نصوص أدبية || قدموس الإسماعيلية أقدار التهجير وصرخة الحلم
محمد المير إبراهيم – العربي القديم
تمهيداً لنص كتبته عن مسقط رأسي مدينة سلمية سيُنشر لاحقاً في (العربي القديم). أضع بين أيديكم نصاً كتبته عن مدينة القدموس مسقط رأس أجدادي. فنحنُ من العائلات التي هُجرت في بدايات القرن الماضي، إلى مدينة سلمية، إثر اقتتال طائفي حسمه صالح العلي لصالحه بالقوة والإجرام. وقد بقيت القدموس سِمة تقتحمُ واقعاً عشته، وحُلماً بديلاً لحلمٍ أقدم وأعرق على المستوى الشخصي، تكسّرَ أمامَ سطوة الجلاد وقبضة الحياة اسمه سلمية.
رُبما كان التهجير الذي طالنا قدر. لكن يبقى الحُلم صرخةً في وجهه.
***
قُدموس
في تلك الجبال الكثير من الأشياء المكنونة
في ظلال أشجارها العالية وحجارتها البازلتية الكُحلية..
في تِلكَ الجِبال أُناسٌ شُحذوا بالرَفض والعِناد
حتى أصبحت رؤوسهم كَحدِ السيف
يقارعون الله تارةً وقلوبهم الصغيرة تارةً أُخرى
في تلك الجبال أكثرُ من الجبال نفسها وأعلى
شياطينٌ تقفز صارخةً لا في وجه العدم
وملائكَةٌ تهدهد بجناحيها خدود طفل
في تلك الجبال مُحمّدُ النبي وعليّ النُور وأولياءُ دمِ الحُسين
حسنُ الصباح بخنجره المسموم
فدائيو سنان راشد الدين
في تلك الجبال شيوعيةٌ زرقاء مُزركشة بحب الآس والريحان والكُبّاد
في تِلكَ الجبال حُب وأحقادٌ على هيئتها الأولى
في تِلكَ الجبال شكلٌ آخرُ للحب
فالأم لاتحضِنُ أولادها كما جرت العادة
بل تعجِنُ قلبها خبزاً تارةً
وتقطعه كالبصل الطري كما قال درويش
تارةً أُخرى
كي تقدمهُ مع طبقِ برغل ببندورة لهم وهي ضاحكة
في تِلكَ الجبال الحِقد فكرة
والفكرة أعلى من الشعور
في تلك الجبال عاش غيفارا قبل أن يولد
وعُرِفَ وعُرِّفَ قبلها بكثير
في تلك الجبال جينات النِساء تطغى على جينات الرجال
في تلكَ الجبال الأُمهات مدارسٌ وجامعات
في تلكَ الجِبال يجتمعُ الشرقُ والغرب والشمالُ والجنوب
من تِلكَ الجبال تعلمتُ أن الحياة معركة ومازلت
أقاتل حتى أتنفس