قسد ومسد ومؤتمر بروكسل: مكياج سياسي على طاولة الدماء السورية
خلف محمد – العربي القديم
عادت رياح الخريف لتلوح فوق خيام السوريين منذرة باقتراب فصل الشتاء الذي يحمل لقاطني المخيمات معاناة قديمة متجددة باستمرار مع كل عام, وبينما ينشغل أهل الخيام بمحاولة تأمين محروقات ووسائل التدفئة، وسط الفقر المدقع الذي يكابدونه، لتقيهم برد الشتاء.
نجد على الضفة الأخرى بأن أموال نفط السوريين المنهوبة من قبل عصابات جبال قنديل تمول مؤتمرات في العواصم الأوربية للترويج لمشروعها القبيح المزين بمكياجات سياسية. إذ ينعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمر حمل عنوان “المسار الديمقراطي السوري”
بمشاركة وحضور لقوى وشخصيات سورية مختلفة الا أن الحضور الأكبر والراعي لهذا المؤتمر والمنظم له كان مجلس سوريا الديمقراطي, الذي لم يخلُ يوما من المآخذ والاتهامات والتشكيك في نواياه.
فعليا ومن حيث المبدأ, يذهب أغلب المشككين في المؤتمرات التي ترعاها مسد وذراعها العسكري قسدـ، بأنها تحاول إظهار نفسها كربان للسفينة الآمنة الممتلئة وطنية وعلمانية، التي ستحمل سوريا المستقبل إلى بر الأمان عبر إضفاء الشرعية على مشروعها التوسعي الانفصالي، متجاهلة بذلك مطالب السوريين والتي على رأسها اسقاط النظام لا التطبيع معه.
قد يتبادر إلى ذهن القارئ السؤال: فما علاقة التطبيع مع النظام بمؤتمر مسار ديمقراطي؟
أقول لكَ عزيزي القارئ هذا ليس تكهنات وليس تهجماً مسبقا، بل هذا ما حملته بنود ورقة الدعوة للمؤتمر ومن بنود جاء بعضها تحت عنوان (مشروع خطة طريق مقترحة للحل السياسي) على النحو الآتي:
1_ وقف إطلاق نار شامل ونهائي
2_ محاربة الإرهاب كما تعرفه الأمم المتحدة وتجفيف منابعه
3_ إطلاق سراح المعتقلين والمفقودين
4_ الاعتراف بالقرارات الأممية كحل للعملية السياسية
وأخر ما جاء في الورقة البند رقم 11 وهو الأخطر:
(البناء على الأمر الواقع في كل منطقة حتى يبدء مسار تأسيس جديد في سوريا).
فهل وعيت قولي عزيزي القارئ عندما قلنا هدف السوريين الأحرار إسقاط النظام لا التطبيع معه؟ عندما يقول المؤتمر في أحد بنوده “البناء على الأمر الواقع” فالاسد ونظامه بهذا المنظور هو أمر واقع، وعندما تقول الورقة بوقف إطلاق النار الشامل، “أي عدم التفكير بمحاربة النظام عسكرياً في المستقبل المنظور أو غير المنظور”
وعندما يُذكر بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه بناءً على الأمر الواقع هذا، فقسد وأسد يصفون مناطق الثورة وروادها وكل من يخالفهم بالدواعش والإرهابيين… وبالتالي تتلاقى الأجندات وتلتقي الاتهامات!
إن القضية السورية التي دفع السوريون أغلى الأثمان في سييلها طيلة أكثر من ثلاثة عشرة عاماً، لا تقبل الالتفاف ولا المناورة من قبل المشاريع الدخيلة على سوريا الجغرافيا أو سوريا الثورة.
ونحن كسوريين إذ نهتم بالمؤتمرات والمحافل الدولية التي تعنى بالشأن السوري، نعي أيضاً خطورة دس السم بالعسل عبر تمرير مصطلحات قبيحة مزينة بمساحيق تجميل سياسية، رغم أنه لم تستطع قوى إقليمية كتركيا أن تمرر مشروع تطبيعها على السوريين رغم قوتها ووجودها العسكري على الأرض السورية، حتى تأتي ميليشيات غير سورية عابرة للحدود تقر على السوريين مستقبلهم.