بصمات | عظمة الشعب السوري
أناس فقدوا ذويهم وأبناءهم وأغلى ما عندهم، لكنهم لا يجنحون للانتقام ولا يرغبون بتصفية الحسابات

د. علي حافظ – العربي القديم
هناك كثيرون من أبناء الشعب السوري اُعتقلوا لسنوات طويلة من أعمارهم في سجون وأقبية النظام القاسية المعتمة المكتظة، ومع ذلك لم يحملوا أية ضغينة ضده، ويحاولون أن ينسوا تلك السنوات الثقيلة المؤلمة. لقد سامحوا أصحابه مقابل أن يعيشوا بحرية وأمان؛ مقابل الحفاظ على وحدة التراب الوطني، وعدم الانجرار نحو أتون حرب أهلية مدمرة.
هناك أناس فقدوا ذويهم وأبناءهم وأغلى ما عندهم، لكنهم لا يجنحون للانتقام ولا يرغبون بتصفية حساباتهم مع أفراد ذلك النظام، وقبلوا بقدرهم الفاجع، مقابل أن أن يقرروا بأنفسهم مصيرهم ومستقبلهم…
هناك آلاف من المشردين الذين هُجروا من بيوتهم وأراضيهم في مدنهم وقراهم، وصودرت أملاكهم وممتلكاتهم، وها هم يعودون فقط، ليبدؤوا من جديد حياتهم الكريمة الحرة في وطنهم الأصلي.
هناك الملايين الذين هربوا إلى خارج البلاد من بطش آل الأسد ومخابراتهم وجيشهم وقاسوا الألم والمرارة في الغربة ولم يتخلوا عن جنسيتهم ووطنيتهم، وهم لا يرغبون بتعويضات ولا بأي شيء مقابل أن يرجعوا إلى وطنهم، ليساعدوا في بنائه بعد أن هدم وخرب إلى درجة غير مسبوقة.
هناك الآلاف الذين لم يوظفوا ولم يجدوا عملًا يناسب إمكاناتهم وقدراتهم رغم امتلاكهم شهادات عليا وخبرات واسعة؛ لأنهم لم يحصلوا على موافقات أمنية أو حزبية، ولم يرض النظام على توجهاتهم السياسية والفكرية، وقبلوا بقدرهم حين عملوا بعيدًا عن شهادتهم وخبراتهم كي لا يموتوا جوعًا؛ ومع ذلك لا يحملون الحقد على أحد يحذوهم الأمل في أن تعود لهم شهادتهم ونجاحاتهم المسروقة…
لقد هرب الأسد وبقيت سورية وشعبها العظيم.. عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء أبدًا؛ وقد مر ماء كثير تحت الجسر!