فنون وآداب

نصوص أدبية || ثلاث قصص قصيرة جداً

كتبها: توفيق الحلاق

خص المذيع والإعلامي السوري المخضرم توفيق حلاق موقع (العربي القديم) بهذه القصص القصيرة جداً، من جديد ما كتبه في الآونة الأخيرة.

 1. بعيداً عن هذه الأرض

في رأسي كثير من الكتب التي تكدس الغبار فوقها على مدى خمس سنوات…

وهناك أشرطة تسجيل مُغبرّة أيضا تحوي مئات الأغنيات.

قال الطبيب النفساني: إن رأسك يحتاج إلى فتحات تهوية  في مكان بعيد عن الأرض، ثم بكى لحظة الوداع.

2. حكاية عروسان لايقتلهما الرصاص

كانت البنت الجميلة قد صارت إلى عروس في شهر آذار من عام 2011

وهي وقعت في حب شاب رأته في حلمها فبحثت عنه في صحوها، جالت أسواق دمشق العتيقة فقيل لها: ربما رحل  إلى درعا، وهناك رأته، كان هو ذاته الذي التقته في منامها فنادته باسمه: يا حرية. يا حرية. فعدا نحوها.

 انهمر الرصاص عليه من كل جانب، واندفع رجال يشبهون الوحوش نحو العروس لاغتصابها.

كانت عصية فلاتطال كما القمر، أحرقوا البلد بمن عليها فما احترق العروسان ولم يموتا.

 كانا جسمين نورانيين عصييين على الفناء، ولاتزال محاولات الاغتصاب مستمرة، ولايزال العروسان يشعان نورا موشحا باللون الأحمر بانتظار ليلة الزفاف.

3. ثلاثة في واحد

أنا ثلاثة في واحد.

أنا رجل بثلاثة رؤوس، وربما من الأسهل والأفضل القول إني ثلاثة في واحد، ولست أشبه نفسي بالمسيح طبعاً فذاك رب يؤمن به مليارا شخص حول العالم، فيما أنا مجرد فرد لم يسمع به أحد.

 وعلى أي حال فأنا لا أدعي التميز عن غيري بأي شيء، كل مافي الأمر أنني انتبهت إلى كينونتي بعد مرور ثمانين سنة على بدء زيارتي لهذه الأرض، وتم ذلك بالصدفة، حين وقفت أمام جهاز المحاسبة الالكتروني حيث بدأت أمرر مشترياتي من الخضر والفواكه والبقول فوق الحاسب، وعندما انتهيت، مررت بطاقتي البنكية في الأخدود المخصص لها، فخرجت الفاتورة، أخذتها  وجمعت أغراضي في الكيس، وفي تلك اللحظة اكتشفت أنني لم أمرر قطعة الشوكلاته على الجهاز، ولم يرني أحد، فوضعتها في الكيس ومضيت إلى الشارع سعيداً  الشوكلاتة المجانية، لولا أن تدخل الرجل الثاني الذي هو أنا أيضاً، وأخذ يوبخني على فعلي الآثم قائلاً: عد إلى المتجر فوراً وادفع ثمن القطعة وإلا  سأجلدك حتى الموت.

قال الرجل الأول الذي هو أنا: لن أفعل فأنا لم أتقصد السرقة أولاً، ثم إن المتجر يكسب مني أضعاف ثمنها.

انبرى الرجل الثالث وهو قاض نزيه والذي هو أنا أيضاً: لا أوافق على عقوبة الجلد لأن السرقة لم تحدث عن سابق تخطيط وترصد، كما أني  لا أوافق على تبرئة الرجل الأول، غير أني أسامحه إذا تعهد لي بعدم تكرار فعلته مرةً أخرى.

وافق الرجل الثاني على الحكم، أما الرجل الأول فقد التزم الصمت وأخذ يفكر، ولايزال يفكر.

زر الذهاب إلى الأعلى