حصان الشرع: كيف يُصنع الإلهاء السياسي والمجتمعي
مشهد الفروسية ليس بريئاً، بل هو محاولة لصناعة صورة الزعيم القوي المسيطر

سامي زرقة – العربي القديم
في زمن تتزايد فيه الأزمات المعيشية وتتصاعد فيه الأوضاع الاقتصادية سوءاً، يبرز مشهد الرئيس السوري أحمد الشرع وهو يمتطي حصاناً، صورة لا تختلف كثيرًا عن مشاهد قديمة لرئيس النظام السابق بشار الأسد في أوضاع مشابهة.. هذه المشاهد، رغم بساطتها الظاهرة، قد تحمل بين طياتها رسائل سياسية تتجاوز الإطار الترفيهي الذي قد يبدو للوهلة الأولى.
صناعة الرمز.. من الترفيه إلى الإلهاء
لطالما استخدم القادة السياسيون الرموز البصرية للتأثير على الجماهير، وتشكيل صورة ذهنية مرتبطة بالقوة أو البساطة أو القرب من الشعب.. مشهد الفروسية، في هذا السياق، ليس بريئاً، بل هو محاولة لصناعة صورة الزعيم القوي المسيطر على زمام الأمور.. غير أن السؤال الأهم: هل هذه الصور تقدم حلاً للأزمات الحقيقية؟
الإلهاء عن القضايا الأساسية
بينما تتصدر صور الحصان المشهد الإعلامي، تُهمَّش القضايا الحقيقية التي يعاني منها المواطن السوري يومياً.. مشكلات تحسين الواقع المعيشي، الإصلاحات الاقتصادية، وتدهور الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم، تغيب عن الأجندة السياسية والإعلامية.. يبدو أن التركيز على هذه المشاهد البصرية يخدم غرضاً واحداً: إلهاء الجمهور عن قضاياه اليومية.
التاريخ يعيد نفسه: من الأسد إلى الشرع
ما نشهده اليوم ليس جديداً، بل هو تكرار لأساليب قديمة استخدمها النظام السابق، حيث كانت الصور المصممة بعناية تُستخدم لصرف الأنظار عن الأزمات المتفاقمة.. إذا كان الأسد قد استخدم صور ركوب الخيل أو ممارسة الرياضة لبناء صورة القائد القوي، فإن الشرع يبدو أنه يسير على ذات النهج.
الحاجة إلى خطاب جديد
بدلاً من التركيز على الصور الرمزية، يحتاج السوريون إلى خطاب سياسي حقيقي يواجه التحديات بجدية. المطلوب اليوم هو تقديم حلول واقعية للأزمات الاقتصادية، ودفع عجلة إحلال السلم الأهلي، وتعزيز التماسك الاجتماعي، لا صناعة مشاهد رمزية تستهلكها وسائل الإعلام بلا جدوى.
متى ينتهي زمن الإلهاء؟
قد تكون الصور وسيلة قوية للتأثير النفسي، لكنها عاجزة عن تغيير الواقع المأزوم.. المطلوب اليوم هو الانتقال من السياسات الاستعراضية إلى الإصلاحات الفعلية التي تعالج جذور الأزمات وتستجيب لتطلعات السوريين في حياة كريمة ومستقبل أفضل.. وإلا، فستظل الصور مجرد وسائل لإلهاء شعب يعاني تحت وطأة الأزمات المتراكمة.