العربي الآن

الأسد في حضن الوهم: هل ساهمت إيران في عزلته... وهل يقيده العرب بالصمت؟

إيمان أبو عساف – العربي القديم

في قمة المنامة يظهر مسود الوجه وهو كظيم

وفي جنازة إبراهيم رئيسي يرسل مستشاريه ورئيس حكومته ظاناً أنه قد قام بالواجب، قبل أن يأتيه “صوتاً هاتفاً في السحر” على نحو ما صوره المبدع علي فرزات، فيهرول لأداء واجب العزاء بعد انتهاء مراسم العزاء  

وسواء هنا أو هناك فهو أمام  أمر واحد: العودة إلى المحيط العربي ضمن شروط  تعيد لسورية هيبتها  وتصنع هويتها، على يد من فقد سوريته وهويته معاً!   

لقد تنازعت داخل الأسد  صراعات متعلقة بكل شيء إلا سورية الوطن. من المؤكد أنه كان يعتقد لٱخر لحظة أنه يستطيع لعب دوره المعروف في المماطلة والكذب واللعب على الحبال  وتذاكى في وقت غير مناسب…. فلا الأرض له ولا موقع سياسي له، حتى أنه – في أكثر من مناسبة – فقد البرتوكول الذي يليق برئيس!    

وتبلغ ما كان يجب أن يتبلغه  وقبل أن ينوي على أي شيء… كأن صبر إيران قد نفذ وأملها قد تبدد… فعلى ما يبدو تملك عقل الولي الفقيه قناعة مفادها أننا حجمنا الأسد الصغير حتى لم يعد يره أحد… فغدا صورة  قليلة الهيبة، معزولا حتى لو دعي لحضور قمة ملوك وؤساء!

وما بين هذا التهميش النابع من عدم الثقة، وبين ما يحتاجه من دعم وثقة  على الدوام بسبب استمرائه المستمر للكذب وعدم التزامه بالوعود… تضيع صورة الأسد وسط ضباب الوقائع  والاتهامات… فهو المتهم بأنه يسرّب لإسرائيل  إحداثيات أماكن توا جد عسكريي وضباط إيران على الأراضي السورية… وهو متهم أن بوادر الانقلاب على إيران التي أحسنت له وفضلت عليه قد بدأت  تلوح نذرها في الأفق… وتتسرب من تكهنات دوائر الاستخبارات!  

ولقد أخذ الأسد يتصرف بملف الاقتصاد عبر أذرع ناعمة واهما أن الأمر سينطلي  على خبث إيران ولاية الفقيه، فكان الارتباك سيد المشهد.. والتخبط عنوان الشك والتثبت!

 إنه التعايش المستحيل بين مشروع فارسي يرفضه العرب وإن هادونه، وبين حلم العودة الى إهاب البعث الذي ستر تاريخ الأسرة الأسدية بشعارات القومية العائمة فوق جذرها الطائفي المكشوف!

ما يستطيعه الأسد محدود، وجدا محدود إزاء الشراك الإيرانية التي تطوقه والحضن العربي الذي يهمله ويحاول استمالته… والعرب بقيادة السعودية والخليج  تنتظر منه خطوات إيجابية لا وعود خلبية… وإيران تريد تصفية حساباً سريعاً والعودة إلى تاريخ أصّلته طوال عقود مع النظام، معتبرة أن ما قامت به من صلب عقيدتها  وأن سورية – كما ضاحية حزب الله وجنوبه-  ولاية أو محافظة أو أي تسمية جيوسياسية ليس مهما… لكن هي حكما أرض للملالي وللأطماع الفارسية!  

