الإسلام الكنسي وتناقضات مشيخاته البعيدة عن جوهر الدين
عبد الرزاق الحسين – العربي القديم
في نقاش مع أخ لي قريب من هرم مشيخة (تمثل شكلا معارضة) أسميتها: “معارضة احتواء وظيفية”، قد تكشفها الايام القادمة. قال لي: لماذا تتكلم عنهم؟ أجبت بل عن سلوكهم وأفعالهم. كيف ترضى ب معاهد تحفيظ قرآن وجمعيات خيرية تطلق بها يدهم فتتحول إلى عائلية بحتة، ويصبح منشئها صاحب أعظم عمل منذ عصر النبوة، وقد سبق صاحبها ربع مليون مغيب. ألم تسمع وتكرر: لهدم الكعبة أهون عند الله من دم المسلم؟
هل ثمة منفعة تنفي دم مهدور؟ الإسلام قيم عدل وحقوق. أجاب لعله فعل برغماتي، قلت إذا: دعوا الدين جانباً.
في القيمة يسقطون. معرفة وقريب من المشيخة يفتش عن زوجة لابنه الحافظ والمجاز قراءة في القرآن، لا يجد الا ابنة ضابط سابق من المقربين لرفعت الأسد ممن نزعوا الحجاب عن رؤوس النساء في شوارع دمشق في ثمانينات القرن العشرين. قال: مصلحة. قلت اذا اتركوا الدين. وفي سياق الحديث خلص إلى القول: “إذا بدهم شيء بيعملوه”. قلت والدماءالتي أريقت؟ ما قيمتها؟ لعلهم اجتهدوا فلهم أجر وليس أجران.
التدين آفة الإسلام اليوم. يسير في كنسنة مكانية تعبدية ينتهي مع تسليمة الخروج من الصلاة. مرفقا بدعاء وتسبيح. إنها أقرب إلى (رشوة الله) ومعاذ الله جل وعلا من ذلك. في المقابل يحدثك عن: عدم صحة لبس الساعة في اليد اليسرى. وعن ادعية دخول الحمام. عندما يعرف الإسلام فهو دين عدل. حقوق. واجبات. ثم عبادات تنظم النفس والسلوك. العباءة باتت قناع، والعمامة أداة سوق قطيع. المسلم بات مسلوب الإرادة والتفكير أمام مشيخة لا يمكن تبرئتها من ارتباط أو تخاذل.
ابتعد عن المشهد وراقب المخرجات مشيخة تدعي الثورية وفي نفس الوقت تقيم عزاءات لمن يمجد قاتلك. لعلنا في ظاهرة او متلازمة (المشيخية). في الأزمات تتبلور.
في المنهاج المدرسي الذي نشر في المحرر، كانت رسوم مسيئة للنبي محمد وجعله (كيوتا) عصريا يلبس جنز ويستقبل ابنته من الحافلة…و…و…وعند الاعتراض يبدأ (التكفير. التبرير. الاتهام). مع أن لجنة الإشراف والتأليف أساتذة شريعة ومشيخيات.
في رصد التبريرات. حصل خطأ ، شوفيها؟
في اجازة طبع صفحة او اعلان يذيل أسفله. توقيع معد. مصحح. موافق نشر. ثم اعتماد. لو قلنا فقط اهتمام مهني لقاء اجر فأين هو؟
ظاهرة تكفير الاخر وتفسيقه ملازمة لهذه المشيخة اللدنة والمرنة مع الآخر و الحدية مع أبناءها . قرأت لمفكر ولمنظر إسلامي في رده دفاعا عن لجان المنهج المدرسي . أين أنتم عندما كان الرشيد ومعاذ يعلمون أهالي دير الزور والجزيرة دينهم ؟ ألا يكفي. شغلت دمشق وسوريا مدة سنتين بحوث فتوى لإثبات ان (البيرة المكتوب عليها منزوعة الكحول حرام) وعندها تساوت البيرة الكحولية حرمة مع غير الكحولية لينشط بيع الكحولية التابعة لمصنع جديد محلي. ألم يمر عليهم: من تحدث في حرمة الزنا في مجتمع قد تفشى فيه الربا فقد خان؟! أعود هموم الأمة إقامة عدل. حرية. وحقوق. بينما كانت تغوص سوريا والمجتمع المسلم في فساد مالي وأخلاقي عميق . العالم الإسلامي اليوم ممسوخ يسمي الشيخ عالما مفكرا وباحثا. وهو لم يأت بجديد ولم يبحث ولم يجدد. شيخ جاهز للفتوى ونقيضها. يحكى أنه ايام السادات جمع المشيخة وقال اني ذاهب إلى تل أبيب. فقالوا: “وإن جنحوا للسلم”. ونسوا “لن ترضى عليك اليهود”. ولو قال سأحارب لقالوا: قاتلوالكفار.
أمور الدول لا تقوم على فتوى بل على الرأي في الاختصاص والخبرة والمعرفة، اما التجييش وقيادة القطيع فهي للايديولوجيا مشيخية او حزبية.
في مراقبة المشهد من بعيد لن تخرج عن عدة تصورات.
ناتجة من مرضع واحد في تعدد تجلياته، مشيخية، قومية، ليبرالية، تثير فوضى وتنافراً وتخلق أزمات، في وقت باتت فيه إدارة الازمة هي الاستراتجيا وليس البحث عن حل.
ويحكى أن عضوا سابقا في المجلس الإسلامي السوري يشغل إلى اليوم مستشارا في المجلس الكنائس العالمي ثم في مؤسسة تربوية تابعة للمجلس الكنائس العالمي، وكان من المقررين في المنهاج المدرسي المسيء، والذي وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمحاسبة القائمين عليه في اجتماع أمام ٤٠ مفتي علناً، ثم طوي الملف!
الإسلام اليوم مناط به ثورة واعية على الكهنوت ومستمدة من قيم عليا وعادلة، لا من شعارات تُؤكل عندما نجوع، مثلما كانت تفعل الجاهلية بأصنام التمر.
ومن هنا الانطلاق نحو القيمة.