رواية (جسور مقاطعة ماديسون): انتصار قصة حب والبطل مصور ناشيونال جيوغرافيك
قصة حب غير عادية في زمن لا مكان فيه للحب.. ولا قيمة فيه للمشاعر الإنسانية
ياسر الظاهر- العربي القديم
يعدّ صقيع العلاقات الإنسانيّة من أخطر الأمراض التي تعاني منها المجتمعات، وقد يقضي الإنسان سنوات طويلة يحاول أن يذيب بعضاً من هذا الصقيع وأحياناً يموت ولاتدفأ روحه بلمسة حنانٍ أوكلمة حبّ.
في المدّة الأخيرة التي بدأت أجلس فيها بالمنزل لساعات طويلة في حالة تشبه السبات الشتوي قرأت عدة روايات عربية تؤرخ للحظات وأحداث ثورة سورية العظيمة ٢٠١١-٢٠١٥ كنت قد خزنتها على جوالي منذ سنوات طويلة وبعد أن انتصرت الثورة بحثت في مكتبتي عن رواية غير سياسيه فاخترت رواية (جسور ماديسون كاونتي) للكاتب الأمريكي جيمس وايلر وترجمة الدكتور جميل ظاهر كنت قد اقتنيتها العام الماضي ٢٠٢٤ من معرض الهيئة العامة للكتاب الذي أُقيم على هامش معرض الزهور في دمشق بتموزالفائت مع مجموعة من الكتب
مؤلف الرواية الأمريكي James Waller جيمس وايلر
تدور أحداثها في مدينة ماديسون التابعة لولاية آيوا الأمريكية وتحكي قصة حب غير عادية بين فرانشيسكا وهي امرأة في العقد الرابع من عمرها متزوجة من مزارع أمريكي ولديها ولدان مايكل وكارولين، وروبرت كنكيد وهو مصّورفوتوغرافي يعمل لدى مجلة ناشيونال جيوغرافيك من سكان ضواحي واشنطن مطلق وليس لديه أولاد في العقد الخامس من عمره… ولاشك أن الكاتب جميس وايلر الذي كان روائياً وسيناريست وموسيقيا متعدد المواهب قد استفاد من مزاولته مهنة التصوير لجعل بطل روايته مصوراً
تكلف المجلة روبرت كنكيد بمهمة تصوير جسور مدينة ماديسون فيذهب إلى هناك، وحين يصل المدينة يتوقف بسيارته بالقرب من شرفة منزل ريفي كانت تجلس عليها فرانشيسكا ليسألها عن الطريق المؤدية إلى جسور ماديسون فتتبرع بالذهاب معه بسيارته لتدله على المكان، ثم تتوالى الأحداث ليحل هذا المصوّر ضيفاً على فرانشيسكا في منزلها حيث بقيت وحيدة فيه بعد أن سافر زوجها ريتشارد وولديها مايكل وكارولين إلى ولاية إلينوي لمدة أسبوع للمشاركة بالمسابقة السنوية لمهرجان العجول، وخلال هذه المدّة يتم اللقاء الروحي والجسدي بينهما، ويبدأ الكاتب بعدها واصفاً لنا ما كانا يعانياه من صقيع عاطفي وخواء روحي ووحدة مملة، فتنطلق فرانشيسكا بعد ذلك للتعبير عن مشاعرها التي حركتها عاطفة روبرت وحرارة لقاء جسديهما التي أذابت صقيع روحيهما لتشعل ناراً ضلت متقدة بينهما حتى الموت، وروبرت كان مثلها عانى من الوحدة والإهمال حتى أنه (تمنى أن يكون عنده كلب ليصحبه معه في رحلاته وليكون رفيقه في المنزل أيضاً).
فرانشيسكا التي توقفت عن الاستمتاع بالنشوة قبل سنوات، ولكنها استعادتها وأحست بها ودون توقف مع روبرت، كما رأت فيه معلماً حقيقياً لها: (لقد علمني روبرت المعنى الحقيقي للمرأه وكان حنوناً ومحباً…).
لقد برع الكاتب جيمس والير في وصف صقيع العلاقة الزوجية الذي أصاب الإنسان المعاصر ولاسيما الأمريكي، إذ لا نار ولا حب يذيبان برودة أرواحهم وأجسادهم التي أصيبت بملل مزمن ووحدة قاتلة، حتى حولتهم إلى كائنات بيولوجية.
ميريل ستريب وكلينت ايستوود في الفيلم الذي اقتبس من الرواية وأنتجته هوليوود عام 1995
إنّ القارئ لهذه الرواية على عجل يستطيع أن يلتقط رسالة الكاتب التي أراد إيصالها للمجتمعات العالميّة من أجل العودة إلى عالم المشاعر الجميلة فيما بيننا ليس كأزواج فقط، بل كشعوب كادت الحياة المادية التي نعيشها أن تقتلها.
هذه أهم أحداث رواية جسور ماديسون كاونتي… قصة حب غير عادية في زمن لا مكان فيه للحب.. ولا قيمة فيه للمشاعر الإنسانية.