فنون وآداب

مقامة ساخرة | السيرة الذاتية لرضوان الدهان

كتبها: محمد زاهر حمودة

أحدثكم عن عمي رضوان الدهّان  في مقامة زاهرة البنيان… لا شعر فيها ولا معيار… ولا شويعر يُدخله شيطان الشعر الأفنان…  وإن خيل لكم أن فيها من الأشعار مَسْ… فهو مَسٌ من جنون الأمس… فما أنا بشاعر ولا قرضت الشعر… وإنما هازل والهزل في الآلام والسياسة تبصرٌ وتفكّر وكياسة.

-1-

عمي رضوان دهان / يحلم ببحرٍ من جدران/ لا يعرف قدْر الإنسان/ ولدٌ قد ترك المدرسة/ كره الحساب والشرح والفلسفة/ “المال أهم من العرفان” / مبكراً أفتى الكسلان

-2-

ينتفع من غش الطيّان / يستر عورات الجدران/ بمعجونٍ وأصناف دهان/ بموادٍ وأضدادٍ وبورسلان/ ويخالُ الجدار المتهالك/ وكأنه من غرف السلطان

-3-

إن جاءه يوم زبونان/ أحدهما مسكين كحيان/ والآخر مسؤول فسدان/ ذاك لديه جدار متعفن/ لبناءٍ هشٍ مغشوش/ سيجادل بالأجرة يومان/ وسيترك من يسمع مدهوش / فالجيب فقيرٌ تعبان/ يعبس معلمُنا رضوان/ فهو زبونٌ جربان/ فيُرسلُ شَغّيلاً غراً كغلام/ يُنهي بسرعةٍ وسلام!

وأما الآخر فيا سلام/ فهو من حرس السلطان/ لديه بيتان كبيران/ أحدهما في حيِّ الجِنان / والثاني فيلّا ببستان / لا تسل كيف قد كان / لا تقل عن ماله حرام / فذاك زبونٌ ملآن / ينتظره كلُّ فهمان/ يحتاج إكساءً ورخام/ وزخارفَ أشكالٍ ألوان سُقُفٌ واسعة وحيطان/ حمامٌ فخمٌ وغرانيت/ لصاحبِ كرشٍ ملآن / فهو حربوقٌ سعدان/ أمضى دهراً في الولاء/ ودهران في بيع الأعضاء/ وصار زعيماً للزعران/ جمع أموالاً أطنان/ فبنى واشترى البيتين/ أنهى أعمال الإنشاء/ وجاء دور الإكساء/ فرأينا شطارة العيْنتين/ ومن كل أبناء المهنة/ وقع الحظ على رضوان/ سيصبح له واسطةً عُليا/ ويشتهر صيت الدهّان

إن غارت امرأة الباشا / سيطلبه بعد صديقان/ دَسمٌ أم عسل النظام / رضوانٌ أضحى فرحان

-4 –

سيغيّر نوع الدخّان/ سيغرق في سلّة تين / لا يسأل عن جيم أو سين /  ويلبي دعَوات الفَلَتان /  ويسكر في ليل الحانات/ ويُخبر عن أهل الأحزان/ من يشكو خائن أوطان/ فبعد أن غنمَ وحصَد / ازداد ولاؤه وحقَد / على كل معارضٍ غيران/ ينتقد فساد السلطان/ شتّامٌ لزبائنه الكرام/ يقلق عبقري الدِّهان/ من كلام معارضٍ فهمان/ لو دانت لهم الأيام/ وتغير وجه  النظام/ كوابيسٌ تُذهب المنام / ونهاية نعيمٍ ورِضوان/ إن زال وذهب الطغيان/ فممن سيرتزق الدهّان؟! ياللحسرة والفقدان

5 –

لما قامت ثورة جيل / صُعقَ بِرُهابٍ ثقيل/ سيزول زمن التبجيل/ لن يحتاج أبرهة لفيل/ ما العمل يا أهل الحيلة؟!/ من بعدكم ما نبت فسيل

