مجلس الشعب السوري بين الكفاءة العلمية وأسياف العشيرة
أصوات من الرقة تطالب بتغليب الكفاءات والبعد عن إعادة إنتاج منطق النظام البائد

العربي القديم – الرقة | أسامة عبد الكريم الخلف.
أصدرت رئاسة الجمهورية السورية منذ أيام المرسوم رقم 66 لعام 2025، والذي يتعلق بإعادة تشكيل مجلس الشعب السوري، في خطوة تشريعية تحمل في طياتها العديد من المؤشرات السياسية في المرحلة الانتقالية الحالية.
وفقا للمرسوم، سيتألف المجلس من 150 عضواً، سيتم تعيين ثلثهم (50 عضواً) بشكل مباشر من قِبل الرئيس أحمد الشرع، بينما سينتخب 100 عضو آخرين عبر هيئات ناخبة محلية تُشكل داخل كل محافظة تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات.
وبحسب التوزيع الأولي المرفق في المرسوم، كان نصيب محافظة الرقة هو 3 مقاعد فقط،
أما الـ50 مقعداً الذين سيعينون من قبل الرئيس ما زالوا مجهولي الهوية والتوزيع الجغرافي، مما يجعل العدد النهائي لممثلي كل محافظة – ومن ضمنها الرقة – قابلاً للتغيير.
القرار والحصص الموزعة ال3 أثارت استهجان الشارع بالرقة، والتي تتوازع سيطراتها ضمن جغرافيات ثلاثة، حيث تسيطر قسد على مركز المدينة وريف المركز.
بينما تسيطر فصائل عسكرية من الجيش الوطني على ريفها الشمالي “تل أبيض- سلوك- حمام التركمان” والريف الجنوبي الشرقي تحت سيطرة الحكومة الانتقالية ووزارة الدفاع.
حسن عبد الله الخلف: نرفض إعادة إنتاج منطق الوجاهة
وكتب الناشط الصحفي “حسن عبدالله الخلف” من الرقة على صفحته الشخصية تعقيبا على القرار:
في هذه اللحظة الفاصلة من عمر الدولة السورية، وبعد أن طوينا صفحة الاستبداد بسقوط النظام، وبدأت ملامح مرحلة انتقالية بقيادة وطنية جديدة ممثلة بالسيد الرئيس أحمد الشرع، نرى من واجبنا كسوريين أن نرفع الصوت عالياً رفضاً لأي محاولة لإعادة إنتاج منطق الوجاهة والعشيرة داخل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها مجلس الشعب.
وتابع ‘الخلف ” إننا نناشد السيد الرئيس واللجنة الانتخابية العليا أن يتم اختيار أعضاء مجلس الشعب وفق معايير واضحة وصارمة، تبدأ من الكفاءة العلمية حصراً، بحيث لا يُقبل أي اسم لا يحمل شهادة جامعية على الأقل، مع إعطاء الأولوية لحملة الماجستير والدكتوراه، خصوصاً في مجالات القانون، والاقتصاد، والعلوم السياسية، والإدارة العامة، وكل ما يُعنى بتأسيس حياة تشريعية حقيقية في سورية الجديدة.
أضاف وفي هذا السياق، نؤكد على الرفض التام والحازم لأي شكل من أشكال التمثيل العشائري، سواء جاء من بقايا النظام الذين لبسوا العباءة يوماً لخدمة الأجهزة الأمنية، أو من بعض “الثوريين” الذين أعادوا إنتاج منطق المشيخة، وراحوا يتحدثون باسم القبائل وكأن الثورة فوضتهم بذلك. سورية الجديدة لا تحتاج شيوخ عشائر، بل رجال دولة. لا نريد ممثلين عن العائلة أو الطائفة أو العشيرة، بل ممثلين عن الشعب، عن الناس، عن أحلام السوريين في الحرية والعدالة والكرامة.
بالمقابل ماتزال الرقة والجزيرة السورية، محصورة في إطار القبيلة، حيث لا يُعتبر العلم والمثقفون دعائم أساسية للتقدم، بل يُنظر إليهم كغرباء أو حتى خونة للتقاليد. لذا، ليس من المستغرب أن تشعر القبيلة بالعداء تجاه من يسعى للخروج من حدودها، فقط لأنه يحاول إعادة تعريف مفهوم الولاء، من الانتماء العائلي إلى الانتماء الوطني، ومن العصبية إلى الكفاءة.
مؤيد العجيلي: قمع المواهب وإبعاد العقول
يقول الإعلامي مؤيد العجيلي: في المجتمع، وفي عيون القبيلة، يُعتبر المثقف كالغريب في أرضٍ قد حُددت معالمها منذ قرون. يأتي حاملاً أسئلته، مشككاً في المسلمات، ناقداً للتقاليد التي أصبحت مقدسات، ومصراً على تقديم العقل على النقل، والقانون على العرف. في هذه الحالة، يتحول الجهل إلى فضيلة، وتصبح المراجعة خيانة.
وعندما تُوزع المناصب بناءً على الولاء القبلي بدلاً من الجدارة والكفاءة، تُقمع المواهب في بداياتها، وتُبعد العقول عن الساحة. ينتج عن ذلك تحالف غير معلن بين زعماء القبائل وعناصر الفشل، حيث يتبادلون المنافع ويتقاسمون الغنائم من خلال محاصصات لا تعترف بالمؤهلات العلمية، بل تركز فقط على “من هو ابن من”.
ياسر خالف الخلف: نُطالب بتمثيل فعلي
على صعيد متصل قال الناشط “ياسر خالد الخلف” من مدينة الرقة :
بمناسبة صدور مرسوم تحديد نسبة وأعضاء مجلس الشعب وتوزيع المقاعد على المحافظات، قد ترضى الحكومة بهذا التوزيع، ولكن من الواضح أن بعض المحافظات لا ترضى به، وخاصة حين يتعلق الأمر بالتمثيل الحقيقي والعادل.
وأضاف “الخلف” نحن، فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، لا نُطالب فقط بمقاعد تُرضي المحافظات، بل نُطالب بقوة خاصة بنا داخل مجلس الشعب، نُطالب بتمثيل فعلي يعبّر عنّا وعن قضايا أكثر من مليون سوري من ذوي الإعاقة، تزداد أعدادهم يومًا بعد يوم، وتتنوع إعاقاتهم وظروفهم.
يضيف :آن الأوان أن يكون لنا عدد خاص من المقاعد، أن تُخصص نسبة محددة من الأعضاء لذوي الإعاقة، تمامًا كما يتم تخصيص مقاعد للنساء أو لفئات أخرى، تمكيننا سياسيًا هو أحد أشكال العدالة والإنصاف، وهو بداية حقيقية لدمجنا معرفيًا ومهنيًا واقتصاديًا.