العربي الآن

قسد على مفترق الطرق: شراكة وطنية أم طموح انفصالي؟

رفض قسد للاندماج الكامل في الجيش السوري الجديد يعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا، ويبرز التحديات التي تواجه عملية إعادة بناء الدولة التي مزقتها العصابة الأسدية

سامي زرقة – العربي القديم

يبدو أن منطقة شرق الفرات على صفيح ساخن، فما تزال قوات سوريا الديمقراطية تخشى الحكم الجديد في دمشق، معتبرة أن لها مبرراتها المنطقية في عدم الاندماج تحت لواء وزارة الدفاع السورية حتى الآن.. اندماج مؤجل حتى الآن قد يكون مدعوماً بالحسابات الإقليمية في شرق سوريا، أقله بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية.

ولكن.. في ظل التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها سوريا بعد سقوط الدولة الأسدية، تبرز قضية اندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري الجديد كإحدى أبرز التحديات التي تواجه عملية إعادة بناء الدولة السورية.

أسباب رفض “قسد” للاندماج الكامل

قسد، التي تشكلت خلال الحرب السورية بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ترفض الاندماج الكامل في الجيش السوري الجديد، ربما تبرر ذلك بعدة أسباب منها:

-الحفاظ على المكتسبات العسكرية والسياسية: إذ تسعى قسد إلى الحفاظ على هيكلها العسكري المستقل ومكتسباتها السياسية التي حققتها خلال السنوات الماضية، وترى في الاندماج الكامل تهديداً لهذه المكتسبات.

-الخشية من فقدان السيطرة على الموارد: تسيطر قسد على مناطق غنية بالنفط والغاز في شمال شرق سوريا، وتخشى أن يؤدي الاندماج إلى فقدان السيطرة على هذه الموارد الحيوية.

-القلق من النفوذ التركي: تعتبر قسد أن التقارب بين الحكومة السورية الجديدة وتركيا يشكل تهديداً لها، خاصة في ظل التصريحات التركية التي تعتبر قسد امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور، لكن هذه الذريعة سحبت من قسد.. إذ أعلن الأخير عن حل نفسه كحركة عسكرية والبقاء على النضال الفكري والسياسي فقط، هذا الإعلان جاء على لسان رئيس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان.

مواقف الأطراف الإقليمية والدولية

في ظل هذا الارتباك الذي تعيشه منطقة شرق الفرات، تبرز مواقف متباينة للأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في شرق الفرات.. فالحكومة السورية الجديدة تسعى إلى دمج قسد في الجيش الوطني بشكل فردي، وترفض الاحتفاظ بأي تكتلات عسكرية مستقلة داخل القوات المسلحة.، بينما ترى أنقرة في قسد تهديداً لأمنها القومي، وتعارض أي ترتيبات تمنحها شرعية أو استقلالية داخل سوريا.

من جهتها واشنطن تدعم قسد في إطار مكافحة تنظيم داعش، لكنها تشجعها على التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة السورية الجديدة لضمان الاستقرار.. حتى أن مواقف واشنطن الأخيرة مرتبكة حيال قوات سوريا الديمقراطية وقد تسحب قواتها في أي لحظة من شرق الفرات.. بينما تدعم موسكو وحدة الأراضي السورية وتدعو إلى اندماج جميع الفصائل المسلحة في الجيش الوطني، لكنها تسعى أيضاً إلى تحقيق توازن بين مصالح دمشق وأنقرة.

هل هناك سيناريوهات محتملة؟

نعم هناك عدة سيناريوهات منها التوصل إلى اتفاق مرحلي يضمن اندماج قسد في الجيش السوري الجديد مع الحفاظ على بعض الخصوصية، مثل تشكيل وحدات خاصة ضمن الجيش.

أو استمرار الجمود والتوتر: في حال عدم التوصل إلى اتفاق، ما يهدد الاستقرار في شمال شرق سوريا.

الاحتمال الثالث يتمثل في تصعيد عسكري، وهذا أسوأ السيناريوهات وأكثرها دموية، إذ قد يفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية.

خلاصة

رفض قسد للاندماج الكامل في الجيش السوري الجديد يعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا، ويبرز التحديات التي تواجه عملية إعادة بناء الدولة التي مزقتها العصابة الأسدية.. التوصل إلى تفاهمات تضمن حقوق جميع الأطراف وتحقق الاستقرار في البلاد يتطلب جهوداً مكثفة من جميع المعنيين، بما في ذلك الأطراف الإقليمية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى