مسلسل (الحشاشين): عندما يُسهم الفن في التحريض على التفكير
العربي القديم – نوار الماغوط
“التديّن يكون لصالح الخير عندما يترافق مع الأخلاق، والتديّن دون الأخلاق يكون
لصالح الحكام والمجرمين”.
***
سمعتُ صوتًا هاتفًا في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُّ الَقَدر
هذه الأغنية التي نسمعها بصوت رائع في تتر البداية لمسلسل “الحشاشين”، هي رباعية الاستهلال في النظم الأروع للشاعر الكبيرعمر الخيام، والذي قام بتعريبها الشاعر الكبير أحمد رامي. هذه الأغنية التي حرصت أن أستمع اليها في بداية كل حلقة دون تخطي المقدمة والتي أعتبرها من أفضل المقدمات بين الأعمال الدرامية، لم تكن مجرد تقديم مجاني، إذ أعتقد أن صُنَّاع هذا المسلسل حرصوا على خلق حالة من التأثر الروحي والنفسي عن طريق موسيقى مميزة لملحنها وكلمات من هذا الوزن والعمق.
جاء مسلسل الحشاشين (أباطيل وأبطال… من وحي التاريخ)، تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي وإنتاج الشركة المتحدة، ليتناول أحداثاً وقعت في العصور الوسطى، عن الخلافة العباسية والفاطمية وتاريخ الحروب الصليبية، من خلال سرد سيرة زعيم الإسماعيليين في ذلك الوقت، حسن الصبّاح قائد ومؤسس طائفة ما عرف بالحشاشين، إحدى أشهر الحركات والتنظيمات السياسية على مر التاريخ. وبحسب الموسوعة البريطانية المحدودة، فإن معظم المعلومات عن الإسماعيليين التي وصلت إلى أوروبا “جاءت من أعدائهم التاريخيين”، وهي معلومات لا تدعمها المصادر الاسماعيلية.
الفائدة المرجوة من هذا المقال، أن تجعلك تقرأ وتُزيد من اطلاعك في المصادر لتبيان الحقيقة؛ ولسنا هنا بوارد في سرد الاخطاء التاريخية بالتفصيل الدقيق، ولا يقصد بذلك التقليل من أهميتها بل تحتاج لنوع آخر من الكتابة لسنا هنا بصدد الخوض فيه، بل سأكتفي بمناقشة الاحداث والقصة بمنظورها العام، حيث علينا أن لا ننسى أننا نتعامل مع المسلسلات التاريخية باعتبارها دراما من خيال كاتب وليست توثيقا دقيقا للتاريخ، وبناء عليه تترسخ لديه معلومات تاريخية خاطئة، كما حدث في أفلام ومسلسلات عديدة تناولتها السينما والدراما العربية مثل “الرسالة” و”خالد بن الوليد” و”الناصر صلاح الدين” و”عمر المختار” و”يوسف الصديق” و”الحسن والحسين” و”الظاهر بيبرس”· و”هارون الرشيد” و”عمر بن عبدالعزيز” والقائمة تطول…
حسن الصباح في تصور جديد
معظم الأعمال الدرامية والأدبية صورت حسن الصباح عجوزا يرتدي السواد، يشع من عينيه الخُبث والكراهية! وذلك ما اتفق عليه تقريبا جميع أعدائه! العباسيون والفاطميون والسلاجقة والزنكيون والأيوبيون، بل والصليبيون في القدس وعكا، أولئك الذين لم يتفقوا من قبل على أمر سواه! في حين أن أتباعه يرون أن السماحه التي يجدونها في عينيه وابتسامته وعذوبة كلماته، هي التي دعتهم جميعا إلى هجر ذويهم واصحابهم، وتبني مذهبه الذي سقودهم الى الجنه
الأمر الذي يدل أن معظم ما كُتب حتى وقتنا هذا، جاء من كتابات أعداء حسن الصباح وأتباعه عنهم، و من كتابات المستشرقين والرحالة الأوروبيين الذين أخذوا مصادرهم من تلك المصادر
نفسها. حيث دمَّر هولاكو القلعة عام 1256، أي بعد أكثر من مئة عام من وفاة حسن الصباح 1037 م ودمَّر معها المكتبة الضخمة التي كانت بها وكانت تحوي التراث الفكري للصبّاح وأتباعه وكان عمر ماركو بولو وقتها سنتين.“رغم انتشار القراءة بين الناس لكن قراءة التاريخ بالذات ليست شائعة إطلاقاً! وبالتالى لابد أن تكون تلك الأعمال تنقل ما حدث بصدق …
لذلك تقع مسئولية نقل التاريخ على عاتق الاعمال الفنية. وهي مسؤولية ليست سهلة على الاطلاق لا يمكن لفرد او مجموعة أو حتى مؤسسة ان تتبناها .
