فيلم "بكرا منكفي": هل تتسع بهجة الرسوم المتحركة لمأساة معتقلي سجون الأسد؟
العربي القديم – أحمد صلال
المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ومشروع (جسور الحقيقة)، متحمسان لإطلاق فيلم “غداً نواصل” أو “بكرا منكفي”، وهو فيلم رسوم متحركة وثائقي قصير جديد يتتبع قصة أم شابة لطفلين، تم اعتقال زوجها، واختفاؤه على يد مخابرات نظام الأسد في سوريا، قبل بضع سنوات. يأخذ الفيلم المشاهد، في رحلتها كلاجئة تبحث عن الأمان في برلين، ويصور الصراعات اليومية التي تواجهها بمجرد استقرارها، وهي تحاول كسب لقمة العيش، ورعاية أطفالها، بينما تستمر في البحث عن زوجها.
فن الرسوم المتحركة، فن ممتلئ بالبهجة، ارتبط في الذاكرة البصرية في العالم بأسره، بالترفيه والمتعة والقصص المسلية عموماً، فهل تتسع هذه البهجة الطفولية لتصوير معاناة معتقلي سجون الأسد القاتمة والرهيبة؟
الفيلم يسلط الضوء على الصدمة التي تأتي، مع فقدان أحد أفراد الأسر في المجهول. هي أيضاً قصة يمكن لأي شخص، في أي مكان في العالم، لديه خبرة، واستطاع أن يجلب الفيلم التضامن مع العائلات وجمع الناس معاً.
منذ بداية الحرب في سوريا في عام 2011، تم الإبلاغ عن أكثر من 100 ألف شخص في عداد المفقودين، أو المحتجزين تعسفياً. وقد تنتقل العائلات التي يتركونها خلفهم، إلى أماكن أكثر أماناً كلاجئين، لكن البحث عن أحبائهم يستمر أينما ذهبوا.
الفيلم مستوحى من قصص حقيقية لعائلات المفقودين، جمعتها مجموعة من المنظمات السورية العاملة على الأرض. يسلط الفيلم الضوء على حالة النسيان التي تعيشها العديد من العائلات السورية، حيث تكافح لمعرفة مصير أحبائها. تشرح نوشا قباوات المنتجة المشاركة، ورئيسة برنامج سوريا التابع للمركز الدولي للعدالة الانتقالية، وتقول: “إنهم عالقون بين البقاء متفائلين والمضي قدماً”.
الفيلم هو نتيجة تعاون، بقيادة المركز الدولي للعدالة الانتقالية، بين سبع منظمات مجتمع مدني سورية: (بدائل، مركز المجتمع المدني والديمقراطية، دولتي، محامون وأطباء لحقوق الإنسان، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، المعهد السوري للعدالة، واليوم التالي) المعروف بمشروع (جسور الحقيقة). منذ بداية المشروع في عام 2017، قامت المنظمات الأعضاء برفع الوعي بمحنة المعتقلين والمختفين قسرياً وعائلاتهم، ودعت إلى تحقيق العدالة الحقيقية لعدد لا يحصى من ضحايا الصراع السوري وقمع النظام.
يعتمد فيلم “غداً نواصل” على مقابلات فردية، وجلسات جماعية مركزة مع الضحايا السوريين، ويعكس التحديات الحقيقية التي تواجهها العائلات، عندما يكون أحد أفرادها محتجزاً ومفقوداً. يشمل أولئك الذين شملهم الاستطلاع السوريين داخل البلاد (من 11 محافظة من محافظات البلاد الـ 14)، وأولئك الذين استقروا خارج البلاد (يعيش الكثير منهم الآن في تركيا). إنهم يعرفون جيداً التجربة الفريدة والمؤلمة، لفقدان شخص ما، بسبب الاحتجاز أو الاختفاء.
يقول عبد الله غانم مخرج الفيلم: “بالنسبة لي، كان من المهم أن أروي هذه القصة، لأنها شيء نميل إلى الابتعاد عنه، وأردت أن أشارك في لفت الانتباه إلى محنة هذه العائلات”. سمح لنا فيلم الرسوم المتحركة، بسرد قصة مظلمة ومعقدة، بطريقة من شأنها أن تمس الكثير من الناس.