الوصايا العشر لثوار السويداء
لأني أحب السويداء وسكان الجبل أهلي، وأرى في حراكهم استمراراً للثورة السورية واقتراب حلمي، أقول:
١ -جميعنا نتفق على أن عصابة الأسد، دمرت ماضي وحاضر سوريا، ونسعى جميعاً لإسقاطها وبناء دولة ديمقراطية تحفظ حقوق الجميع، بمختلف قومياتهم ومذاهبهم وانتمائهم الإيديولوجي.
٢ -حبذا أن نرحب بما يقوله الشيخ الهجري ومن ثم الحناوي ولاحقاً الجربوع، من دون أن نقدسهم وندعي أنهم يمثلوننا، ونرحب بانضمامهم لثورة الشعب السوري والخروج من تحت عباءة الأسد.
٣ -الشيخ الهجري ذاته، هو من حرّم خروج ثوار السويداء، واعتبر الثورة ببدايتها، حربا سنية علوية لا علاقة للدروز بها، خاصة بعد تسليح الأسد الثورة وأسلمتها.. وذلك لا ينكره الهجري وموّثق.
٤ -حبذا أن نخفف من التفاخر بالماضي وشخصياته، فلكل منطقة رموزها ومآثرها، وليتنا نبتعد عن فكر القبيلة وقيادة الشيوخ، وننادي بدولة القانون؛ لأن المغالاة بتقليب الماضي، يثير نعرات وصحوات وربما عداوات..
نحن أبناء ٢٠١١ وما بعدها، ولنسعَ معاً لبناء دولة لا مزارع وعشائر وكنتونات..وهذا بالفعل ما يرفعه العقلاء المحترمون بالساحات، ولا يعيرون اهتماماً للمتخلفين النكوصيين الماضويين..
٥ -إخوتي في الجبل، إياكم ثم إياكم المطالبة بخروج هذي المدينة أو تلك الطائفة، فكما قدّر الآخرون ظروفكم عندما حرّم المشايخ عليكم الخروج لعقد من الزمن، قدروا ظروف الآخرين..
٦ -الأكيد أن عصابة الأسد لن تسقط بشعارات ورقص ولافتات، لكنها تتصدع لا شك، خاصة بخروج السويداء وسحب ورقة حماية الأقليات من الوريث الأسد… لذا الاستمرار سيزيد التصدع الذي سيوصل لا محالة للانهيار.. ولكن، حبذا العمل والتفكير بسيناريوهات، تقي أهلنا الانزلاق والأفخاخ، وتُؤَمِّنُ إكسير الاستمرار.
٧ -سمعت وبدأ يتكرر سؤال: “لماذا تراجعت مظاهرات الشمال، ليقتدوا بالسويداء وثورتها”، هذا أحبتي خطأ ونداءات مستفزة، فعدا لكل ظرفه، هم لم يقولوا لماذا لم تقم السويداء، أو تستمر على اعتبار كانت تقوم وتخبو… لأنه فعلاً، لو قامت السويداء واستمرت معأخوتها من المدن، عام ٢٠١١، ربما لم نصل لهذا الحال والتشتت والضعف والإذلال.. بل وربما سقطت العصابة التي تسلحت بمن تصفهم أقليات.
٨ -فقدت المدن التي ثارت، مئات آلاف القتلى ومثلهم مغيبين ونحو ١٠ ملايين مهجر ومهاجر، بمعنى دفعت ما يكفي وحيدة، وهذا بالتأكيد لا يعني صمتها اليوم أو تخليها عن الثورة ورمي ثوار الجبل وحيدين بوجه عصابة الأسد، ولكن في الوقت نفسه، لا يفكر أحد ببيع أهل تلك المدن، ثورية ووطنية ورجولة، لأنهم أثبتوا عبر عقد من الزمن، رجولة وعز وعزة، وقاموا من تحت البراميل والكيماوي والصواريخ… وهاهم، أو بعضهم، يؤاخي السويداء باللافتة والنداء والوقفة.
٩ -أتمنى راجياً عدم الانسياق وراء الشيوخ، ليس من قبيل ما فعلوا بالماضي وعلاقتهم مع الأسد وتبرئهم من ثورة أهلهم. بل فقط من منطلق أننا نسعى لدولة مدنية يقرها قواطر الفكر ومواد القانون، وليس مرجعيات دينية أياً كان انتماءها..
أخيراً.. كلنا مع السويداء التي تابعت ثورة السوريين، وأرى بلافتاتها اليوم، متابعة ليافطات كفرنبل وبنش.. وبغناء شبانها، تتمة لما بدأه القاشوش والساروت..
لذا، إيانا جميعاً والوقوع بفخ الأسد، من فرقة أو مقارنات أو إساءات، وعلينا تقدير ظروف بعضنا وعدم إلزام السوريين على الرقص، حينما يصيبني أنا الطرب ويخطر على بالي الغناء.
انتبهوا .. يمكنني وبمنتهى البساطة أن أجامل وحتى أركب على حراك الجبل، لكني وقتذاك أخون أهلي بالسويداء؛ لأني لم أنصح وأردع، كما أخطأت عام ٢٠١٢، وقت رأيت الانزياح بإدلب وصمتت، ظناً مني أن الظرف لا يسمح وثمة ما هو أولى بثورة، من الطبيعي أن تتعدد مستوياتها..
بوركت ثورة السويداء التي أراها امتداداً لثورة السوريين، بثوب جميل متجدد وخصوصية تحيي الأنفس المتعبة وتعيد لجميعنا الأمل…