"الصحافيون وظلالهم" مراسل أميركي غاضب يرصد حال الإعلام الأمريكي في كتاب صادم
ترجمة وإعداد: وسنان الأعسر
في كتاب صدر أخيرا في نيويورك، وهو يجمع بين المذكرات والتاريخ الاجتماعي، يحاول المراسل الأمريكي الشهير باتريك لورانس في كتابه “الصحافيون وظلالهم” أن يصور بشجاعة الحالة المزرية التي تعيشها وسائل الإعلام الأميركية في العصر الحالي، راصدا أبرز لحظات أزماتها وما شهدته من تحولات لعل أبرزها تلك العلاقة المختلة وغير المتوازنة بين وسائل الإعلام الأميركية ودولة الأمن القومي التي تزداد اتساعا اليوم، بشكل يذكّر بما شهدته أيام الحرب الباردة.
من هو باتريك لورانس
باتريك لورانس مؤلف الكتاب، هو مراسل وكاتب مقالات ومحاضر. نُشرت مقالاته عبر عدد من المنافذ التي شملت صحيفة الغارديان، ونيويورك تايمز، والنيويوركر، وكريستشن ساينس مونيتور، وإنترناشيونال هيرالد تريبيون، ومجلة فار إيسترن إيكونوميك ريفيو. وقد ظهرت تعليقاته المتعلقة بالشؤون الخارجية ووسائل الإعلام في مجموعة متنوعة من المنشورات مثل سالون، وكاونتر بانش، وذي نايشن، وراريتان، وكونسورتيوم نسوز، وسكير بوست، وكونسيرنز، وأوريزون إيه ديبا، وزيت فراغن.
وقد حاز كتابه “اليابان: إعادة تفسير” على حائز على جائزة نادي الصحافة في الخارج)، فيما اعتُبر كتابيه “قرن شخص آخر: الشرق والغرب في عالم ما بعد الغرب” و”الوقت انتهى: الأميركيون بعد القرن الأميركي” من أفضل 10 كتب حسب تقييم موقع الغلوباليست.
ماذا يقول في كتابه؟
يستكشف الكتاب المعضلة النفسية التي يجب فهمها إذا أردنا معالجة الأزمة الحالية.حيث يعيش الصحافيون في عصرنا تمزقا داخليا بين متطلبات مهنتهم والواقع الذي يفرض عليهم، فهم يسعون لتلبية المعايير المهنية والمنسجمة أيديولوجياً، ومن ناحية أخرى وبشكل لاشعوري يبذلون جهودا مضنية لاختراق الحواجز التي تحول دون نقل الحقائق التي يدركون أهمية إيصالها. وهذا هو ظل الصحافي كما يذهب مؤلف الكتاب.
وتعتبر معالجة الكتاب، بطرحها مسألة إعادة دمج الصحافي الذي يعيش حالة تمزقّ، طريفة ومثيرة للاهتمام. إذ يسلّط المؤلف الضوء على ذلك السجلّ الخافل لخيانة وسائل الإعلام الأميركية لثقة الجمهور، ملقيا الضوء على العوامل التي شكلت نظرة الشعب إلى قطاع الإعلام ووعيه بغياب الحقيقة التي يبحث عنها، وكيف يمكن له أن يعيد اكتشاف هذه الحقيقة الغائبة رغم كل شيء، لأن الكتاب، في الحقيقة، دليل لمستقبل الصحافة نفسها.
ماذا قال زملاؤه عن الكتاب؟!
وجذب كتاب “الصحافيون وظلالهم” أنظار العديد من الصحافيين والكتاب المخضرمين في العالم، الذين أجمعوا على أن باتريك لورانس نجح في وضع الإصبع على داء الإعلام الأميركي اليوم، وكشف تناقضاته وانعكاساته على نفسية أصحاب المهنة.
يقول سيمور هيرش، الصحافي الاستقصائي الأميركي الحائز على جائزة “بوليتزر” للصحافة، إن “سرد لورانس، يأتي متسلحا بذكائه وفطنته، وهو يشكل تاريخ الصحافة الحافل والمثير في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وسياسة الاحتواء الأميركية الخارجية. وكان حبه لمهنتنا التي تشوبها النقائص والعيوب وسعادته بممارستها هُما ما يبرر المرارة ونظرته النقدية التي تنبع من نوايا حسنة. إن قراءة هذا الكتاب ممتعة للغاية”.
ويرى ستيفن كينزر، الكاتب الأميركي والمراسل الصحافي المخضرم لدى صحيفة نيويورك تايمز، أن “هذا الكتاب وإن كان يتنكر في شكل مذكرات مراسل أجنبي يجوب العالم، فإنه يتجاوز في جوهره هذا الأمر بكثير. إنه سردية مؤثرة من مراسل مثالي شهد انهيار مهنته المحبوبة. ويعدّ هذا وصفا حيا لكيفية تدهور الصحافة الأميركية وتحولها إلى منصة علاقات عامة، وتأثير ذلك على ديمقراطيتنا، وما يمكننا فعله في مواجهة الأمر”.
فيما يصف جون بيلجر، الصحافي الأسترالي المقيم في لندن، الكتاب بـ”الخارق للعادة والبليغ”، وبأن لورانس “كان فيه غاضبا وحكيما، ومنحنا الأمل. وحدد كون تحوّل جل القطاع إلى منصة دعاية خام لم يكتمل بعد وأن ‘السلطة الخامسة’ المكونة من رواة الحقيقة المستقلين تظهر. وتوجد حقيقة واحدة ثابتة: إننا نحن الصحافيين خدم للشعب، وليس للسلطة أبدًا”.
وذهب روبرت شير، الصحافي الأميركي إلى القول بحماس بالغ: “يعدّ هذا الناقوس المحذّر الرائع والبليغ للمراسل الأجنبي المخضرم باتريك لورانس مهمّا لأي شخص يؤمن بالتأكيد الجيفرسوني الذي يعتبر الصحافة الحرة الشرط الأساسي لحكومة الأحرار”.
ويعلق جو لوريا “كتاب حيوي جاء في الوقت المناسب لفهم النقائص التي ابتُليت بها وسائل الإعلام العريقة، التي ساء حالها كثيرا منذ (أحداث) 11 سبتمبر”.
ويقول الدكتور آرون غود، مؤلف كتاب “الاستثناء الأميركي: الإمبراطورية والدولة العميقة”، “يعتمد باتريك لورانس على خبرته وحكمته التي اكتسبها بجهد كبير لتأريخ روح الصحافة الأميركية المكرسة لنشر الحقيقة وتأبينها وإحيائها. ويوفّر كتاب ‘الصحافيون وظلالهم’ قراءة متّزنة وحتى مشجعة خلال هذه الأوقات الكارثية التي نمر بها!”.
أما ديانا جونستون فترى بكل وضوح: ” أن الصحافة الأميركية السائدة اليوم فقدت كل مصداقيتها بسبب دورها العميل للسلطة. وأن باتريك لورانس بجهده الشخصي الطويل لنشر الحقيقة عبر وسائل الإعلام التقليدية والمستقلة بث نداءً قويا لإحياء الصحافة الصادقة”.