والأسد الذي عبد السلطة وطلب حماية شرقية وغربية  ليرث ويورث، لا يمكن أن يعود إلى نقطة الصفر والبداية من جديد. فمن قطع منذ البداية مع شعبه يستحيل أن ينسج آي بداية جديدة صالحة بمعزل عن رضا الشعب… لقد تراكمت عليه ديون الدم  والمقامرة بسورية بيع ومنح ودين للغرباء، وليس لديه إلا خطاب وفعل يخص الوطن كشعار مضلل وواقع لايعد إلا بالعجز وجوازات السفر  ليس إلا… وشخصية معقدة مثل الاسد هي محكومة  بخيوط اللعبة التي قدم سورية مسرحا لها

لذا هو ناكر للواقع منكر للمنطق والحقائق المتعلقة بالوضع السوري. والقضية برمتها عنده  ان ينتمي ظاهريا الى محيطه العربي وسرا إلى دولة الولي الفقيه، حيث تقيم الرجعية سلطتها الملهمة، وثورتها القابلة للتصدير من سرداب المهدي المنتظر… فلعله بذلك  يمتلك زمام سلطة انفلتت كليه من يده!

أي مشروع هذا الذي ينويه الأسد الصغير وتحت أي سند وغطاء؟!

فلا مشروع الله الايراني سيقبله وهو متلبس بالخيانة. ولا السعودية تثق به رغم انها مازالت تعطيه الفرص غير ملولة ولا عجولة  كي يعبر بسورية  من وهمه المتعلق بالغرباء ومصلحته الخاصة إلى حقيقة الانتماء العربي الذي تشكل فيه سوريا واسطة عقد تاريخي لا يمكن لأي أحمق تجاهله!  

الاسد يهرب  كما الصبية  ويلوذ مخفيا وجهه وكل جسده مكشوف حتى العراء… ولو كان شخصية تنتمي لتاريخ وطني لاختار فعلا وطنه ولو كانت الأثمان باهظة جدا… ولكنه وعلى عجل يسارع لعزل زوجته مدعيا مرضها ويشهد قتل رئيسي  ورهطه بالتزامن متفرجاً… فتطلب منه ايران البقاء في دمشق الى حين الطلب.

وبعد مراسم وجلبة تكهنات وشروح واستنتاجات. يستدعيه خامنئي, يذهب دون أي صفة مثل جندي تم استدعائه على عجل ويظهر مع رىيس الوزراء  والى جانبه ضمن الوفد  ويلقن درسا في ضبط النفس والالتزام بخط المفاومة الذي اخترع له تاريخاً يناسب ميول ايران الملالي

ويعود إلى البلاد  بهلوانا لا يجاريه أي بهلوان لاهٍ… ويخوض من جديد لعبه الوهم ناكصا نخو ولايه الفقيه التي احكمت الرتاج عليه…

فقسم من ارض سورية..تملكتها مع إبقائها في حالة دمار وفقر… والثروة السورية المتمثلة بالبترول والفوسفات تتصدق بهما أمريكا وإيران على مالكيها. ومن الملفت أن إيران عزلته موضحة له فقدان ثقتها به، ويقينها بأنه يحاول الانقلاب عليها… ولكنها تصبر عليه ريثما تمضي مرحلة حاسمة في المنطقة!

يقوم فيها الاسد بدور وظيفي متعلق  بإعطاء ايران مرجعية وسلطان. وهاهو الاسد يقبع في حضن الوهم  ليس له حق الاستقبال أو الظهور او التصريح والسؤال هنا هل يدرك الوريث اي التباس في مسلكه وضميره وجوانيته؟

أعتقد أن الأمر أسقط من يده وعليه أن يخر صاغرا  لولاية الفقيه ريثما تقرر إيران  مصيره…. إنها تتعقبه في عزلته  ولا تصدق مزاعمه في عقيدة المقاومة، فبشار الأسد الذي باع حتى شخصه  محكوم بسلف ودين، وليس لديه أي قول في أي مشروع.. وليس من شيم قوانين الطبيعة وسنن التغيير ولو تأخرت، إلا أن تعبر دون رحمة فوق المرحلة الأقسى والأكثر هزلية في التاريخ….!

زر الذهاب إلى الأعلى