كان خطأ المشاهدين أنهم أطلقوا أحكاماً بشكل عام ضد المسلسل قبل بثه… لكن بمجرد مشاهدتهم للحلقات الأولى خيب المسلسل ظنونهم السوداء، ولم يشعروا بأى أجواء عدائيه أو فتنوية، كما ذهب البعض للقول، بل برأيي أن هذا المسلسل حاول التقريب بين الطوائف، ونسوا أننا نشاهد عملاً فنياً درامياً، لا مسلسلاً وثائقياً.
كان من الممكن أن يتفادى صناعه هذا الجدل وهذه المقارنة بتغيير المسمى، الحشاشين ولكنهم لم يفعلوا، وتم الإصرار من صناعه بإستخدام اسم له شهرته التاريخية المثيرة والمرعبة.
والكاتب لم يزعم أن اقتبس أحداث مسلسله من أحداث حقيقية، بل مستوحى من التاريخ وبالتالي تجنب أن يسرد أحداثا بشكل معين ويدعي حدوثها في الحقيقة!
وفي خطوة مثيرة للاستغراب في بداية العرض.. تم إعطاء دور حسن الصباح للممثل كريم عبد العزيز الذي لا يشبه حسن الصباح بالشكل نهائيا، كما هي مرسوم في مخيلة الناس وفي المخطوطات المحفوظة ولكنها فكرة عظيمة في حد ذاتها لها دلالتها برأيي.
جاء إنتاج المسلسل العربي (الحشاشين) في مرحلة غاية في الحساسية السياسية في الوطن العربي، وبعد فشل ثورات الربيع العربي في مصر، وسوريا، ولبنان والعراق و اليمن الى ليبيا، جراء الثورات المضادة لقيم التغيير والحرية، وهي رواية مبنية على مصادر عدة استقى منها الكاتب معلوماته، فإن حسن الصباح سمَّى تنظيمه بالأساسيين، أي الذين لديهم الأساس القوي للدين. وهي الكلمة التي تقصد المخرج كتابتها باللغة الإنكليزية في التتر’الحساسين‘ ولكن تحوُّل اللفظ إلى كلمة حشاشين جاء من خلال كتابات أعداء التنظيم، الذين وصفوهم بهذا، كسُبّة لهم وتنكيلاً وتقليلاً من شأنهم.
كان الصباح الذي ظهر في المسلسل شخصاً شديد الذكاء والدهاء والمكر، شيعياً متديناً يعتنق المذهب الإسماعيلي، وذا ولاء قوي للمذهب ويريد أن يفعل أي شيء لنصرته.
ومع أن المسلسل أظهر استخدام “المختارين” لتنفيذ عمليات استشهادية للحشيش، فقد ظهرت المشاهد بتعبيرات توحي أنها غير حقيقية وغائمه.. وعلى شكل أحلام ورؤى، وفنّد المخرج بتعبيرات بصرية وبشكل لا يدعو للشك، أنهم كانوا ينفذون عمليات الاغتيال بطريقة دقيقة، والتي قد تستغرق فترة طويلة قبلها في مراقبة الضحية ودراستها بالكامل، كي يختار اللحظة المناسبة للقضاء عليها، وهي أمور لا يمكن أن تتم من شخص يكون تحت تأثير مخدر لا يدري ما يفعل.
لقد كان فدائيو الصبّاح مثله، يتحلون بالصبر الشديد حتى ينفذوا المهمة على أكمل وجه.
أما بخصوص قصة الفردوس الذي صنعه الصباح في آلموت، فطبيعة القلعة الصخرية بالكامل تجعلها غير قابلة للزراعة، بخلاف أن الثلوج تغطيها معظم أيام السنة، وهو مناخ لا يمكن زراعة
أي شيء فيه. وظهرت كل مشاهد الأنهار والأشجار والحوريات بشكل ضبابي على شكل أحلام تراود الفدائيين المختارين أكثر من كونها تجسيدا واقعياً…
ليست مهمة المسلسل توثيقية أو تأريخية!
