فنون وآداب

خماسية (صولو): مخرج بالواسطة ودراما هزيلة من بطولة زوجته

إن الإخراج الذي لا ينتج عملا فنياً راقياً وهادفاً يلامس بشكل حقيقي  قضايا الناس هو إخراج من دون روح

أحمد صلال- العربي القديم

من المحال أن يتغير ويتطور فكر الإنسان دون أن تتطور المجالات والوسائل المرتبطة بثقافته وفنونه ولغته والاستخدام الراقي لأساليب وأدوات العمل الفني الهادف بأنواعه المختلفة، وأيضاً الارتباط بالمعرفة الإنسانية المعاصرة المستجيبة لمقتضيات المرحلة الجديدة، عصر أدبر وعصر أقبل، ولا بد أن تكون الأفكار وتكوينها وثيقة الصلة بتكوين الكلمات ومضامينها، فكل مجال متطور يخاطب الجمهور يمكن رده إلى لغة أجيدت صياغتها، وإن تطوير المسلسلات الرمضانية مرهون بتطوير السيناريو وأسلوب الحوار وترابط الأحداث والتسلسل الدرامي القوي والجذاب والهادف والتعبير عن الأفكار بسلاسة وحداثة دون تكرار ممل أو بلبلة ساذجة تتخبط بها تلك المسلسلات الرمضانية سيئة السمعة بمردوداتها الفنية الدرامية والثقافية والفكرية الهابطة والمسفة؛ مثلما هو عليه الحال في خماسية (صولو).

الحدث الدرامي

خماسية تتحدث عن شابة تهوى العزف والموسيقى، عاشت حياة صعبة بسبب فقدان أهلها، وتحاول أن تحقق حلمها الموسيقي مع صديق والدها الذي رباها وهي صغيرة، لكن ثمة أمر يعود من الماضي. الخماسية أخرجها الممثل حازم زيدان، وتلعب بطولتها زوجته لمى بدور مع فايز قزق وحسام تحسين بك.

الارتجال

الخماسية الرمضانية (صولو)  نموذج للارتجال في كتابة السيناريو، فعند أخذ السيناريو التنفيذي من خلال مشاهدة الحلقات سنعلم بأنه أسند لغير صناعه، ولم تستطع تجربة ورشة السيناريو في تغطية هذا الخلل، حيث لا يمكن للورشة أن تعطيك غير الأفكار العامة، دون أن تمنحك أدوات الكتابة وتقنياتها وبناء الرؤية الفنية، وصناعة منطقها الدرامي.

انعدام الهوية السورية من خلال فضاءات التمثيل في كثير من الكوادر التصويرية، حيث نرى إيحاءات بمدن وأرياف لكن دون أي تأسيس أو اشتغال على هوية البيئة المكانية وثقافة الفضاء.  يتم إعدام البيئة الريفية بطريقة فجة، لا يظهر أبداً كمسرح للأحداث وأفعال الشخصيات، بل يكتفي المصور بصورة بانورامية واحدة من الأعلى تظهر جبلا فوقه قرية بينما تتم جميع مشاهد التمثيل في الغرف المنزلية لبيت أو بيتين مغلقين، وهذا ما يمثل حرفياً إعدام البيئة المكانية وهوية الفضاء التمثيلي للمدن والأرياف السورية المنفية أو الممحوة في أعمالنا التلفزيونية.

عدم فهم فكرة الموسم الجديد القائمة في الأساس على تغيير القيمة والحدث وتوجه الخط الدرامي بعناوين وقصص فرعية جديدة، وأدوار جديدة تمنح نكهة مختلفة لهذا الموسم، ولونا مختلفاً حدثياً وموضوعياً عن القديم، دون أن تخرجه عن عنوانه السابق، فالموسم الجديد ليس نسخة طبق الأصل بل طبعة مختلفة بموضوعات وتوجهات حديثة مختلفة عن السابق، أما ما شاهدناه فهو عدم التمييز بين فكرة الموسم، وتكرار الموسم أو العمل السابق.. وهنا يمكننا القول بأن ما تم تقديمه للمشاهد السوري في خماسية (صولو) على أنه دراما جديدة؛ لا يعدو في الحقيقة أن يكون استمراراً غير ناضج لاجترار مواسم سابقة، ويظهر ذلك في الإفراط في ربط العمل الحالي بمشاهد من الماضي، دون أن يكون لذلك أي خدمة جمالية “للفلاش باك” في العمل كأن يحدث تغيراً في الإيقاع أو يلعب على الوتر الزمني للحدث، وإنما يتم تكثيف مشاهد “الفلاش باك” المأخوذة من إعادة سابقة من أجل ربط حدث مفكك ومواصلة فكرة مقطوعة أو تحقيق انسجام مفقود. فضلا عن السقوط في تقليد صور ومشاهد تركية من حيث الحبكة، وأمريكية من بعض مسلسلات “نتفليكس” شكلاً لا مضموناً.

مخرج بالواسطة

إن الإخراج الذي لا ينتج عملا فنياً راقياً وهادفاً يلامس بشكل حقيقي  قضايا الناس وبملمس فيه بصمة ورؤية؛ هو إخراج من دون روح وينتج دراما تفتقر للعمق والتأثير. كاميرا حازم زيدان كانت خارج الفعل الدرامي العميق وغير قريبة من قلوب وعقول ووجدان المشاهد.

الإخراج هزيل وركيك وهابط فنياً، لتوافر شروط فشل درامي مكتمل الأركان، من جميع النواحي الفنية والموضوعية والتقنية، وغياب للأحداث الدرامية والأداء المتميز والتوترات الداخلية والوصول بها للذروة المطلوبة.

  لا قدرات ولا دوافع كامنة ولا موهبة ولا مقدرات العمل قادرة على إنتاج وتفجير طاقات لدى مخرج لا يملك غير ميراثه الفني العائلي، كون والده الفنان أيمن زيدان، الأب الذي لم يرتدع ليردع ابنه… فسار الابن على خطى أبيه في المحسوبيات العائلية حين أوكل البطولة لزوجته، كما كان أيمن زيدان يحشر أخوته في أعماله!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى