي بمحور الممانعة الذي ساهم في تدمير المنطقة لعقود من حافظ الأسد إلى الولد إلى عملاء إيران في حماس وحزب الله في لبنان وبطبيعة الحال الحوثيين والأسوأ هم عملاؤه في العراق، دون أن ننسى بقايا اليسار وبقايا القومجيين الذين التحقوا بالمحور وأصبحوا اذنابا لخامنئي وزعرانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى