تطهير البلد من صور الطاغية وأصنامه هل تكفي؟
عن إعادة الاعتبار للمؤيدين والفاسدين وإعادة تدويرهم أحدثكم

ياسر الظاهر- العربي القديم
تقوم الثورات في العالم لتغيير الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي أفسدته الأنظمة الاستبدادية الطاغية فضلا عن قتل الشعوب وتدمير البلاد، ويكون هذا التغيير جذريا، وحين انتصارها تبدأ باجتثاث الفساد الذي تجذر في هذا الواقع خلال سنوات حكم تلك الأنظمة الذي زرعته ورعته وجذرته في البلاد. في سورية انتصرت الثورة في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي
على نظام العصابة الأسدية ومن لف لفيفها من شبيحة وقتلة ومجرمين وفاسدين، ومن يومها بدأت ملامح عملية تطهير البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية من كل معالم الفساد المادية والبشرية، بما فيها القوانين المتخلفة والأنظمة الرثة كحكامها البائدين،
وكل ذلك من أجل بناء سورية الجديدة والحديثة، وقد لمس السوريون تغييرا انعكس على جميع مناحي حياتهم منذ فترة التحرير وحتى الآن، لا يستطيع كل ذي بصيرة من نكرانه على الرغم من وجود العديد من الأخطاء التي وقعت، والتي كان المواطن يشير إليها عبر منابر القنوات الفضائية أو وسائل التواصل الاجتماعي بكل حرية وجرأة، وغالبا ما كانت ترد الحكومة على انتقاداته واستفساراته، بنفس وسائله التي استخدمها للتعبير عن رأيه.
وكل ذلك كان يعبر عن حالة صحية، رغم التقصير الإعلامي الواضح في تراخيه عن رصد الأخطاء، وحالات الأداء الضعيفة لمسؤولي المرافق الخدمية التي تهم المواطن وتمس حياته اليومية التي يشكل الكثير منها عناصر للاستمرار بالعمل والعيش بكرامة، كمشكلة شح المياه وانقطاع الكهرباء ونظافة الشوارع وجودة الخبز وتوفره، وتحديات النقل والازدحام المروري وغيرها من الأمور الخدمية، ولاشك أن الفترة الزمنية لاستلام الحكومة مهامها لم تتح لها معالجة جميع أمور البلد المنهك على كافة الصعد، ولكن لابد من النقد والتذكير والتنبيه على الأخطاء، من أجل أن يكون بناء المجتمع في أحسن صورة، ولأننا عشنا في هذا البلد ولم نغادره وخبرنا المدى المزري الذي أوصله إليه النظام البائد من خراب في البنيان والإنسان، لذلك ربما نلتمس لها العذر في صعوبات إنجاز وبناء الدولة في مدة قصيرة للأسباب التي ذكرتها، لكن ورغم ذلك هناك أمور كان من المفترض أن لا تخطئ فيها حكومتنا وأن لا تستعجل في اتخاذ قرارات سريعة بشأنها، وخصوصا أنها تعتبر برأي الجميع مصيرية في حياة المواطن، كتعيين بل إعادة تدوير مسؤولين في النظام البائد، والمؤسف والمحزن أيضا القيام بترقيتهم وأغلبهم من الفاسدين وأعضاء عاملين في حزب البعث المنحل بل مؤيدين له ولنظام القتل والإجرام البائد، ولاسيما في مؤسستي التعليم العالي والتربية، وفي الجامعات ومديريات التربية، وربما نعثر على أمثالهم في مفاصل أخرى من مفاصل الدولة، والمثير للغضب أن يتم تمثيل بعضهم في لجان هامة لاختيار طلاب علم كتعيين ديانا جبور مديرة تلفزيون النظام المخلوع عضوة في لجنة اختيار وقبول طلاب المعهد العالي للسينما لهذا العام، وكأنهم يعيدون لها الاعتبار، ويسامحونها على تاريخها الأسود المدنس بالدفاع عن بشار وجرائمه بالتزوير والتدليس ولاسيما في محاولة تكذيب مجزرة الكيماوي وغيرها من المجازر التي هزت إنسانية الشعوب هذا بدلا من محاسبتها وإدانة أفعالها، وكأن البلد قد خلت من الخبرات الشريفة والحرة، ولم يبق فيها إلا من أمثال هؤلاء الفاسدين!!!
إن مستقبل البلد وأبناءنا أمانة في أعناقكم، ومهمة تطهير الوطن من أمثال هؤلاء من أولى مهامكم، وإن أرواح الشهداء والتاريخ لن يسامحا أحدا استهتر أو تهاون في مبادئ الثورة التي ثار وضحى من أجلها السوريون.