أرشيف المجلة الشهرية

المقدم ياسر العبود: قائد لواء فلوجة حوران

قبل أن تتم الثورة عامها الأول، كان العبود قد حسم خياره إلى جانب الشعب، ليكون من أوائل الضباط المنشقين عن صفوف جيش الأسد

ريشة وكلمات الفنان: بكري اسكيف

في الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عام 2013، كان المقدم “ياسر محمد العبود” على موعد مع معركة جديدة، دون أن يدري أنها معركته الأخيرة. إنها معركة “توحيد الصفوف” التي خاض بعض وقائعها في مدينة طفس بحوران بشجاعة منقطعة النظير، قبل أن ينال الشهادة بقذيفة صاروخية من قوات الأسد، وهو على خطوط الجبهة الأولى.

ولد ياسر محمد العبود في  19 آذار/ مارس 1967 في بلدة النعيمة شرق درعا، حين أدركته الثورة كان في الرابعة والأربعين من العمر… وقبل أن تتم الثورة عامها الأول، كان العبود قد حسم خياره إلى جانب الشعب، ليكون من أوائل الضباط المنشقين عن صفوف جيش الأسد، في 17 شباط/ فبراير 2012، وليلتحق بصفوف الضباط الأحرار،  ويخوض بعد ذلك معارك ضارية مع قوات الأسد.

أسس العبود مع آخرين لواء فلوجة حوران، أحد التشكيلات العسكرية الأولى في الجنوب السوري، ومن خلاله خاض معارك ضارية ضد قوات الأسد، وسرعان ما أضحى المقدم “أبو عمار” أحد أبرز القادة والمخططين للمعارك ضد نظام الأسد ومليشياته، وكانت مساهماته العسكرية مشهودة  في إدارة العديد من المعارك، من بينها معركة اللواء 38، ومعارك الشريط الحدودي، وكتيبة السهوة، ليتولى فيما بعد قيادة العمليات العسكرية في المنطقة الجنوبية.

فقد العبود إحدى عينيه أثناء المعارك ضد قوات الأسد، كما فقد  العديد من أفراد أسرته بين شهيد ومعتقل وجريح، كلُّ ذلك لم يثنِه عن مجابهة العصابة الأسدية.

من أجمل ما قال أبو عمّار: “عنوانكم الأرض، اتركوا ورا الحدود، وتعوا لعندنا.. ﻧﺤﻦ ﻣﻮ ﺑﺤﺎجﺔ ﻃﺤﻴﻦ، ﻭﻻ ﺑﺪﻧﺎ ﻃﺤﻴﻦ، ﺑﺪﻧﺎ ﻃﺒﻴﺒﻨﺎ ﻳﺮﺟﻊ، ﺑﺪﻧﺎ ﺿﺎﺑﻄﻨﺎ ﻳﺮﺟﻊ، ﺑﺪﻧﺎ ﻣﻬﺠّﺮﻧﺎ ﻳﺮجع واللي بيصير عليه بيصير علينا”.. كان قائداً مميزاً وبطلاً مغواراً، وكان يوم استشهاده يوماً حزيناً، لقد فقدت الثورة فيه، أحد أبطالها الذين جابهوا نظام الأسد، ولم يساوم على مبادئ الثورة، ولم يفرّط في أهدافها يوماً.

لا أنسى حين وفاته، كيف جاء ذكره في التلفزيون السوري الرسمي الذي بثّ نبأ  استشهاده بلغته التضليلية المسمومة، فقال: “مقتل المجرم الخائن المقدم الفار ياسر محمد العبود، متزعم ما يُسمى لواء فلوجة – حوران”، مشيراً إلى مقتل من أسماهم “العشرات من الإرهابيين المجرمين معه، بالقرب من مدينة طفس بدرعا وتدمير أوكارهم وأدوات إجرامهم”.

كانت تلك الكلمات من إعلام القتلة أبلغ تعبير عن نقاء الرجل في وجدان السوريين، وعلى صفحة حملت اسمه مع عبارة “الشهيد البطل المقدم الركن ياسر العبود”، على موقع “فيسبوك”، نشر ناشطون صوراً له على أرض المعركة، وتعليقاً جاء فيه: “موت الأبطال هو صفحة نصر يفتحونها للأمة على جثامينهم، فاستبشروا فنحن في نهاية المطاف”…  بينما شيع المقاتلون، وأهالي النعيمة ودرعا المقدم العبود، وأدوا له التحية العسكرية قبل مواراته الثرى، مرددين هتافات باسمه.

مضى عقد من الزمن على استشهاد العبود، قبل أن يشهد السوريون نهاية المطاف وانتصار الثورة، وقبل أن ينتصر العبود على التلفزيون السوري الرسمي نفسه، الذي سبق أن وصفه الشبيحة الطائفيون الذين كتبوا خبر اسشتهاده بـ “المجرم الخائن الفار”، ليفرّوا هم وبشارهم، ويبقى العبود شهيد الحرية والكرامة في وجدان السوريين.

  _________________________________________

 من مقالات العدد الثامن عشر من (العربي القديم) عدد الاحتفال بالنصر، الخاص بشهداء ثورة القرن – كانون الأول/ ديسمبر 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى