العربي الآن

مصر المحروسة.. هل بدأ العقاب على رفضها تهجير أهالي غزة؟

مصر لم تلعب يوماً دور العناد أو المراهقة السياسية، لكنها اليوم مضطرة لإعادة تموضع

سامي زرقة – العربي القديم

خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت واشنطن باستخدام أدواتها القديمة من غير إعلان رسمي.. فيديو اغتيال السادات، وصف السيسي بـ”الرئيس المؤقت”، وصور أقمار صناعية بتفاصيل عسكرية ومدنية دقيقة جداً، هذه التحركات ليست عشوائية وليس هناك في السياسة ما يُنطق عن هوى.. إنها رسائل عميقة يقف خلفها عقل استخباراتي يفهم جيداً ماذا يفعل، وكيف يخطط..

السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الرسالة المراد توجيهها لمصر بشكل عام ورئيسها عبد الفتاح السيسي بشكل خاص؟ وفي أي صندوق بريد سيتم إيداع هذه الرسالة..

قد تكمن الإجابة على هذين السؤالين في تحركات الرئيس السيسي المقبلة، أو في البلدان التي يمكن أن يزورها.. لكن هناك من قد يخرج علينا ويقول إن الرسالة ببساطة تقول للسيسي إننا نراك.. ونتابعك.. ونعرف كيف نصل إليك في الوقت الذي نريد.. إنها رسالة مباشرة وصريحة للسيسي مفادها أن اللعب خارج الحدود المسموح بها بقي مكشوفاً ولن يمر من دون حساب.

سؤال آخر.. لماذا تم اختيار هذا التوقيت بالذات؟

ربما لأن السيسي قرر اللعب خارج الحلبة الأمريكية رافضاً إملاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، فالرجل رفض خطة التهجير من غزة، وهذا بحد ذاته كسر لأحد الخطوط الحمر الأمريكية – الإسرائيلية، ولم يكتفِ بذلك بل مد يده لبكين العدو اللدود لواشنطن من خلال شراء السلاح الصيني، لم يشترِ فقط.. بل أجرى مناورات عسكرية مشتركة، كل هذا يحصل في ذروة السباق الأمريكي الجمهوري – الديمقراطي حول من يضيّق الخناق ويقفل منافذ العالم على الصين أكثر.

دعونا نلعب دور محامي الشيطان ونسأل فيما إذا كان السيسي سيرضخ، وفيما إذا كانت مصر تملك أوراق ضغط؟

حتى الآن كل أدوات الضغط التي تم تجريبها فشلت.. لا المعونة الأمريكية توقفت، ولا ملفات حقوق الإنسان أثّرت، ولا التهديدات غير المباشرة أثرت عليه أيضاً.. وهذا قد يحمل معنى وحيداً بأن الرد سيكون بالصمت أو بالحركة وليس بالكلام.. ثم إن القاهرة تمتلك أوراق ضغط قد تكون أثقل من أوراق واشنطن.. فمصر لديها موقع استراتيجي يلعب دوراً كبيراً في ملفات الطاقة، والملاحة، والهجرة، ولديها مفاتيح مهمة في ملف غزة، وليبيا، والسد الإثيوبي.. والأهم من هذا كله فإن القاهرة لديها توازن جديد تحاول تفعيله مع بكين وموسكو، كي لا تبقى مرهونة للبيت الأبيض.

الجدير قوله إن مصر لم تلعب يوماً دور العناد أو المراهقة السياسية، لكنها اليوم مضطرة لإعادة تموضع يحفظ لها حقوقها، وقد تكون الولايات المتحدة تلعب آخر ورقة في الحرب النفسية ضد مصر، ما يعني أن الطرق الدبلوماسية ربما استنفذت.. وهنا قد ترجع مصر خطوة إلى الوراء، ليأتي الرد عبر صاروخ صيني جديد، أو من خلال مناورة في البحر الأحمر..

حفظ الله أرض الكنانة وشعبها من كيد الكائدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى