الثورة السورية: انتصار للسوريين والمنطقة والعالم وتدمير الهلال الشيعي
الثورة السورية نجحت في تمزيق هذا الهلال عبر مقاومة شرسة من الشعب السوري، وفضحت الأجندة الطائفية التي حاولت إيران فرضها
بلال الخلف – العربي القديم
بعد 14 عامًا من الكفاح المرير، حققت الثورة السورية انتصارًا يتجاوز حدود سوريا الجغرافية، ليغدو بارقة أمل وتغيير إيجابي للمنطقة والعالم بأسره. لم يكن هذا النصر محصورًا في إسقاط نظام ديكتاتوري أو تحقيق مطالب الحرية فحسب، بل أوجد أثرًا عميقًا في توازنات القوى، والسياسات الإقليمية، والأمن الدولي، وهو ما يمكن تفصيله في المحاور التالية:
1. تدمير الهلال الشيعي وإجهاض مشروع التمدد الإيراني
لطالما سعت إيران إلى بناء ما يُعرف بـ”الهلال الشيعي”، وهو خط نفوذ يمتد من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق. كان النظام السوري حجر الزاوية في هذا المشروع، حيث أتاح لإيران ومليشياتها السيطرة على مفاصل سوريا واستخدامها كمعبر استراتيجي لتعزيز وجودها في لبنان وتغذية حزب الله بالأسلحة والدعم اللوجستي.
غير أن الثورة السورية نجحت في تمزيق هذا الهلال عبر مقاومة شرسة من الشعب السوري، وفضحت الأجندة الطائفية التي حاولت إيران فرضها. ومع انحسار سيطرة النظام على مساحات واسعة من سوريا، انقطع هذا الشريان الاستراتيجي، مما أضعف نفوذ إيران الإقليمي وكسر أطماعها التوسعية.
2. وقف تجارة الكبتاغون وتفكيك معامل السموم
تحول النظام السوري خلال سنوات حكمه إلى مصنع للمخدرات، وأصبح الكبتاغون أحد أهم صادراته غير المشروعة، لتدعيم اقتصاده المتهالك وتمويل آلة القمع العسكرية. بفضل الثورة، تم الكشف عن العديد من معامل تصنيع الكبتاغون التي يديرها النظام وأعوانه، حيث أظهرت تقارير كثيرة أن كميات ضخمة من هذه السموم كانت موجهة للأسواق الإقليمية والدولية.
نجاح الثوار في فضح وتفكيك هذه الشبكات الإجرامية حمى العديد من المجتمعات من خطر الإدمان والتفكك الاجتماعي، وقطع مصدرًا ماليًا رئيسيًا لنظام الأسد وشركائه. هذا الإنجاز ساهم في تعزيز الأمن الدولي وتقليص تدفق المخدرات إلى الدول العربية والأوروبية.
3. كبح الغطرسة السياسية على الدول العربية
لطالما مارس النظام السوري دور “الوصي” على السياسة اللبنانية، متحكمًا في قرارات رؤسائها وأحزابها عبر ترهيبهم أو ترغيبهم. كما شكلت سياسات الأسد تهديدًا مستمرًا لاستقرار المنطقة من خلال التدخل في شؤون دول الجوار والتآمر على حكوماتها.
لكن الثورة السورية سحبت من هذا النظام القدرة على مواصلة تدخلاته، فأصبح مشغولًا ببقائه وبقمع شعبه، مما أعطى لبنان والعراق فرصة أكبر للخروج من تحت الهيمنة السورية والإيرانية. أدى هذا إلى إعادة بعض التوازن إلى المشهد العربي ومنع استمرار استقواء النظام على دول الجوار.
4. دعم استقرار المنطقة عبر إضعاف الإرهاب
رغم ظهور الجماعات المتطرفة نتيجة الفوضى التي خلقها النظام، إلا أن الثورة السورية في جوهرها قاومت كل أشكال الطغيان والتطرف. وقد أثبت السوريون في العديد من المناطق المحررة قدرتهم على بناء إدارات مدنية وحكم محلي مستقر بعيدًا عن الإرهاب، مما ساهم في استقرار هذه المناطق نسبيًا مقارنة بمناطق سيطرة النظام.
إن انتصار الثورة السورية ليس مجرد إسقاط لنظام مستبد، بل هو تغيير جذري في بنية المنطقة وعلاقاتها الدولية. لقد أوقف مشروعًا طائفيًا توسعيًا، وفضح تجارة الموت، ومنع استبدادًا كان يُخيم على العرب. ورغم التضحيات الجسيمة، فإن هذا الانتصار سيبقى نورًا يهتدي به كل من يناضل من أجل الحرية والكرامة.