من خلال متابعتي لحلقات المسلسل فقد استطاع الكاتب والمخرج احتيار عنوان الاسم لرمزيته التاريخية، وهو يمثل ثقلا روحيا ومعنويا وتاريخيا كبيرا لدى المسلمين بكل مذاهبهم، إذ توقع أغلبية المشاهدين أن يكون هذا العمل سردا تاريخيا للوقائع والشخصيات التاريخية التي تكرست عبر الزمن الذي شوه هذه الطائفة، بينما المخرج والكاتب خيب ظنهم وأعلن منذ الحلقة الاولى أن صناع الدراما التاريخية، ليست مهمتهم توثيقية أو تأريخية أو إعطاء دروس مدرسية في التاريخ، وإنما يخلقون عوالمهم استنادا إلى رؤيتهم الفكرية ووإبداعاتهم ومتطلبات الفن الدرامي، تضاف إلى ما بما هو متاح لهم من المصادر التاريخة مع الحفاظ على الخطوط العريضة للوقائع التاريخية دون الانحياز لتراث مسبق.
إن المشاهد لحلقات هذا المسلسل يلاحظ كيف استطاع الكاتب أن يتجنب تصنيف عمله ضمن قضية تشكل صميم الخلاف المذهبي والعقدي والفكري بين المذهبين الاسماعيلي والسني. بالرغم من إن العنوان جاء على صيغة (الفتنة)… تناول الكاتب هذا الموضع الجدلي دون تحيز وهذا بدا جليا في معاني الحوارات المتقنه بين الشخصيات ولم ياخذ الموضع كما رأه ماركو بولو و فلاديمير بارتول وغيرهم ممن ياخذون الاسلام بفكرة طفيفة وايحاءات خاطئة، بالرغم من انه اتخذ الكاتب أعقد مشكلة بالتاريخ الاسلامي وهي الصراع السني الشيعي ولكنه سرد الاحداث بطريقة رائعة حقا وجذابه، تدخلك في عالم الاسماعيليين والعباسيين السلاجقة والفاطميين والصليبيين دون أن ننسى رسائله النبيلة والرائعة التي قدمها للمشاهد أن الجميع، حسن الصباح ومن يقاتلونه، جميعهم مؤمنين برأيهم ومذهبهم، وجعل المشاهد لا يعرف أي من الشخصيات يؤيد.. جميعهم مطمئن ومؤمن ولكنهم أعداء بعض… واستطاع الكاتب ببراعة تقديم رؤيته الفنية للرواية التاريخية تاريخية دون أن يتحيز تأي جانب على حساب الآخر، وهو خطوة جيدة نحو بداية فهم جيد للتاريخ محرض للقراءة و لمعرفة العلمية للتاريخ، لمواجهة محاولات الغرب لزرع الفتن وتفجير عبوات الخراب
وقد تمكن المؤلف ببراعة من الهروب او النجاة من هذه المسألة شديدة الحساسية واستطاع ان ينأى بنفسه عن التداخل بين التاريخ والدين وهي إحدى القضايا الصعبة التي تواجه صناع الدراما التاريخية
السيناريو مكتوب بشكل جيد والإخراج كذلك جيد وظهر جلياً بالاضاءة والديكور والغرافيكس والتصوير والتدقيق بالتفاصيل واداء الممثلين الثانويين المسيطر عليه، ويظهر مستوى الأداء الدرامي للمثلين والممثلات في هذا العمل بشكل كبير في المشاهد المرتبطة بالقتال والحرب، وظهر في تعبيرات درامية ممتازه خاصة لدى الشخصيات الرئيسية في المسلسل في الحوار المرتبط بالنقاش الفكري العالي الذي كان يميز تلك المرحلة التاريخية في الاسلام
نظام الملك وبدرالدين الجمالي وملك شاه وحسن الصباح وزوجته ومساعديه والشاب يحيى ابن المؤذن وأعتقد أن التعبيرات الدرامية لشخصيتي أبو حامد الغزالي و عمر الخيام لم تكن بالمستوى المامول أما القصة وتناولها بالتفصيل التاريخي وكيف عالجت أحداث تلك الفترة… كما قلنا تحتاج إلى وقفة من مراكز حيادية في قراءة التاريخ.
