تكنولوجيا واقتصاد

جرائم حكم الأسد وتخريب سورية اقتصاديا: منهجية تدمير واضحة المعالم والأداء

استنفد الموارد وزرع بذور التقسيم ودق أسافينه!

 ابتسام المغربي – العربي القديم

العنوان المهم والذي حاول فيه الصناعي عصام تيزيني الإحاطة بالجرائم الاقتصادية التي دمرت سورية جغرافيا واجتماعيا وتجاريا وصناعيا، هو عنوان مهم ونحتاج الخوض فيه لتطلع الأجيال على تدمير ممنهج قام به حزب البعث  وسلطة البائدين باستبداد الحكم واستنفاد الموارد  وهجرة الارياف وتصحر الأراضي!!!!

هل تستطيع محاضرة واحدة الإحاطة بحجم الجرائم والتخريب؟ نظن استحالة ذلك، ولكن يكفي جرأة العنوان وشمولية البحث، هل نذكر بجريمة تعطيل المعامل وتأميم الصناعات؟ ام التغيير الديمغرافي الظالم الذي ساهم بهجرة أبناء الريف الى المدن المركزية للعمل بالأمن وغيرها من الخيوط الخفيةً والتي نسجت لحمة الفساد وسداها!! ام استنفاد الموارد المائية وزحف التصحر على الأراضي الزراعية؟

وأد الصناعة لصالح الاستيراد

 كان التخطيط ممنهجا لخراب الصناعة، وذكر التيزيني بصناعة السكر التي كانت رائدة في سورية ويعود معمل السكر فيها إلى عام ١٩٤٦ وكان يكفي إنتاجه سورية ويفيض، ليترك المعمل بعد التأميم بلا صيانة ولا تجديد، ولم تلفت الزراعة الى زراعة الشمندر السكري الجيد وتحسينه بأبحاث زراعية، وذلك كله تشجيعا للاستيراد منهاجا حيتان الاستيراد المسيطرين على تجارة السكر، وكم تم إفراغ الخزينة من العملة الصعبة لتمويل هؤلاء المستوردين..

إن تعيين المقربين ومن لا يمتلكون الكفاءة ساهم باستنفاد أموال القطاع العام الذي خسر بكل أبعاده ماعدا المدراء العامون الذي ثقلت حسابات بنوكهم، وتذوقوا رغد العيش في شواطئ العالم الفاحشة الأسعار..

 القضية الأسوأ كانت باختيار مواقع المصانع ومحطات المعالجة التي كان لها الاثر الكبير في تصحر الأراضي الزراعية وتلوث الينابيع. أذكر مثالا محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي اسمها القليعة في موقع هو فوق ينابيع دريكيش النقية، ولم تمض شهور حتى اصيب السكان بتلوث الكبد الفيروسي وبأعداد كبيرة عدا عن قلع الاشجار لإقامة المحطة؟؟؟

صحيح ان البعث ساهم كثيرا بالفساد وهذه التعيينات، لكن كل ذلك كان موجها بإرادة التخريب الاجتماعي وانتاج الظلم وغياب العدالة؟؟

إيفاد ابناء مدراء مكاتب المسؤولين

لو احصينا عدد الموفدين للدراسة خارجيا بتمويل الدولة فرقم ابناء المسؤولين والمقربين يكاد يكون كاملا..؟؟ ومعظمهم من ابناء المساعدين الذين كانوا يديرون مكاتب المسؤولين في مراكز الدوائر المهمة في الجيش والمخابرات ووصولا الى مكاتب الرئاسة؟؟؟ وهؤلاء يعودون ومناصب التعيين محجوزة لهم  يمارسون فيها شتى انواع التخريب والاستغلال واستغلال المنصب واغلاق المناقصات على المقربين  وأبناء المسؤولين وتجار الواجهات الذين يغطون مصالح زبانية الحكم وعلى رأسهم كانت الاسرة الحاكمة؟؟

مخالفة الدستور بالاستملاكات الجائرة

كانت مخالفة الدستور شعارا في زرع الاذى والتخريب وعلى رأسها استملاك الأراضي الزراعية واقامة مشاريع المناطق السكنية الذي كان شعارا لأداء الحكومات لدرجة ان خلافا بسيطا مع متنفذ سرعان ما يتبعه استملاك منطقة سكنه وما يحيطها والامثلة كثيرة واهمها قاسيون الذي استملك لأجل السياحة وهي خارج إطار النفع العام؟؟؟ وكان لإقامة مشاريع سياحيه لصالح رامي مخلوف وأمثاله من أقرباء الطغاة!! هل تصدقون أن ثلث الأراضي السورية مستملكة من عشرات السنين ولم يدق فيها إزميل تنمية، وتحول معظمها إلى مناطق سكن عشوائي مشوهة للمدن.

هل تصدقون ان دمشق بلا مخطط تنظيمي منذ مخطط إيكوشار المرفوض منذ عام ١٩٦٨ وماتم فيها من تخريب وانشاء مناطق سكن لموظفي المخابرات والجيش ومن لف لفهم!! وكل ذلك هو لتشويه العاصمة الاعرق بالعالم.

 ماذا نعدد… وماذا نتذكر؟!

عدا عن تشويه التعليم والمناهج التي كرست الانقياد المتعمد للقادة وغاب عنها التحديث ومتابعة التطوير العالمي ؟؟ودخول التشبيح إلى مسار الامتحانات وبيع الأسئلة، وإدخال أوراق مرفقة بالإجابات، لأبناء الطبقة المهشمة للمجتمع والظالمة لأبنائه. إنه سيل من عناوين التخريب الذي أوصلنا الى مدن مشوهة ومتخمة بالمخالفات، واستهتار معلن بالآثار وتهديمها بجرأة، وسيل من الأحكام القضائية مدفوعة الثمن،،، والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى!

إمكانية الإصلاح

هل يمكن الخروج من هذا الخضم المهترئ وفي ظل وجود جيش من المرتزقة وتجار المافيا؟

طبعا لا. مستحيل أمام ارادة التغيير التي تحتاج الى تعميق وجود المختصين النزهاء الخبراء في مواقع المسؤولية وادخال التكنولوجيا الحديثة   في برامج التطبيق لما نحتاجه من انقلاب في العمل بكل أبعاده، أليس لدينا مبرمجون؟ حتما وكثير منهم مبعدون عن مواقع المسؤولية.

نحتاج الى إعادة هيكلية الوزارات والمؤسسات التي تستنفد الموارد مكانيا، وأعداد موظفين تفوق الحاجة بإضعاف، وادخال البحث العلمي الى كل الدوائر وتحليل الأرقام  ورسم الخطط بالاعتماد على الاحصائيات الحيوية ورفع الاستملاكات الظالمة واحترام ملكيات المواطن والاهتمام بخدماته والبنية التحتية التي دمرتها شركات الانشاءات العامة وعلى رأسها الإنشاءات العسكرية والإسكان العسكري.

مداواة الوجع

وجع كبير يصعب إحصاء أبعاده تحت مسمى الجرائم الاقتصادية في سورية، التي نكأ جراحها الصناعي عصام تيزيني في ندوة مفتوحة  لجمعية العلوم الاقتصادية. نتمنى البدء بالعلاج والتغيير وتحقيق العدالة واحترام المواطنة وإشعال فتيل التنمية الحقيقية التي تستند على العلم والخبرة، وإبعاد تعويم المقربين والمتملقين ونفي بشاعة تعيين ذوي الولاء؟ فما نحتاجه الآن هو العلم والكفاءة لا الطاعة والولاء.

زر الذهاب إلى الأعلى