قصد السبيل | التواطؤ على تشويه سمعة أحمد معاذ الخطيب
د. علاء الدين آل رشي
أقدم في هذا المقال تحليلًا مكثفًا لبعض الأكاذيب والأوهام التي أُشيعت حول الزعيم الوطني أحمد معاذ الخطيب، حيث نسلط الضوء على المعنى الحقيقي والمقصد من قوله، دون تحريف أو اجتزاء.
يعد المهندس أحمد معاذ الخطيب أحد أبرز الأصوات الحكيمة في المشهد السوري، وقد تعرض لحملة تشويه كبيرة لم تصدر فقط من النظام، بل أيضًا من أقلام يُفترض بها دعم الثورة.
ومن بين هذه التحريفات، نجد أن يد العمالة الإعلامية قد عملت على تجريد مواقفه من معناها الحقيقي.
الكذبة الأولى: موسكو والزعيم الوطني أحمد معاذ الخطيب
أحد أبرز الأمثلة هو اقتباسه الشهير “هل ستشرق الشمس من موسكو؟”، والذي تم اقتطاعه من سياقه الحقيقي، مما أدى إلى تحريف المعنى المقصود وتحويل الاستفهام إلى تقرير قاطع خالٍ من الدقة. ما تعرض له الخطيب من تشويه لم يكن عفويًا، بل هو ناتج عن حملة إعلامية منظمة تهدف إلى زعزعة الجهود الداعمة للثورة والشخصيات المؤثرة فيها. وقد ساهمت العديد من وسائل الإعلام، حتى تلك التي تتحدث باسم الثورة، في نشر هذا التفسير المشوه، فقد أسقطت أداة الاستفهام “هل” مما حول التصريح إلى تأكيد لا يقبل الشك.
لقد أوضح الخطيب بنفسه خلال إحدى المقابلات، كيف أن بعض إعلاميي المعارضة وقعوا في فخ العبارة، مما يظهر كيف يمكن لقوة التلاعب أن تتجاوز حتى فهم الإعلاميين أنفسهم.
كما ذكر الخطيب في ذات المقال:
“أيام الضباب في موسكو ممتدة في هذه الأوقات، ولكننا لم نكن نبحث عن الشمس بل عن التقاطعات السياسية، أما فجرُنا القادم فلستُ أجد له أصدقَ من قولة القاضي الزبيري ليوم الاستقلال: يومٌ من الدهرِ لم تصنعْ أشعتَهُ شمسُ الضحى.. بل صنعناهُ بأيدينا. وبعزيمتكم أيها السوريون وتمسككم باستقلال بلدكم، سنصنع شمس استقلال سورية العظيمة في مستقبلها الجديد.”
إن العديد من البسطاء قد ينساقون خلف التضليل، حيث تُغرس في عقولهم أيديولوجيات غير دقيقة. التشويه والتحوير للخطب والمواقف يخدم أجندات معينة، مما يؤدي إلى خلق قضايا غير صحيحة تُغمر المشهد العام بالارتباك. لذا يُعتبر من الضروري أن يتحلى الإعلام والمجتمع بمزيد من المسؤولية والدقة في نقل الحقائق، للحفاظ على مصداقية الخطاب الثوري وضمان ألا يتلاشى الأمل في قلوب الناس الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل.
*الكذبة الثانية: كلمته في القمة العربية عام 2013*
زعم البعض أن كلمة الشيخ معاذ للحكام كانت السبب في انقلاب السلطات على الثورة، حيث دعا إلى تحقيق العدالة والمصالحة.
في عام 2013، كان أ. معاذ الخطيب، حينها رئيس الائتلاف الوطني السوري، وقدم كلمة مؤثرة خلال مؤتمر القمة العربية، حيث طالب بتسريع إطلاق سراح المعتقلين وتحقيق العدالة.
في وقت تتصاعد فيه الأوضاع في سوريا وتكثُر فيه التوترات، كانت كلماته تدعو إلى المصالحة، وترسيخ المبادئ الإنسانية بدلاً من التأجيج والصراعات الدموية داخل المجتمعات العربيةوالإسلامية. إن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين قد يعد استفزازاً للسلطات، لكن ما يجب تأمله هو الرؤية الأعمق وراء ذلك.
إلا من خلال الحوار والمصالحة. إن الشعوب تتقدم في ظل العدالة والسلام، وقد يمثّل التوجه نحو العدل درباً للخروج من الدوامة المستمرة من العنف.
إن دعوة الخطيب هي صدى لمطالب الشعوب بما فيها الشعب السوري في تحقيق مستقبلٍ مختلف، حيث تبقى تطلعات الشعوب نحو العدل والكرامة، هي المحور الرئيسي لأي نقاش حول الحلول السياسية.
دعوة الخطيب كانت إلى العدل يظهر وجه الثورة وأنه ليس مجرد عنف وانتقام، كما يشيع النظام بل هي مطالب مشروعة تحتاج منا جميعاً إلى وقفة تأملية للدفاع عن قيم الإنسانية والعدالة.