منازل للبيع في مدينة الصنمين هرباً من خطر الاغتيالات والموت
بالرغم من التخلص من نظام بشار الأسد، إلا أن خطر هؤلاء المجرمين لا يزال قائماً

تحقيق: فراس اللباد – العربي القديم
لم يشهد سكان مدينة الصنمين، منذ انطلاق عملية التحرير في ٨ ديسمبر ٢٠٢٤، استقرارًا أو أمنًا يذكر، نظرًا لتزايد عمليات الاغتيال وانتشار السلاح بشكل عشوائي، فضلًا عن نشاط العصابات التي تُثير الفوضى بين الحين والآخر دون رادع من قِبل الجهات الأمنية المسؤولة، مما يُثير قلقًا دائمًا لدى الأهالي ويُسبب هروبهم .
“أبو محمد الصنميني” اسم مستعار، يُخبر العربي القديم، أن الأحداث في الصنمين ناتجة عن تقصير جدي في ضبطها، مُشدداً على تشابهها مع اللاذقية والساحل السوري، من حيث انتشار السلاح والقتل اليومي، ولا ننسى اغتيال السفير نور الدين اللباد داخل منزله في الصنمين.
وتابع، أن أهالي الصنمين بذلوا جهودًا حثيثة لوقف هذه الأحداث، إلا أنها باءت بالفشل لعدم التزام الطرف الآخر بتوجيهات الشخصيات المحترمة والبارزة في المدينة، لذا نفكر جدّيًا ببيع منزلنا والانتقال إلى مدينة أكثر أمنًا.
من جهة أخرى، قالت السيدة حياة، من سكان الصنمين، إنها وزوجها يدرسان جدياً بيع منزلهما والانتقال إلى دمشق، نظرًا لعمليات القتل والاغتيالات المتزايدة في المدينة، وخشيةً على سلامتهما، وبالأخص سلامة زوجها وأبنائها، فالموت في الصنمين لا يُميّز بين صغير وكبير.
وتابعت، أنه يُسجّل يوميًا سقوط ضحايا نتيجة عمليات اغتيال عشوائية تطال المدنيين من رجال ونساء وأطفال، دون تمييز، حيث تُزهق أرواح الأبرياء دون معرفة دوافع الجناة. وبالرغم من التخلص من نظام بشار الأسد، إلا أن خطر هؤلاء المجرمين الذين يتحركون بيننا لا يزال قائمًا.
لذا، وبالنظر لما ذكر، فإننا ندرس جدياً بيع منزلنا، تماشياً مع ما قام به العديد من سكان الصنمين الذين لجأوا إلى دمشق حفاظاً على سلامتهم وسلامة أطفالهم. وقد قمنا بنشر إعلان عبر منصات التواصل الاجتماعي لبيع منزلنا الكائن في الصنمين، كما فعل العديد من أهالي المدينة.
【شهدت مدينة الصنمين بمحافظة درعا خلال فترة الثورة السورية نشاطًا مكثفًا لفصائل عسكرية متعددة، خاصة في منطقة الجيدور بالجنوب. وقد قامت بعض هذه الفصائل بحل نفسها والتزام الحياد، فيما انضمت أخرى إلى صفوف الأمن العام السوري بعد تحرير المنطقة، بينما لا تزال بعض الفصائل الأخرى تشكل تهديدًا للسلم الأهلي 】.
في سياق متصل، أفاد الناشط الحقوقي “أحمد الأحمد ” بقلق بالغ إزاء ما يتعرض له سكان مدينة الصنمين من عمليات قتل واغتيال، مشيراً إلى ارتفاع عدد الضحايا بشكل يومي ليصل إلى أكثر من 300 شخص، بينهم أطفال ونساء.
وأضاف، نراقب الأحداث عن كثب في مدينة الصنمين، ولدينا العديد من الوثائق التي تثبت تورط الجناة في هذه الأعمال ضد المدنيين. كنا نخشى من نظام الحكم السابق وعمليات الاغتيال التي كان يستهدف بها الشباب، لكن النظام لم يجرؤ على ارتكاب هذه الأعمال علانية كما يحدث الآن في الصنمين، حيث تُرتكب جرائم القتل دون رادع أو تدخل أمني، ونطالب الدولة السورية بوضع حد لهذه الانتهاكات.
وتابع، بناءً على المعلومات المتوفرة لدينا، يُرجّح أن هؤلاء الأفراد هم امتدادٌ لتنظيم الدولة الإسلامية الذي كان متمركزًا في حوض اليرموك جنوب درعا. وعندما واجهوا مقاومةً من الجيش الحر سابقًا، فرّ البعض وتخلّى عن التنظيم ليعمل بشكل مستقل، متعاونًا مع النظام السابق خلال فترة وجوده، فقد ضمن لهم النظام في درعا، بقيادة لؤي العلي، البقاء مقابل تنفيذ تعليماتٍ عديدة، منها اغتيال ومحاربة أي طرف يُشكّل تهديدًا لهم أو للنظام السابق، وقد أسفر ذلك عن مقتل العديد من أعضاء الجيش الحر، وتسليم آخرين للنظام آنذاك. وبعد سقوط النظام، استمر هؤلاء في نشاطهم في درعا والصنمين، مما يوحي باستمرار نفوذ النظام، وخاصةً لؤي العلي، مهندس عمليات الاغتيال في المنطقة.
وأشار “أحمد”، إلى أن هناك معلومات موثقة قيام مجموعة نشطة في منطقة الصنمين بتأمين الحماية لعناصر من تنظيم داعش، وذلك في أعقاب التسوية عام 2018، حيث أصبحت المنطقة ملاذًا لقيادات التنظيم تحت حماية فصيل عسكري نشط في المدينة ومعروف محلياً، لذلك مثل هذه الانتهاكات الأمنية غالبًا ما تدفع بعض السكان إلى الهجرة والبيع طلبًا للأمان والاستقرار .
[ يُذكر، أن مدينة الصنمين، الواقعة جنوب مدينة درعا، تُعد مركزًا تجاريًا حيويًا هامًا يربط دمشق بدرعا، ويبلغ عدد سكانها حوالي ٦٠ ألف نسمة.]
- توضيح: فضل المشاركون استخدام أسماء مستعارة خوفًا على حياتهم من أي عمليات انتقامية.