العربي الآن

كيف نعت بي بي سي ووزارة إعلام الأسد عساف عبود.. ولماذا غابت تفاصيل سيرته "المهنية"؟!

العربي القديم – خاص:

نعت الخدمة العالمية لشبكة (بي بي سي) مراسلها في دمشق عساف عبود، الذي رحل أمس في الخامس والعشرين من شباط/ فبراير الجاري، عن سبعة وستين عاماً، قائلة: “نشعر بأسف عميق لإعلان وفاة مراسل بي بي سي نيوز عربي عساف عبود، الذي وافته المنية هذا الصباح بين عائلته بعد فترة من المرض”.

وبخلاف كثير من السوريين الذي رأوا في عمل عبود غير المهني انحيازاً سافراً لروايات النظام الاستبداد الدموي في دمشق، فقد أشادت المؤسسة بتقارير عساف عبود واصفة إياها بأنها “اتسمت بالجرأة الكبيرة والنزاهة في معالجة الأخبار والقصص التي كان ينقلها من أنحاء سوريا، لاسيما في السنوات العشر الماضية”.

وجاء نعي وزارة الإعلام السورية التابعة لنظام الأسد، ووصفها لعساف عبود في بيانها بأنه  المقتضب  بأنه “تمتع بمسيرة إعلامية حافلة استمرت لأكثر من 40 عاماً”. كشهادة دامغة على انحيازه وانتمائه لنظام الأسد، إذ لم تعتد وزاراته نعي المعارضين له، أو حتى الذين وقفوا على الحياد وأشاروا ولو إشارة إلى أي من جرائمه وتجاوزاته. لكن كان لافتا أن البيان الذي نشرته سانا جاء مقتضبا جداً، ولم يشر إلى أي من تفاصيل سيرته في مجال الإعلام، حيث يعرف الكثيرون أن عساف عبود دخل الإعلام من بوابة المخابرات، وكان مقرباً من اللواء بهجت سليمان رئيس فرع الأمن الداخلي، حين جمع حوله ثلة من الصحفيين والمثقفين في بداية توريث الحكم لبشار الأسد لإدارة بروباغندا دعائية تستهدف تلميع صورة النظام والترويج لتحولاته الوهمية، كما أن انتماءه المسيحي جعله في تسعينيات القرن العشرين، أحد الصحفيين الذين يحظون برعاية جبران كورية (مدير المكتب الصحافي في القصر الجمهوري في عهد حافظ الأسد)، الذي كان يفتح لهم الأبواب، ويمنحهم اعتمادات مراسلة الصحف والمجلات والمؤسسات الإعلامية الخارجية التي لم يكن بالإمكان الحصول عليها، دون ترشيح وموافقة النظام السوري.

وكان لافتاً أن البي بي سي، لم تذكر شيئا من السيرة المهنية لعساف عبود، ولا اختصاصه الجامعي، ولا الشهادات التي يحملها، ولا الدورات التدريبة التي اتبعها في الإعلام أو سواه، خارج العبارات الإنشائية الفضفاضة، التي أسبغت عليه صفات غير مقرونة بأي إدلة أو قرائن!

وينتمي عساف عبود لأسرة مسيحية من طائفة الروم الكاثوليك، وهو من مواليد مدينة صافيتا على الساحل السوري عام 1957 ومتزوج  من الدكتورة نهلة فاضل حواط ولديه ولدين.

ووصف الإعلامي السوري أحمد كامل الذي سبق أن عمل في بي بي سي، عساف عبود في منشور له على صفحته على (فيسبوك) بأنه: “أكبر عار على جبين بي بي سي منذ وجدت حتى اليوم” وقال في منشور له، أرفقه بصورة لعبود مع ضباط الجيش السوري أثناء قصف مدينة حلب وتهجير أهلها:

“مات عساف عبود مراسل البي بي سي عربي في سورية، رحل أكبر عار على جبين البي بي سي منذ وجدت حتى اليوم. هو الأول من اليمين في هذه الصورة التي تضمه ضاحكاً مع مجموعة من كبار ضباط الجيش السوري، من مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية بحق السنة العرب السوريين. الصورة في حلب بتاريخ ١٠ / ٩ / ٢٠١٦ حين كان هؤلاء السفاحون الضاحكون يقصفون الأطفال والنساء والرجال المدنيين في حلب عشوائياً بألوف براميل المتفجرات وصواريخ سكود”.