إننا نجد أن توظيف الإمكانيات التقنية جاء بمستوى الحدث قل ما نجده في أعمال مماثلة، فالمؤثرات البصرية المطلوبة في الدراما التاريخية كانت حاضرة بقوة، خاصة في التصوير والمونتاج، وهذا العمل الذي أنتجته مصر بميزانية منخفضة لا تقارن بأفلام هوليود، أثبت للعالم أجمع أن مصر يمكن ان تقدم عملا ينافس أكبر الأعمال في المنطقة وربما في العالم، ولتقدم فكرة ربما تكون غائبة عن الكثير، وهي أنه ليس فقط الإسلام بمذهبه السني هو صاحبة البطولة والريادة التاريخية أمام هجمات التتار و الصلبيين وإنما هناك أخوتهم الاسماعيلين أيضا…
ولابد أن ننقي تاريخنا من عبث المستشرقين وتكريس الاختلافات وتزييف الحقائق.
تناقض بين المتن والراوي
ولكن هناك تناقض مثير للاستغراب بين متن العمل والراوي، إذ نستمع في بداية كل حلقة وقبل تتر البداية، لملخص عن الحلقات السابقة لمدة لا تتجاوز الثلاث دقائق، وتقدم انطباعات مباشرة عن الشخصيات، لم أتمكن من تحديد وجهات النظر التي تمثلها.. لأنها لا تتطابق مع مواقف تلك الشخصيات قي المسلسل.
يكرر الراوي على مسامع المشاهدين أن حسن الصباح وحش سجين نفسه.. وهو أيضاً صاحب مفتاح الجنه، يستغل الدين ليقود مجموعة من المؤمنين والفدائيين ضد ظلم السلطات الفاسدة التي تضطهد الناس..
بالمقابل وفي المسلسل هو عالم، ومثقف وصاحب رؤية تقدمية ثورية وذكي ومبدع وهو أهم شيء قائد عظيم وفذ..يعلم أتباعه احترام القانون ولا يسامح بالخطأ أبداً… وصارم في تطبيق مبادىء
الإسلام من صلاة وصوم، وتحريم المنكرات وصارم في التزام اتباعه في قراءة الفقه الاسلامي والقرآن والاحاديث ويطبقه على الجميع دون استثناء حتى زوجته وابنه وأهم مساعديه طبق عليهم حكم الاعدام وبعد كل هذه الانطباعات التي تصل للمشاهد، يأتي الراوي ويقول حسن الصباح يقود جماعة من الحشاشين لتحقيق أهواء نفسه، ويستغل الدين من اجل مصالحه وأن مذهبه فاسد ولم يقل لنا ما هو مذهبه وما الفرق أصلًا بين المذهب السني الذي كانت تمثله السلطات الحاكمه ومذهبه الاسماعيلي؟!
حتى أبو حامد الغزالي ظهر في المسلسل إماماً متصوفاً لم يقدم شرحاً كافيا لموقفه الفقهي من المذهبين السني والإسماعيلي وعمر الخيام كان…ضائعًا يبحث عن أجوبه للاسئله الكبرى ..الخلق والجنه والنار ومغزى الحياة، ولم يعطِ المشاهد ولا جواب!
الممثلون والشخصيات التاريخية
تمتع المسلسل بالعديد من عناصر الجذب. لا ننسى في مقدمتها الأداء التمثيلي لفنانين معظمهم في طور الشباب. فقد نجح الفنان كريم عبد العزيز في تجسيد شخصية حسن الصباح بشكلٍ رائع، مخلصا إياها من التصورات النمطية التي أسبغت عليها المكر وسوء الطوية، وكذلك الفنانه ميرنا نور الدين قدمت أداءاً مميزًا يمكن اعتباره هوليودياً في دور (دنيا زاد) زوجة حسن الصباح وحبيبته. أما الفنان أحمد عبد الوهاب في دور يحيى أبن المؤذن.. فقد قدم تعبيرات مهمة بمستوى عالٍ. وجاء أداء باقي الشخصيات يتراوح بين الجيد والمتوسط. لكن بشكل عام، كان الأداء مقبولاً ينتمي إلى مدرسة التمثيل المصرية المعروفة بحرارتها وتلقائيتها.
الإسماعيليون خارج المسلسل!
