العربي الآن

الرقة وحكاية أم الواجعات والهوية البصرية ومجلس الشعب

ربط ناشطون عدم قدرتهم الاحتفال بالهوية البصرية السورية، بأم الواجعات التي لم تستطع إخراج العوالق والحصى والرمال من عيون أهالي الرقة

أسامة عبد الكريم الخلف – العربي القديم | الرقة

أثارت الاحتفالات بالهوية البصرية الجديدة لسوريا موجة من الانتقادات في أوساط نشطاء وإعلاميين من الجزيرة السورية “ديرالزور، الرقة، الحسكة” بعد تهميش معتمد من قبل الحكومة الجديدة للواقع المعيشي للسكان في تلك المناطق.

وتداول النشطاء رسومات العقاب الجديد المعتمد، بريشات ثلاث مدماة كناية عن المحافظات الشرقية الثلاث التي مازالت تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية.

حيث قتل الطفل “علي عباس العوني” برصاص عنصر من الأمن الداخلي أثناء جمعه للقمح من شاحنات نقلها، وهو ما أثار غضبا شعبيا واسعا في الرقة، حمل المتظاهرون خلالها قسد والحكومة السورية مسؤولية ما حدث، فيما أصدر الأمن الداخلي التابع لقسد بيانا اعترف فيه بارتكاب أحد عناصره لجريمة قتل الطفل، وزعم أنه تم اعتقاله بهدف محاسبته، بحسب وصفهم.

وفي سياق متصل ومرتبط بالهوية البصرية السورية الجديدة وتكهنات بمستقبل الجزيرة السورية، تعتمد كثير من الشعوب في طيات حياتها على الاعتماد على الخرافة والتصديق بأساطير وكرامات وخوارق، تمني النفس عن الخروج عن الواقع المألوف والعزاء بالوهم عن الحقيقة والعلم المجردين… ففي مدينة الرقة السورية ذات الطابع العشائري المحافظ والتقاليد العريقة، تنتشر فيها ومنذ سالف العصور تبني روايات عن الشيوخ وأصحاب الكرامات كالمسح على المريض من أصحاب الطرق الصوفية، والقراءة على “الماء، الملح، السكر” لفك العقد والسحر وجلب الأسير، واستعمال زيت الزيتون المقروء عليه من قبل الشيخ ،لعلاج أمراض العين.

حكاية أم الواجعات

أمينة الحسين، أو أم الواجعات امرأة خمسينية تعمل بمهنة استخراج الأتربة والعوالق وحتى الزجاج من العيون عبر لعق العين بطارف لسانها وعصر المآقي لاستخراج ما يسبب التهابها.وتقول أم الواجعات أو أمينة:

عندما كنت في مقتبل عمري وطفولتي جاءني حلم، رأيت نفسي فيه أداوي الناس وأطبب عيونهم من خلال فتح الجفنين وعصرهما وسحب تلك الأشياء بلساني.

استفاد المئات من هذه الطريقة وأطلقوا علي لقب “أم الواجعات”، قابلت العديد من اطباء العيون ووصفوا هذه الوصفة العلاجية بالظاهرة، لكن حذروني من انتقال تلك الالتهابات إلى صحتي وجهازي الهضمي والتنفسي. وتضيف: استعمل الملح عقب كل عملية تنظيف للمرضى،والماء المعقم خوفا من انتقال الالتهابات للساني وبلعومي.

تتابع: خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على منطقتي “العكيرشي” بريف الرقة تم اعتقالي من قبل عناصر التنظيم، بعد اتهامي بأنني أمارس السحر والشعوذة، لكن بعد متابعتي والسؤال عني قالو أنه “طب شعبي” ولا يخالف الشرع ،وأصبحوا يتعالجون عندي.

في كل صباح في ساحة المحافظة بمركز مدينة الرقة، تجلس أمينة “أم الواجعات” على رصيف أحد أفران الشارع، ويجتمع العشرات من نساء ورجال لتقوم بتنظيف عيونهم، بمبالغ بسيطة تتراوح”10_15″ألف ليرة للعين الواحدة، بينما لا تأخذ من الفقراء والأرامل والأيتام.

الهوية البصرية: احتفال بلا مضمون

ربط ناشطون عدم قدرتهم الاحتفال بالهوية البصرية السورية، بأم الواجعات التي لم تستطع إخراج العوالق والحصى والرمال من عيون أهالي الرقة، في وصف مجازي عن عدم منح الأولوية لسكان المنطقة ولا حتى في القنوات السورية الجديدة لحكومة الشرع، وأبسطها كان تمثيل مجلس الشعب.

وعلق الصحفي حسن عبدالله الخلف على الهوية البصرية السورية الجديدة دون مشاركة الجزيرة السورية :

كيف تضحك وأنت تغرق؟ الهوية البصرية آخر ما تبقّى من الجمهورية.

في المجتمعات الخارجة من الحرب، تُقاس علامات التعافي بعودة القانون، وتماسك النسيج الاجتماعي، وعودة الحد الأدنى من الحياة الكريمة. أما في سوريّة الجديدة، وبعد مرور ثمانية أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، وهروبه من البلاد، وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة السيد أحمد الشرع، فإن العنوان الأبرز على واجهات الشاشات هو… الهوية البصرية!

وأضاف إنه احتفال بلا مضمون. مسابقة في اختيار الألوان بينما الماء مقطوع، والخبز مفقود، والدواء نادر، والكهرباء ضوء ترف لا يُرى. جمهور عريض يهتف لشعار لا يعرف في غالبه ماذا يعني، ولا لماذا أُطلق أصلاً.

مجلس الشعب وعباءة المشيخة

وبالانتقال إلى انتخابات مجلس الشعب التي يسجل أبناء الرقة تحفظات شديدة حول آلياتها المزمع اعتمادها، كتب الخلف ردا على اجتماع مفوضية انتخابات المجلس بدمشق :

هل تجرؤ لجنة سبر الانتخابات على نشر أسماء من حضروا الجلسة اليوم من أبناء الرقة؟ أم أن السرية والتكتم هما القاعدة، منعًا لأي محاسبة أو رأي عام؟ لماذا يُمنع التصوير والتصريح إن كان “التمثيل الشعبي” نزيهًا وشفافًا؟ نحن أمام إعادة إنتاج لمشهد الولاء لا الانتخابات، حيث تُفصَّل المقاعد على مقاس الطاعة والمؤسف أن عباءة المشيخة، التي صفقت لكل سلطة، ما زالت تتصدر المشهد من لا يملك الجرأة على كشف الأسماء، لا يحق له ادعاء تمثيل الناس.

زر الذهاب إلى الأعلى