وأضاف أحمد كامل أن عساف عبود لم يكن صحفياً: “كان ممثل النظام الإبادي العلوي لدى بي بي سي، ولم يكن صحفياً، وكان يشكل ضمن بي بي سي عصابة (مجموعة مراسلين ومذيعين ومحررين وتقنيين) تدعم النظام الابادي الأسدي، وتبرر المذبحة العظمى التي ارتكبها وما زال يرتكبها بحق السنة العرب في سورية (١٠ ملايين بين قتيل ومصاب ومعتقل ومهجر قسرياً) “.

عساف عبود ضاحكاً مع ضباط نظام الأسد أثناء حصار حلب عام 2016

 وقال الصحفي في قناة الجزيرة سابقاً، أحمد موفق زيدان في منشور له على منصة إكس:

“رحل عساف عبود بعد رحلة تشبيحية إعلامية لعقود، منحازة للأسد ومحتلي الشام. كان يستفزني ويستفز كل ثائر ظهوره، وتبريره السخيف لجرائم الأسديين. لن ينسى السورييون مرحلة سوداء من تاريخ المحطة”.

وكتب الكاتب الساخر علاء طرقجي منشورا ساخرا على صفحته على (فيسبوك) اتهم به عساف عبود بالكذب، وقال:

” مدير مكتب BBC العربية في دمشق، الكذّاب في نقل الصورة الحقيقية لحصار حلب، والمروّج لنظام الأسد والمدافع عن جرائمه والمُحب للجيش العربي السوري وبطولاته عساف عبود يذهب لعند حافظ لاجراء مقابلة معه ….. لروحه علبة متّة بيبوري….”

ورافق عساف عبود قوات نظام الأسد خلال حصار حلب، وفي 14 من أيلول 2016، نشرت القناة تقريراً لمراسلها (عساف عبود) احتوى على أخطاء مهنية ومغالطات تاريخية واضحة. وظهر عبود على طريق “الكاستيلو” شمال حلب، زاعماً أن هذا الطريق سيشهد دخولًا لقوافل الشاحنات الإغاثية الأممية إلى مدينة حلب.. وهو ما لم يسمح به النظام، وقال  في تقريره إن طريق “الكاستيلو” كان خاضعًا لسيطرة “المعارضة المسلحة” لعدة أشهر، في حين سيطرت  المعارضة على هذا الطريق الحيوي “الكاستيلو” حوالي ثلاث سنوات كما هو مثبت، ناهيك عن العديد من المغالطات والأكاذيب التي تتعلق بسرد الوقائع التي كانت تحفل بها تقاريره علناً.

وفي عام 2017 ظهر عساف عبود ضمن الوفد الإعلامي التابع لنظام الأسد في أستانة، إلى جانب مدير عام هيئة افذاعة والتلفزيون الرسمية، وقد غضت البي بي سي الطرق عن هذا التجاوز الذي ينال من استقلالية عمله كمراسل لها، ما دفع الكثيرون لاتهام إدراتها بالتواطؤ وخرق تقاليد الهيئة البريطانية المهنية.

عساف عبود مع وفد نظام الأسد إلى أستانة عام 2017 إلى جانب مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون عماد سارة

وأعلنت أصدقاء عساف عبود أنه ستقام صلاة الجنازة في كنيسة القديس نيقولاس للروم الكاثوليك في صافيتا يوم غد الثلاثاء عند الثالثة والنصف عصراً، حيث سيدفن عبود في مسقط رأسه.

زر الذهاب إلى الأعلى