بعيدا عن هذا العمل وبقية الأعمال الدرامية والأساطير ماذا يقول التاريخ عن “الاسماعيليين”؟
يقول الأستاذ عمرالبنيه وهو طالب باحث في جامعة باريس عن تاريخ تلك الفترة:
“في العصر العباسي الثاني تحول الأتراك من أداة تنفذ مشيئة الخلافة إلى سيف مسلط عليها، فصار بيدهم الأمر والنهي وسلبوا الخلافاء سلطتهم، وأصبح أمير الأمراء التركي هو الحاكم الفعلي يولي ويعزل من يشاء… ولم يسلم الأهالي من هؤلاء القادة وابتزازهم، وفقدت الحكومة هيبتها وعصت الفوضى في العراق.… أما الأحوال الاقتصادية في تلك الفترة فقد حدثت بها تبدلات كبيرة، واتخذ الإقطاع لأول مرة صفة عسكرية، وازدادت أحوال الفلاحين سوءاً وعشوائية.. وكانت الإقطاعية الجديدة من كبار قادة الجند والتجارالإقطاعيين ولم يكن حال العمال أفضل حال من الريف ولم تحمي الدولة العمال من تسلط وابتزاز كبار القادة من الأجانب .. كل هذه الفوضى والتهميش وإزدراء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، وسوء الأوضاع العامة وتدخل العناصرالأجنبية… ساعدت على تبني الكثير من الأشخاص للحركة الإسماعيلية التي قامت على أساس ثورة منظمة على الإقطاع والتهميش والظلم… وتأسيس ما يشبه نقابات للعمال والفلاحين … وتبني نهج ثوري كان يقوده دعاة سريين للدعوى الإسماعيلية والتي رفعت شعار إنهاء الظلم في تلك الفترة .. ولاقت الدعوى صدا شديدا واستجابة من الكثير من الفلاحين والمهمشين والعبيد وعامة الشعب. أن الحركة الاسماعيلية قامت بمنطقة مشتعلة بالخلافات بتلك الفترة وهي منطقة العراق وشرق العراق والخلافات القديمة الشعية السنية.. والخلافات مع دولة الفرس.. وفي فترة ضعف الدولة العباسية وتسلط القادة الأتراك والسلاجقة الفرس في الدولة .. ثورة الحسن الصباح والتي كانت ردة فعل على الواقع الاجتماعي المزري .. كانت بهذه المنطقة والانتشار الواسع لدعوته واستجاب الأهالي له بسرعة, وتوسع نفوذ دعوته وانتشاراها أغضب كل الأطراف في المنطقة واجتمع الجميع على مهاجمته ومحاربته ونشرونسج الدعايات والأساطير عنه”
للأسف الأغلبية تكتب وفق أحكام مسبقة.. وأيدولوجيات سياسية ودينية مسبقة.. وخصوصاً الكتابات باللغة العربية.. وقد أخذت جميع الكتابات شكل التحريض المسبق، ولم يتم اتباع نهج علمي دقيق بدراسة هذه الحراكات وفق زمانها ومكانها التي وقعت به.
وكل ما يردد من تهم على الحسن الصباح ودعوته.. هي عبارة عن روايات شفهية تستند على دعايات سياسية قديمة وموروث شفهي وكتابات مستشرقين لم يتم التأكد منها وبعض الأعمال التلفزيونية الدرامية والتي تتم على أهواء من أنتجها واتجاهاته السياسية ودون التدقيق العلمي والتاريخي… وهنا أكد على ضرورة مراجعة التراث العربي الاسلامي قي ضوء الثورة المعرفية والمنهحية التي عرفها العالم وتوخي الدقة والبحث العلمي في تناول هذا التراث في الاعلام والدراما.
المسلسل لا يروج ولا يهاجم الإسماعيلية ، وأجده غير مهتم بالجانب الديني نهائيًا وغير ذلك يكون المشاهد يغلب النقل على العقل ويقوّل الفكرة وينقلها كيفما اتفق.
باعتقادي أن كل العواصف هبّت لعرقلة التفكير…
ولكن العاصفة خيبت أمالهم وأتت لتنظيف عقولهم
“أنا موجود طالما العدل غائب والظلم قائم”.
لا يهمني أن حسن الصباح قالها في الحقيقة او لم يقلها
المهم قالها الكاتب عن لسان حسن الصباح
إن الكاتب بتناوله لشخصيات ملك شاه والخيّام والطوسي والصبّاح جعلنا نحترم هذا التأريخ الذهبي الذي رسمه الكاتب في خيال المشاهد… ولكنه بكل تأكيد استطاع أن يجعلنا نكره أحفاد الجميع، على الأقل لم يكن فيه براميل متفجرة ولا سلاح كيماوي ولا مسيّرات تقتل الأبرياء.