تاريخ العرب

إعدام سيد قطب في الصحافة السعودية: "فقيد غال ويد آثمة"

في مثل هذا اليوم (التاسع والعشرين من آب/ أغسطس عام 1966) أقدمت السلطات المصرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر على تنفيذ حكم الإعدام بالمفكر الإسلامي سيد قطب وعدد من رفاقه.

شكل هذا الحدث، صدمة كبرى في العالم الإسلامي، الذي رأى في إعدام سيد قطب “محاربة للفئة المسلمة” على حد تعبيربعض وسائل الإعلام أنذاك، واندلعت في الأردن وباكستان مظاهرات منددة بما أسمته “الحكم الإرهابي”، وقد كان لهذا الحدث حضوره البارز في الصحافة السعودية، التي عبرت بفجائعية عالية عن صدمتها وحزنها، واصفة سيد قطب بالشهيد، كما فعلت صحيفة (الجزيرة) السعودية في رأس صفحتها الأولى، في عددها الصادر بتاريخ (30 آب/ أغسطس 1966) أي في اليوم التالي لتنفيذ حكم الإعدام.

– الجزيرة: قتلوهم قاتلهم الله!

وتحت عنوان: “القاهرة تشهد جريمة إعدام ثلاثة من دعاة الإسلام” كتبت (الجزيرة) في صفحتها الأولى:

“تداولت وكالات الأنباء نبأ مفاده أنه قد تم تنفيذ حكم الإعدام – الصادر عن محكم أمن الدولة بالقاهرة – على الداعية الإسلامي والمصلح الكبير سيد قطب، وكل من محمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل، كما أفادت هذه الأنباء بأنه قد تم تخفيض حكم الإعدام على الأربعة الباقين، إلى السجن مع الأشغال الشاقة المؤبدة”.

وتحت عنوان: “قتلوهم قاتلهم الله” نشرت (الجزيرة) أيضاً في العدد ذاته، مقالاً للكاتب عبد الله خميس جاء فيه:

“ليس غريباً أن يُزْهِقَ حكام القاهرة أروحاً بريئة مسلمة نذرت نفسها للجهاد في سبيل الله، والدفاع عن كلمة الحق والذب عن حوزة الإسلام، فالإسلام ومبادئه وأهله في اتجاه… وحكام القاهرة في اتجاه معاكس. ومعركة الإسلام مع حكام القاهرة لم تبدأ حينما أُعْدِمَ سيد قطب ورفاقه… بل بدأت حينما أراد الإسلام من المسلمين حكاماً وشعوباً أن يتبعوا تعاليمه ويسيروا على هداه، وأراد حكام القاهرة أن يتبعوا تعاليم ماركس وإنجلز وأقطاب الشيوعية الحمراء… وحينما أعدموا عبد القادر عودة ورفاقه ممن أبلوا في الإسلام بلاء حسناً، وكانت لهم اليد الطولى في سبيله… وحينما ملؤوا السجون والمعتقلات بكل من يدعوا إلى الإسلام أو يغار عليه.”

الندوة: حكم إرهابي وتنديد بحكام القاهرة!

أما صحيفة (الندوة) التي تصدر في مكة المكرمة، والتي كانت قد شنت حملة صحفية لإيقاف تنفيذ الحكم على مدار أيام، فقد تابعت أصداء تنفيذ حكم إعدام سيد قطب، في عددها الصادر يوم الحادي والثلاثين من آب/ أغسطس عام 1966 بمانشيتات نارية، جاء فيها:

  • مقتل 500 مصري هتفوا ضد الاشتراكية والإرهاب.
  • مظاهرات صاخبة في الأردن وباكستان احتجاجاً على إعدام سيد قطب ورفاقه.
  • المتظاهرون يستنكرون الحكم الإرهابي في مصر وينددون بحكام القاهرة.
  • الصحف الأردنية والتونسية تقول إن تنفيذ الإعدام يعتبر وصمة عار على جباه العرب والمسلمين.