-6-

عُرِضَ عليه إنشاء فصيل/ يتزعمه بشعارٍ مُبهر/ يخدم به بقاء الحال المُبهر/ يسرقُ ويُرعب ويُخبر / بهجومٍ وانسحابٍ مُنسَّق/ من الأسيادِ مدّبر مُخططٌ/ فيا هذا أبدا لا تقلق/ أنت زعيمه وعناصرك لصوص/ من سجوننا نُطلقهم يا فسفوس/ هيا اغتنم الفرصة يا حبّاب/ تدبيرنا محكمٌ فلا ترتاب

-7-

بدأ الشك لدى الثوار/ اختراقٌ يا أبطال/ فصيل يعمل كالأشرار / يهدم عمل الأحرار/ يخدعنا برفع شعار/ البناءَ أردنا منذ انطلقنا/  ويريدون الانهيار/ من أين جاء هؤلاء؟!/ معظمهم عنّا غرباء/ بالكاد نعرف أصل أحدهم/ نعرف فقط اسم زعيمهم / كان من عامة الشعب دهّاناً / لكل ألوان الطلاء مستعد / يقول أنه ثار ضد المستبد

-8-

أحسَّ العم بالخطر/ فاستنجد بمُوجّهِه المُفتخَر/ فأشار عليه ذو التوجيه الخبير/ بالانضمامٍ لفيلقٍ كبير/ هدفه أكبر/ شعاره يُؤثَر / نصرةٌ وخلافة/ الله أكبر/ ما هذه الحصافة / يُجهزّونه منذ مدة/ ينتظرون نضوج اللحية/ فلما طالت كالمطلوب/ ظهر السلفيُّ المرغوب/ جيشٌ يحتاج فصائل/ فكن منهم واحظَ بالفضائل/ لن يغفر لك أحدٌ يا رضوان/ فارفع معهم راية الإسلام / كلُّ لاعبٍ معنا سيستفيد/ وحصتك من أرباحنا تزيد/ وكلُّ عرضٍ له ألف مجيب

-9-

استجاب العم للطلبات/ فهو وضيع الحاجات/ درويشٌ فقير الحيلات/ حشروه القادة الأحباب/ وعلِقَ بليدُ الألباب/ بقوله كبارٌ مدعومون/ ونحن صغارٌ مطيعون/ مُسيَّرون على ما يرسمون/ ورّطوه فولج السرداب/ مَخرَجه بيد الأسياد

-10-

بعد زمانٍ وأحايين/ حان وقت التسليم العظيم/ فانسحبوا إلى شمال الشمال/ وهدموا أحلام الأجيال/ وخانوا النسوة والأطفال/ قبضوا الأجر على العهر/ ركبوا باصاتٍ خضر/ وعمّ الفساد وانتهى الأمر

-11-

الآن الدهّان غني/ في جنة المحرر بلطجي/ يقطع طرقاتٍ بإتاوة/ ومطاعم كباب وبقلاوة/ ومخدرات مشكَّل ياحلاوة/ عميلٌ لكل المحتلّين/ خدّامٌ لكل الطيبين/ بأجرٍ لذيذ وبرغي وإسفين/ طلبكم واصل في أقرب حين

-12-

انتشر مؤخراً خبر لعين/ قتلوا حسن وصفي الدين/ سيكسب الحرب بنيامين/ سيتوقف سوق الكبتاغون / وتنقلب الغلبة على الغالبين/ وقت البسبور المخبأ حان/ فلكل فجر جديد أذان / ستغادر بحقيبة أموال/ وصفتك رجل أعمال/ عصامي بكل الأحوال / تستقبلك بلاد كثيرة/ وتخفي ماضيك تحت رزم أموالك الوفيرة /  وتستمهِلُكَ كي تستكمل المسيرة/  وتستعملك بلا جَريرة/ فأنت مطواع حبَّاب / ورزقُ أمثالكَ مزراب/ مخابرات الدنيا ستهواك /  ومن عرفك لن ينساك

زر الذهاب إلى الأعلى