مسلسل (تاج): سقوط تيم حسن في براثن البطل الأوحد
العربي القديم- أحمد صلال
ليست مصادفةً أن يتحول الممثل السوري تيم حسن إلى سلعة رائجة من سلع الفن السوري والعربي بالعموم،”نجم شباك”، حضور يكرس ممثل من الصف الأول برتبة “بلطجي”، فالممثل الفتي المفتول العضلات يكاد يكون قد تخصص في مثل هذه الأدوار، وفق رؤية إنتاجية لبنانية رسمتها أجزاء مسلسل قطاع الطرق وتجار المخدرات (الهييبة).
إنها ليس لحظة عابرة أن يكون محل للإجماع والجدل في لحظة واحدة في كل المواسم الرمضانية، فمن شخصية شيخ الجبل في”الهيبة” كما أسلفنا، العمل الذي أثار جدلاً واسعاً، واستطاع أن يكون مثار نقاش طويل عريض، ثمة إجماع عن غياب أداء مبهر لحسن وغياب للحضور العبقري.. الذي حاول أن يلامس في مسلسل (عاصي الزند)
نجم شباك ولكن!
هذا الموسم يحضر تيم حسن في عمل “تاج” فقد وجدت فيه شركة الصباح اللبنانية، ضالتها في تسويق صورة النجم السوري الذي يبقى للسمسرة اللبنانية الرخيصة يداً في بلورة نجوميته وإن بأموال أم بي سي.
هنا نجد من اللحظة الأولى أن تيم استقطب الجمهور على سبيل الفضول الرمضاني، وضجت شبكات التواصل الاجتماعي، احتفاءً بالنجم السوري الذي عاد إلى الدراما السورية الخالصة بعد غياب في الدراما العربية المشتركة، فكان تيم بشاربيه وزنوده وقسمات وجهه الملاكم تاج الحمال، صاحب طريقة العفوية والبساطة المفرطة، والتي انقلبت هنا إلى حد التصنع، وهي تحاول لفت نظر الجمهور مع استمرار الحكاية، وليست حمولات الحوار والسيناريو.
الصورة ولغة الجسد هنا أهم بألف كلمة، لكن في أداء تيم حسن هي بلطجه علوية تسعى لتقديم (روبن هود) علوي، ماتزال بقاياه عالقة من عاصي الزند، وسوبرمان بلبوس درامي شامي، يكرس بلطجة الدراما السورية، مترافقة مع كلمات سوقية من لهجة أهل ريف الساحل السوري لا يقولها أهل دمشق عادة!
كل حمولات الحوار والسيناريو والصورة ولغة الجسد تمشي على نهج المصريين حين يريدون أن يسخروا “كذاب والله العظيم كذاب” فتيم نبع من الغباء الفني لا ينضب، مجموعة من المشاعر والانفعالات يستحضرها كما يقتضي السيناريو لا زيادة مع نقصان، دون أن يفوته الأداء التشبيحي الذي ينتشي بلغة القوة لا الإحساس، وعدم قدرته على ضبط أدواته واستعمالها كم تقتضي اللحظة الدرامية، هو باختصار ممثل غير حقيقي وإن كان نجم لا يمكننا إنكار نجوميته، وكم من نجوم مروا هم ممثلون متواضعون,
إنها نوعية تتكرر في المشهد الدرامي العربي بالعموم والسوري بالخصوص، نوعية يكرس ماركة مسجلة منذ غزو الطائفة العلوية المعهد العالي للفنون المسرحية ولاعتبارات سياسية يغيب عنها لوازمها واشتراطات وضروراتها الفنية، نيو لوك للبلطجة والممثل ابن جبل الطائفة، الذي يفتقد الموهبة الدرامية تماماً والتنوع الغير موجود وضعف الأداء الدرامي، يرافقها غياب القدرات والتحكم بالجسد والصوت والحالة النفسية للشخصية، يوصلها لنا كمتابعين بنبضات القلب السوداء، كل شهيق وزفير غير نظيف هو تيم حسن. البطل الأوحد الذي لم يخرج من عباءته لخمسة مواسم من مسيرته الفنية في السلسلة التلفزيونية “الهيبة”، الذي تشارك مع صناعه جماهيرية ثقافة “الترند”والتشويق.
العمل الأعلى كلفة من جيوب السعوديين
من الواضح أن تيم حسن لا يصنع ذلك وحده، حيث حضور الإرادة الإنتاجية اللبنانية وحضور المخرج سامر برقاوي، برقاوي مسمار العشرية السوداء من بلطجة الدراما السورية، إخراج لا يخلو من إتقان الصنعة وجماليات التقطيع وإن كان يخلو من الإبداع. إنه يقدم نمطية يغيب عنها التنوع في رصد اللحظة الدرامية، فالمشاهد تمضي في سكون رتيب، حتى ياتي موعد عركة البطل وتتفجر مشاهد المعارك بالخدع النارية. هكذا يفشل سامر البرقاوي في تقديم صورة مشحونة بالدلالات للمشاهد، يقدمها حكاية بروح عادية، ومميزة بالفشل في تقديم الجديد للجمهور، ومثلما يبدو من إدارته الكامير ومن أمامها أداء الممثلين ومن قبل سوء إختيار الكثير منهم للأدوار، فإنه يستخدم أسلوباً تقليدياً وعادياً، ودوماً وأبداً يقدم كوادره الممزوجة مع المكان المغترب، يقدم صورة بصرية كاذبة ومدلسة للتاريخ والحقائق، يرافقها تفاصيل حكاية غير جديدة وتفتقر للرشاقلة، وضخامة الإنتاج حيث أعتبر الأغلى كلفةً في تاريخ الدراما السورية بقيمة وصلت حتى 8.5 مليون دولار، وبنيت استوديوهات تصوير كبيرة وكلفة كبيرة هي الأخرى بالديكور والملابس مما لايعفيه من الضرورات الفنية؛ سخاء من شركة”الصباح” لصادق الصباح المعروفة بتشبيحها لإيران وحزب والله والنظام المغتصب في دمشق.. سخاء مستمد من المال السعودي. ولولا هذا المال ما كان بإمكانهم إنفاق عشر هذه الميزانية على عمل كهذا,
“تاج” يبقى أقبح عمل فني يقدم هذه السنة برأي… والقادم أعظم.