وجاء في نص التقرير: “رغم الحصار الكبير المضروب على مصر من قبل حكام القاهرة، ومحاولات التستر الإرهابية على المآسي المحزنة التي يعيشها أشقاؤنا في مصر، ويسقط فيها المئات من مواطني مصر صرعى برصاص الاشتراكية الماركسية، رغم كل ذلك فإن أنباء مؤكدة تحدثت عن السخط الجماعي الذي ملأ المدن والأرياف، وتحول إلى عمل إيجابي صارم لمواجهة الإلحاد الاشتراكي والحكم المارسكي الإرهابي. فقد قام الألوف من المواطنين المصريين بكفر الشيخ والقرى المجاورة لها، بمظاهرات ساخطة احتجاجاً على حكم الإرهاب والإلحاد، هاتفين بسقوط الاشتراكية. وقد تصدت للمظاهرات الاحتجاجية فرق من مخابرات الجيش المسلحة؛ حيث اشتبكت مع المتظاهرين لتفريقهم، وأطلقوا نيران بنادقهم على جموع المواطنين العزل، الذي سقط منهم أكثر من خمسمئة ما بين قتيل وجريح.

وفي مدينة البحوث الإسلامية بالقاهرة، قتل الإرهابيون الماركسيون 15 طالباً إفريقياً أكثرهم من نيجيريا، بعد أن هتفوا ضد الاشتراكية. ولا تزال مدينة البحوث الإسلامية، تعيش حتى هذه اللحظات على بركان من السخط والتذمر.

مظاهرات صاخبة في الأردن

وتابعت صحيفةُ (الندوة) السعوديةُ أصداءَ الحدث في بلدان عربية وإسلامية أخرى؛ فأشارت إلى أنه: “جرت في عَمَّانَ أمس مظاهرات احتجاجية صاخبة على إعدام السلطات المصرة لثلاثة من الإخوان المسلمين في القاهرة. ونادى المتظاهرون بشعارات هاجموا فيها الرئيس جمال عبد الناصر، كما هاجموا السلطات المصرية. وقد قدر مراسلو وكالة أنباء رويتر عدد الذين اشتركوا في هذه المظاهرات بحوالي ألفي شخص. في حين قدرت وكالة أنباء يونايتدبرس عددهم بثمانية آلاف شخص، وقد قامت هذه المظاهرات في أعقاب قراءة الفاتحة والترحم على الشهداء الذين أعدمتهم السلطات المصرية، وقد أقيمت الصلاة على الشهداء الغائبين في جامع الحسين الكبير في مركز عَمان، وقام طلاب جامعة عَمان أمس بوضع أكاليل من الزهور مربوطة بأشرطة سوداء على مقربة من القنصلية المصرية في عمان للإعراب عن استهجانهم لإعدام السلطات المصرية ثلاثة من زعماء الإخوان المسلمين في مصر. وقد حملت صحيفة (الفجر) الأردنية في عددها الصادر أمس، على السلطات المصرية لتنفيذها حكم الإعدام هذا، واعتبرت تنفيذه مأساة تخزي العرب والمسلمين، وقالت إن مأساة الإخوان المسلمين في مصر ستبقى وصمة عار على جباه العرب والمسلمين، مالم يرفعوا أصواتهم عالية لاستهجانها.

صحف تونس

هذا وحملت الصحف التونسية أمس على الرئيس جمال عبد الناصر وقالت: إنه أعلن الحرب على الإسلام والمسلمين بتنفيذه حكم الإعدام. وقالت جريدة (العمل) التونسية: إن الرئيس المصري يخشى وقوع انفجار في بلاده نتيجة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يتبعها.  وكتبت صحيفة تونسية تقول: إن سيد قطب ورفاقه ستبقى ذكراهم حية، طالما بقي النضال مستمراً من أجل تحقيق الحرية.

أما وكالة الأنباء التونسية؛ فقد قالت: إن تنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء ما هو إلا جريمة ضد الحرية، والعدل والقيم الأخلاقية السامية.

وفي الباكستان قام الطلبة بمظاهرات في شوارع مدينة كراتشي، حاملين لافتات تصف الرئيس المصري بالدكتاتور وكعدو للمسلمين.

(المدينة): لك الله يا سيد الشهداء

أما صحيفة (المدينة) الصادرة في المدينة المنورة؛ فقد نشرت على صدر صفحاتها صوراً لسيد قطب، وقالت في عناوينها:

  • إعدام سيد قطب ورفاقه في مصر يثير سخط العالم الإسلامي واستنكاره.
  • لك الله يا سيد الشهداء… عشت حياتك كلها، تتفيأ في ظلال القرآن الوارفة.
  • حكام “مجتمع الكفاية والعدل” يغتالون دعاة الإسلام.
  • فقيد غالٍ ويد آثمة!

زر الذهاب إلى الأعلى